إنه عدوان مجرم واضح فاضح وموصوف ترتكبه «إسرائيل» ضد لبنان، كل لبنان، وأمريكا وبعد لازمتها بالدعوة إلى «عدم توسيع الحرب»، تصف هذا العدوان باسم «تقليص قدرات حزب الله»، وهو اسم تدليع هدفه تبرير هذه الجريمة الصهيونية المجنونة بحق لبنان واللبنانيين، والوقاحة الأمريكية الأكبر هي إعلان واشنطن أنها ومع دعوتها لعدم توسيع الحرب، فإنها تدعم «إسرائيل» في عملها لتقليص قدرات حزب الله، هل يمكن لأحد بعد ذلك أن يشكك بأن ما يجري ضد لبنان، ما هو إلا عدوان صهيوني- إسرائيلي- أمريكي مجرم، وأمريكا في أساسه؟.
قال مسؤول كبير في الخارجية الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية تعمل مع الشركة والحلفاء على «أفكار ملموسة» لمبادرة دبلوماسية، توقف الصراع وتخفف التوتر، وتعيد الإسرائيليين واللبنانيين إلى بيوتهم، البحث عن حل دبلوماسي وتطوير أفكار ملموسة هو ما تقوم به أمريكا في هذا الصراع، حسب زعم هذا المسؤول الأمريكي الكبير، الذي تجاهل وتعامى عن أن القنابل الثقيلة المجرمة، والصواريخ الدقيقة السفاحة، التي تستعملها «إسرائيل» في عدوانها الهمجي على لبنان واللبنانيين، ما هي إلا ذخائر قاتله مجرمة أمريكية، ولا يمكن لـ«إسرائيل» استخدامها إلا بعد موافقة واشنطن، وهذا رون يشاي المعلق العسكري لـ«يديعوت أحرونوت» كتب بالأمس: (قررت «إسرائيل» الشروع في حملة عسكرية دبلوماسية مشتركة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق الهدف المعلن للحرب، الذي تتمثل فكرته الإستراتيجية بالتوصل إلى صيغة تمكن «إسرائيل» من ضمان أمن سكان الشمال»، هل من اعتراف حول دور أمريكا في العدوان الإسرائيلي على لبنان واللبنانيين أكثر من هذا الاعتراف؟.
ومتابعة لادعاء الأفكار الملموسة لمبادرة دبلوماسية أمريكية، طلع علينا الرئيس الأمريكي بايدن ومن على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليعلن أنه «ما زال الحل الدبلوماسي متاحاً وممكناً لوقف الصراع بين «إسرائيل» ولبنان»، الرئيس الأمريكي يتحدث عن الحل الدبلوماسي دون أن يدين قصف «إسرائيل» للمناطق المدنية اللبنانية وتقتل اللبنانيين، كما أن بايدن لم يطالب ولم يدع «إسرائيل» على الأقل إلى تجنب استهداف المدنيين، حتى بالكلمات لم يقف بايدن ضد استهداف المدنيين، بل استمر في تبني السردية الإسرائيلية تجاه غزة ولبنان.
استطاعت المقاومة نقل الحرب إلى داخل «إسرائيل»، وها هو نتنياهو ينقطع نَفَسه أمام نزوح سكان المستوطنات وانهيار ماركة «إسرائيل آمنة لليهود»، ومع هذا العدوان الإجرامي على لبنان ستزداد ضربات المقاومة، ما سيزيد ويفاقم من حركة نزوح المستوطنين، ورغم أن الأضرار التي تصيب اللبنانيين جراء العدوان كبيرة وخطيرة، إلا أن النزوح من شمال «إسرائيل» يشكل الخطر الأعظم على وجود «إسرائيل»، وخاصة أنه يضيع ويطيح بفكرة أن «إسرائيل» هي المكان الآمن لليهود، وهذا ما يعجز نتنياهو عن فهمه، لأنه في عمقه يعني الإطاحة الإستراتيجية بمبرر وجود واستمرار «إسرائيل»، وبدلاً من حفظ أو تصحيح التوازن الإستراتيجي مع حزب الله، ينزلق إلى سفك المضمون الإستراتيجي لبقاء ووجود «إسرائيل».
من يدقق بما يفعله نتنياهو منذ «طوفان الأقصى»، لا بد أن يلاحظ أنه يتصرف كمجرم مجنون، مقطوع النفس، ولكن الدعم الأمريكي له يفاقم من خطورة الأذى الذي يوقعه هذا المجرم في المنطقة من الإبادة في غزة، إلى الإجرام العدواني في لبنان، وإذا كان صحيحاً أن «إسرائيل» لا توسع الحرب نزولاً عند رغبة واشنطن، إلا أنها تعمق من عدوانها بشكل سيفجر المنطقة، وهذا ما يضيء سر معنى بحث واشنطن عن أفكار ملموسة للحل الدبلوماسي، في الوقت الذي تزود الإدارة الأميركية «إسرائيل» بالقنابل المجرمة المجنونة، وتساندها في عدوانها المجرم المجنون.
ختم الرئيس الأميركي بايدن خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالعبارة التالية: «ليحمِ الرب كل من يسعى للسلام» دون أن ينتبه أنها تتضمن المعنى العميق والذي يكملها لتصبح: «ليحمِ الرب كل من يسعى للسلام.. وليلعن الله كل من يشعل ويؤجج ويسلح الحرب والعدوان».
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات