‏.. عن الـ90% الأميركية؟

عملياً لا أحد يتحدث عن هذه النسبة سوى إدارة بايدن، علماُ أن هذه الإدارة نفسها تعترف بأنها ‏نسبة تساوي صفراً في ميدان التفاوض للوصول إلى اتفاق حول وقف اطلاق النار في غزة ‏وتبادل الرهائن والمحتجزين، الكيان الإسرائيلي بدوره نقض هذه النسبة مرات عدة في الأيام ‏الماضية، وما زال ينقضها ليضع كامل إدارة بايدن في حرج وارتباك، خصوصاً تعمده توسيع ‏وتعميق مأزق التفاوض باتجاه الضفة الغربية، ومحور فيلادليفيا «مصر» موسعاً ساحة التوتير ‏والتصعيد.‏
ومع ذلك فإن إدارة بايدن مستمرة في تحميل الجانب الفلسطيني «حركة حماس» المسؤولية، ‏رغم أننا كنا قد تفاءلنا بعض الشيء مؤخراً لناحية تصريحات بايدن التي حمّل فيها رئيس حكومة ‏الكيان بنيامين نتنياهو مسؤولية عرقلة التفاوض باعتباره لا يُصغي لـ«النصائح» الأميركية، ‏حتى إن بايدن أعلن أنه لا يتفاوض مع نتنياهو وإنما مع فريقه والوسطاء، بمعنى أن بايدن ‏أعلن قطيعة تفاوضية مع نتنياهو، لمصلحة آخرين في حكومته، ومع ذلك ما زالت نسبة ‏الـ90% تساوي صفراً، «حتى إن صحفاً أميركية تحدثت عن أن واشنطن تبحث مساراً ‏تفاوضياً مستقلاً بالكامل عن الكيان الإسرائيلي فيما يخص استعادة الرهائن، ولكن كيف وبأي ‏وسائل ووسائط، وكيف يمكن تحقيق ذلك إذا كانت حماس تعلن على الدوام أن المسألة برمتها ‏مرتبطة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة».‏
هنا يبرز سؤال: ماذا حلّ بصفقة بايدن «النهائية»؟ وما علاقتها بنسبة الـ90 بالمئة؟
وفق الإعلام الأميركي فإن الصفقة سيتم الإعلان عنها في اليومين المقبلين «ربما اليوم» رغم ‏أن جميع الأطراف المعنية «وغيرالمعنية» ترى أن هذه الصفقة ستكون محصلتها صفراً ‏أيضاً، إدارة بايدن أبدت تشاؤماً صريحاً فيما يخص المرحلة المقبلة سواء لناحية الميدان أو ‏لناحية التفاوض.‏
إذاً، ماذا الآن؟
السؤال هنا لا يتعلق بما يسمى حالة المراوحة في المكان، لأن ما يجري ليس مراوحة في ‏المكان وإنما هو تصعيد إسرائيلي متواصل باتجاه تثقيل المأزق على كل المستويات، وبما يجعل ‏الرؤية مُعتمة كلياً بالنسبة لإدارة بايدن حيال الخطوة التالية.‏
الاعتقاد العام بأننا لن نشهد أي اختراق، أقله خلال الشهرين المقبلين، قبل الانتخابات ‏الأميركية، الكيان ينتظر ويستمهل ويؤجل، سعياً منه لترحيل كامل الميدان إلى الإدارة ‏الأميركية الجديدة، التي يعتقد أن ترامب هو من سيفوز فيها. ‏
ما كان لافتاً خلال الأيام الماضية أن تنشر صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريراً قالت ‏فيه: إن الجيش الأميركي يستعد لاحتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار، وسط مخاوف من ‏أن الانهيار قد يؤدي إلى إشعال صراع إقليمي أوسع نطاقاً.‏
ما سبق تحذير أطلقه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال سي كيو براون، الذي ‏أضاف إنه لا بد من دراسة كيفية استجابة الفاعلين الإقليميين إذا فشلت المفاوضات. ووفقاً ‏للصحيفة البريطانية فإن إدارة بايدن تعتقد أن محادثات وقف اطلاق النار هي المفتاح لخفض ‏التوتير وتجنب حرب إقليمية شاملة.‏
هذا ليس بكلام جديد، ولكن ماذا يعني أن الجيش الأميركي يستعد لانهيار المفاوضات؟
يعني أن المفاوضات عاجلاً أم آجلاً ستفشل، بمعنى أن التفاوض لن يستمر إلى ما لا نهاية، ‏وسيأتي الوقت الذي سينهار فيه كلياً، ولا بد أن يكون الوجود العسكري الأميركي في المنطقة ‏قائماً وكبيراً حتى لا يخرج ميدان المنطقة عن السيطرة، أي ألا تجد أميركا نفسها خارجه ‏وبالتالي خارج مخرجاته.‏. أو يعني أن واشنطن تعتمد التهديد بين فترة وأخرى، وهو تهديد تغلفه بذرائع خشيتها من نتائج ‏فشل المفاوضات، وأن عواقبه ستكون وخيمة على المنطقة وليس عليها، باعتبار أنها لن تخرج ‌‏(وكيانها) خاسرين، كما كانت الحال طوال قرن مضى.‏
مع ذلك، لا تستطيع واشنطن ولا غيرها تحديد مسار لاحق، لناحية الفوز أو الخسارة.. لقد أثبتت ‏جبهة غزة (والمنطقة عموماً) أن لها مسارات بعيدة عن أي توقع أو إمكانية التوقع لما سيحدث ‏حتى ليوم واحد.. وهذا أكثر ما تخشاه واشنطن.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار