حمّى المتاجرة بالمواد المستعملة تخيّم على الأسواق.. والشك بالصلاحية يربك لكنه لا يمنع!

تشرين – وليد الزعبي:

فرض الغلاء الكبير لمختلف الاحتياجات المنزلية من تجهيزات كهربائية وقطع أثاث مختلفة، وحتى أغراض الإكساء من أبواب ونوافذ ومستلزمات تمديدات صحية لازمة للمطابخ والحمامات، وكذلك مستلزمات تمديدات كهربائية من أجهزة إنارة ومفاتيح وقواطع وغيرها على أغلب الناس البحث عن المستعمل منها للتوفير في تكاليفها، حيث إن الجديد من تلك الاحتياجات بسعر باهظ ومتصاعد بشكل مستمر ولا قدرة للكثيرين على تدبّره في ظل ضيق حالهم، لكن تبقى الحيرة مسيطرة، والتردد حاضر عند العزم على شراء بعض تلك الأغراض المستعملة، وخاصة التجهيزات الكهربائية، للقلق من أن تكون مستهلكة إلى حد كبير وعرضة للتلف والإتلاف سريعاً.

منصات “الفيس بوك” الحامل الأساس لترويج مبيع المواد المستعملة

معروض ليس بقليل
محال كثيرة بدأت تنتشر في الكثير من المدن والبلدات، وهي تعرض مختلف الأدوات المنزلية المستعملة من برادات وغسالات ومراوح وشواحن وروافع جهد وغيرها، كما تعرض الأثاث المستعمل من غرف نوم وخزن وطاولات وكراسي وأسرّة أطفال وغيرها، حتى إن هناك محال متخصصة (بالعصرونية) أي تعرض طناجر الضغط والأواني المختلفة المستعملة من طناجر عادية وصحون وصوانٍ وكاسات وغيرها من مختلف المعادن.

ورش صيانة
بعض هذه الفعاليات لا يتوقف عملها عند حدود عرض البضائع المستعملة من مثل ما سبق، بل يتجاوز ذلك، إذ تجدها أشبه بورشة يعمل من فيها على إصلاح الأثاث الخشبي والمعدني أو الأدوات الكهربائية ومن ثم عرضها للبيع، وعلى ما يبدو إن بعض ورش النجارة والحدادة تحولت لمثل هذا العمل بإصلاح كل ما ه‍و مستعمل لكون الإقبال متزايداً عليه، وهناك أرباح ليست بقليلة تتحقق من بيعها بعد ترميمها وصيانتها.

محال أشبه بالحرف ترمم المستعمل وتبيعه بأضعاف ما اشترته

استغلال بالاتجاهين
عدد من المواطنين ذكروا أن من يشترون الأدوات المستعملة من المنازل لدى عرضها للبيع يدفعون سعراً قليلاً لأصحابها، مستغلين ضغط حاجتهم إلى المال، إما لغاية صحية أو دراسية أو بداعي السفر، ومن ثم يقومون بإجراء بعض الترميم والصيانة والتلميع لها وعرضها بضعف أو ضعفي السعر الذي اشتروها به، ومن هنا فإن المردود مغرٍ للغاية، وهذا ما دفع بالكثيرين للتحول إلى مثل هذا العمل.

حتى البلاط
يلاحظ أيضاً أن هناك محلات تعرض حديد البناء المستعمل، والذي كثر مؤخراً لكونه من نواتج الأبنية المهدمة أو الآيلة للسقوط نتيجة ظروف الحرب على سورية، وهي تباع بفارق سعر ليس قليلاً عن الحديد الجديد، لكن هذا الحديد المستعمل غير مرغوب في الأساسات والأعمدة والأسقف أو غير مناسب من ناحية الجودة والسلامة الإنشائية، ويمكن استخدامه للسقائف فوق الحمامات أو في الأرضيات أو لأعمدة السور والمزارع، أيضاً بات هناك كمّ من معروض أبواب وحمايات الحديد المستعملة، إضافة لنوافذ وأبواب الألمنيوم، حتى أن هناك بلاطاً وسيراميك مستعملاً من نواتج الأبنية المتضررة.

السيارات الجوالة تستغّل قلة خبرة الأهالي وتدفع البخس بالمشتريات وبعضها يتصيّد المسروقات

يجوبون بكثرة
ليسوا بقلة من يجوبون بالسيارات الجوالة ضمن المدن والبلدات وينادون لشراء الأشياء المستعملة، من محركات تجهيزات كهربائية أو تجهيزات كاملة وكذلك الألمنيوم والنحاس وحتى الأبواب والنوافذ وغيرها الكثير من الأشياء، وهؤلاء أيضاً يستغلون أحياناً عدم وجود الرجل في البيت ويشترون من النسوة والأولاد بأسعار بخسة جداً (شلف)، مستفيدين من عدم درايتهم أو خبرتهم بتقدير السعر المناسب أو المعقول، وهناك من يرى في تلك السيارات الجوالة وسيلة لتصريف المسروقات من مضخات المياه أو عدادات المياه والكهرباء وغيرها من المسروقات، وهي لا تدقق في خلفية تلك المواد المشبوهة، وكل ما يعنيها الشراء بسعر منخفض ومن ثم تصريفها بأضعاف مضاعفة.

الشك حاضر
عدد من المواطنين لفتوا إلى أن شراء الأشياء المستعملة يحمل بين طياته الكثير من المغامرة، وخاصة بالنسبة للتجهيزات الكهربائية مثل البراد والغسالة ومضخات المياه والمراوح وغيرها، حيث لا يمكن الحكم على مدى جودتها وديمومتها لفترة مناسبة، وقد تتعطل فور استعمالها أو بعد فترة قصيرة، ما يستدعي تحمّل كلف باهظة لإصلاحها، أو يمكن اكتشاف أنها غير قابلة للإصلاح أصلاً، وهنا ينبغي الحيطة والحذر قبل الشراء، كما يجب الشراء من محال لا تتعامل بالأدوات المسروقة وهو أمر ليس بالعصي تمييزه، لأن مثل تلك الحيثيات يمكن الحصول عليها من المحيط الاجتماعي الذي قد يتداول معلومات عن واقع عمل مثل تلك المحال التي تبيع أدوات مستعملة.

ترميم وصيانة
رئيس المكتب الإداري والقانوني في اتحاد حرفيي درعا أيمن الضماد، ذكر أن بعض حرف النجارة لا تمانع في إجراء أعمال صيانة وترميم لغرف النوم أو غيرها من الموبيليا، وذلك في ظل ضعف عملها في تصنيع المنجور الخشبي والموبيليا الجديدة لقلة الطلب عليها، وكذلك الحال بالنسبة لحرف المنجور المعدني من حديد وألمنيوم، وهناك من الحرفيين من يشترون مثل تلك الأشياء المستعملة ويقومون بترميمها وعرضها للبيع بالنسبة للموبيليا والأدوات الكهربائية، أما لجهة الأبواب والنوافذ فإنهم يقومون بترميمها وتعديل مقاساتها حسب الطلب عند الاتفاق على المبيع، علماً أنه في حال حدوث خلاف بين المواطن والحرفي حول الأجور أو حيثيات التنفيذ يمكن اللجوء لاتحاد الحرفيين الذي بدوره يكلف اللجنة المختصة بكل حرفة للنظر في فضّ الخلاف وحلّه بما ينصف الطرفين.

ضرورة مرافقة حرفيّ ولو بالأجرة لتقييم الجودة والسعر عند الرغبة في الشراء

الاستشارة مطلوبة
ونصح الضماد أي مواطن لدى الرغبة بشراء أي من المستلزمات المستعملة أن يصطحب معه حرفياً لديه خبرة، سواء بالتجهيزات الكهربائية أو بالأثاث أو غيرهما، حيث يمكن لهذا الحرفي أن يحدد مدى جودة مثل تلك المستلزمات، وحتى المساعدة في تقييم سعرها المناسب، وبالطبع فإن اصطحاب الحرفي ولو كان مأجوراً، فإنه في مصلحة الشاري، لكونه يمنع تورطه بشراء قطع غير مناسبة أو متهالكة كما يساعد في عدم استغلاله بالسعر.

أشياء أخرى
إذاً (البالة) أصبحت عنواناً عريضاً لا يقتصر على مبيع الألبسة المستعملة القادمة من خارج البلاد كما هو معروف، بل تشمل كل شيء من المواد وحتى غير التي ذكرت آنفاً، وعلى سبيل المثال فإن بعض الأسرّ ولضيق حالها تعرض بيع ألبسة وأحذية وحقائب مستعملة لم تعد بحاجتها، حتى الملخصات الدراسية والمحاضرات تعرض للبيع أيضاً، نعم اليوم الحاجة المادية الضاغطة دفعت بالأسر لعرض كل ما لا تحتاجه أو يمكن الاستغناء عنه للبيع كمستعمل بدلاً من إتلافه أو توزيعه، وهكذا نحن أمام حمّى متاجرة بالأشياء المستعملة تحت ضغط الحاجة وضنك العيش، فلا شيء محرم على البيع، وعلى ما يبدو أن الظاهرة إلى اتساع متزايد ما دامت ظروفنا المعيشية على حالها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار