ما بعد الصواريخ الإيرانية.. الكيان يزداد سُعاراً و تحشيدات أميركية – فرنسية.. أي اعتبارات إقليمية دولية ما زالت تحكم الحرب الموسعة؟
تشرين – هبا علي أحمد:
حتى تتكشف التداعيات المقبلة عما بعد الرد الإيراني، إسرائيلياً وأميركياً، فإن هذا الرد سيبقى محل تحليل وتمحيص لناحية حجمه ومداه وتأثيراته في سياق صوت الحرب القائم ليل نهار في المنطقة، من دون القدرة على تحديد ما إذا كان هذا الرد وتهديد «إسرائيل» بالرد عليه سيقربان المنطقة أكثر من دائرة الحرب الموسعة، أم إنها ستبقى محصورة في ميدان لبنان، مع الأخذ بالاعتبار كل ما يحكم الحرب الموسعة من اعتبارات إقليمية سواء على مستوى الدول أو على مستوى جبهات الإسناد، ومع الأخذ بالاعتبار أيضاً شكل ومكان الرد على الرد، هل سيطول الداخل الإيراني، أم سيطول مواقع يزعم الكيان ارتباطها بإيران على مساحات جغرافية إقليمية ودولية؟.. وعليه ستكون لكلا الخيارين اعتباراتهما وتداعياتهما وتطوراتهما، مع التأكيد أن كل ساعة تمضي ليست كما قبلها.
الأنظار على أميركا
وإلى حين تتكشف التداعيات المقبلة وحجم الضرر الذي لحق بكيان الاحتلال، فإن الأنظار يجب أن تكون مُركزة وموجهة على أميركا بتحليلاتها وتصريحاتها وتبني المواقف، وعليه يُمكن اكتشاف بعض من ملامح المرحلة المقبلة وربما لحظة وتوقيت الانفجار، على اعتبار أن أميركا هي من يتولى موضوع التسريبات، وعليه فإن الرد الإسرائيلي على الرد يمكن استنباطه من التحذيرات والتسريبات، تماماً كما كان مع موضوع العملية البرية الإسرائيلية التي لم تقع حتى اللحظة، وتماماً كما كان في الرد الإيراني أمس، حيث سربت واشنطن معلومات حول توقيت الرد، كما أن أميركا مع اقتراب موعد انتخاباتها بعد ما يُقارب الشهر، تتولى موضوع التصريحات والتسريبات لتكون في المنتصف مبدئياً ومن ثم تذهب باتجاه تنفيذ التهديدات الإسرائيلية ومساندتها لكن بعد الانتخابات، وكل حدث يجري مرهون بالانتخابات وما بعدها، فواشنطن تعتمد مبدأ التصعيد المُتدرج وصولاً إلى إيصال الجميع إلى نقطة الانفجار، ولا سيما في ظل التحشيدات العسكرية الأميركية والفرنسية.. أما إذا لم نصل إلى نقطة الانفجار، فالخيار الآخر الجلوس مع الجميع على طاولة مفاوضات أشبه ما تكون بالحرب، تفرض من خلالها واشنطن شروطها الإسرائيلية.
حتى تتكشف التداعيات المقبلة عما بعد الرد الإيراني إسرائيلياً وأميركياً فإن هذا الرد سيبقى محل تحليل لناحية حجمه ومداه وتأثيراته
من هنا كان توجه طهران المباشر نحو واشنطن، إذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: إن طهران أبلغت الولايات المتحدة بأن الرد المقبل سيكون أقسى في حال الاعتداء على إيران، مضيفاً: أرسلنا رسالة بعد العملية الصاروخية إلى الولايات المتحدة عبر سويسرا وحذرناها من تدخل أي طرف ثالث، في حين حذر رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف حكومة وجيش الاحتلال بالقول: قواتنا المسلحة قامت بوضع خطة مفاجئة للأعداء، وردنا التالي سيكون على مستوى مختلف تماماً، مضيفاً: في حال حاول الكيان الصهيوني الاعتداء على إيران، فإنه نحو الزوال والانهيار بسرعة أكبر.
بايدن وعجز التأثير
بناءً على ما سبق فإن نطاق الحرب المباشرة أو غير المباشرة يتسع، ومعه تزيد التحديات أمام أميركا للرد- أيّما يكون هذا الرد – مع التذكير بأن أميركا في فترة انتقالية ورئيسها جو بايدن الذي يودع رئاسته خاسراً فاشلاً، وبالتالي طبيعة التدخلات ستختلف بعد تلك الفترة، حيث رأت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية أن اتساع نطاق الصراع في لبنان، والرد الإيراني الجديد على «إسرائيل» يجبران الرئيس بايدن على الرد على الأحداث الخارجة عن إرادته، معتبرة أن بايدن خسر زمام المبادرة في الشرق الأوسط، بعد فشل محاولاته للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وزعمت أن بايدن يرى شبح الحرب الإقليمية يقترب وهو يحاول تجنّبه منذ أشهر.
وأضافت الصحيفة: الهجوم الصاروخي الإيراني الجديد ضد «إسرائيل» زاد من إثارة السخرية حول دعوات وقف إطلاق النار التي تطلقها الإدارة الأميركية في نهاية ولايتها، والتي لا تتفاعل الآن إلا مع أحداث ليس لها أي سيطرة عليها.
هكذا إذاً، وفق «لوفيغارو» تضطر واشنطن مرة أخرى للردّ على تصرّفات الآخرين..
الأسبوعان الماضيان شكّلا دليلاً جديداً على العجز الأميركي عن التأثير في الأحداث التي تمضي قدماً وبوتيرة سريعة
تصرّفات خصومها، ولكن أيضاً تصرّفات حليفتها «إسرائيل» وبعد 6 أشهر تجد الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى بموقف غير مريح يتمثل في ضمان حماية «إسرائيل»، بينما تترك المبادرة والقرارات لنتنياهو، الذي لا يتحمّل عناء أكثر من أي وقت مضى في الكشف عن خططه لحليفه، في حين يعتمد على الأخير لتزويده بالغطاء العسكري والدبلوماسي الذي يعتمد عليه. وخلصت الصحيفة إلى أن الأسبوعين الماضيين شكّلا دليلاً جديداً على العجز الأميركي عن التأثير في الأحداث التي تمضي قدماً وبوتيرة سريعة.
مستجدات جبهة لبنان
أما على صعيد جبهة لبنان، فإن المقاومة اللبنانية ماضية بعزيمة وثبات في معركة إذلال العدو، من الجو وعلى الأرض، إذ تمطر مستوطنات الشمال بالصواريخ، وتتصدى لجنود العدو على الأرض بكمائن مُحكمة وعلى مسافة صفر، وتضع الكيان أمام أحداث صعبة متتالية وعلى مدار الساعة، وهذا ليس إلا البداية، إذ خاضت المقاومة مع جنود العدو المتسللين إلى بلدة مارون الراس من الجهة الشرقية، موقعة في صفوفهم إصابات عدة، وفي وقت سابق اليوم الأربعاء أعلنت المقاومة أنها تصدّت لِقوة من مشاة العدو الإسرائيلي حاولت التسلل إلى بلدة عديسة من جهة خلة المحافر، في أول محاولة توغل لقوات العدو في جنوب لبنان منذ إعلان جيش الاحتلال منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء، بدء عملية برية جنوب لبنان، مؤكدة أن المقاومين اشتبكوا مع القوة الإسرائيلية وأوقعوا فيها خسائر وأجبروها على التراجع.
وأعلنت المقاومة في بيانين منفصلين أن مقاوميها استهدفوا تجمّعاً لِقوات العدو في ثكنة الشوميرا بِصلية صاروخية وحقّقوا فيه إصابةً مباشرة، كما استهدفوا في الوقت نفسه قوة مشاة كبيرة في مستعمرة مسكاف عام بالأسلحة الصاروخية والمدفعية، وحقّقوا فيها إصابات مباشرة ودقيقة.
المقاومة اللبنانية ماضية بعزيمة وثبات في معركة إذلال العدو وتضعه أمام أحداث صعبة متتالية وعلى مدار الساعة وهذا ليس إلا البداية
كذلك أعلنت المقاومة أنها استهدفت تجمّعاً لقوات الاحتلال الإسرائيلي ومرابض مدفعيته جنوب مستوطنة كريات شمونة بصلية صاروخية، وحقّقت فيها إصابات مؤكدة، كما استهدفت تجمعاً للقوات الإسرائيلية في مستعمرة أفيفيم وتجمعاً آخر في ثكنة أفيفيم بصليتين صاروخيتين كبيرتين.
وتحدّثت وسائل إعلام العدو عن قوة نيران ضخمة يطلقها حزب الله باتجاه قوات الجيش، مشيرةً إلى تبادل عنيف لإطلاق النار بين قوة الرضوان والقوات الإسرائيلية على الحدود، بالتزامن مع الكمين الذي وقعت فيه، وأن حزب الله يحاول ضرب تجمّعات للقوات الإسرائيلية، لافتة إلى حدث غير عادي وصعب جداً في الشمال تخلله إجلاء الإصابات عند الحدود بـ 4 مروحيات على الأقل، وشنّ المروحيات والدبابات هجمات في المنطقة تغطيةً للقوات الإسرائيلية، على إثر تصدّي المقاومة لها.
وتحدّث مستشفيا «رامبام» في حيفا و«زيف» في صفد عن حدث كثير الإصابات في الشمال، بالتوازي مع قصف حزب الله المنطقة الحدودية في الشمال بقوة.