أربعة عشر عاماً عانى فيها اقتصادنا الوطني مصائب حرب كونية، وحصاراً اقتصادياً لم يشهد العالم مثيلاً له منذ آلاف السنين، وتدمير ممنهج مارسه الارهاب لضرب مكوناته بكل مفرداته، وذلك بقصد إنهاك البلاد، وحرفها عن المبادئ الوطنية، والقيم التي “تمسكت بها ومازالت وستبقى” لأسباب يعرفها القاصي والداني، والقريب والبعيد من أسباب هذه الحرب على سورية بكل مكوناتها المادية والبشرية، فكانت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية واحدة تلوى الأخرى، لكن تدبير الدولة وثبات المواطن وتكاتف القطاعات الاقتصادية “العامة والخاصة” أفرزت مصادر قوة جديدة” استمد منها المجتمع بكل مكوناته وأطيافه حالة البقاء وقوة الاستمرار للاقتصاد الوطني، رسمت ملامحها تظاهرة اقتصادية هامة ، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية في غاية الصعوبة، تمثلت بسلسلة معارض كان آخرها ” إكسبو” بنسخته الأولى على أرض مدينة المعارض بدمشق، حملت رسائل باتجاهين: الأول يؤكد قوة اقتصادنا الوطني وقدرته على التأقلم مع كل الظروف، والاعتماد على المتوافر من إمكانات، للحفاظ على الهوية الوطنية من جهة، وتأمين استمرارية مصادر القوة من جهة أخرى.
والاتجاه الثاني، وهو الأهم يستهدف العالم الخارجي، وخاصة المتآمر والشريك في الحرب الكونية، والمنفذ لأدوات الحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة، التي استهدفت معيشة المواطن بكل أبعادها، والذي يؤكد ذلك هو المشاركة الواسعة من الشركات الإنتاجية الوطنية، التي تجاوز عددها 600 شركة في كل المجالات الإنتاجية، والحضور المميز لأكثر من ثلاثة آلاف ممثل عن فعاليات اقتصادية داخلية وخارجية، وكل حضور فيها حمل رسائل متعددة، حول قوة الإنتاجية الوطنية بشقيها” العام والخاص” وقدرة مكونات المجتمع على تجاوز مفردات الحرب الكونية، وتداعيات الإرهاب السلبية التي أرخت بظلالها على مساحة الوطن طوال سنوات الحرب.
وبالتالي اللوحة التي رسمتها المشاركة الواسعة في ” إكسبو” هي في حقيقةً الأمر” مكون جديد” يحمل مفردات رؤية وطنية، وبواقع جديد، ومنهج عمل تشاركي واحد، بأجنحة متنوعة “عامة وخاصة، وتشاركية في بعض الأحيان” قوامها تكاملية العملية الإنتاجية وخاصة “الزراعية والصناعية منها” واستثمارها لتأمين ديمومة المصادر البديلة لقوة الاقتصاد الوطني التي أمنتها الدولة في ظل غياب مواردها الرئيسية المسروقة من الاحتلالين “الأمريكي والتركي ” وأدواتهما في المنطقة!
من هنا نجد أن ” المعارض الاقتصادية ” تشكل رافعة جديدة تؤمن مصادر قوة متجددة، بمفردات متنوعة من حيث الآلية والإنتاجية، ينبغي الحفاظ عليها بقصد تأمين استمرارية هذه المعارض بنسخ متكررة، وتسجيل نجاحات إيجابياتها لتطول كامل تراب الوطن، وذلك من خلال مجموعة إجراءات تنشط الحالة الإنتاجية، وتحقيق تكاملية الإنتاج الزراعي والصناعي، مروراً بدعم قطاع التصدير وتحقيق الانسجام بين القطاعين العام والخاص، وتخفيف روتين الإجراءات الذي مازال مصدر خلاف على مستوى الفعاليات الاقتصادية والإدارية، وصولاً إلى جملة من الإجراءات، التي تكفل المشاركة الواسعة في المعارض الخارجية، والتي تحمل في مضمونها حالات التعافي للاقتصاد السوري، رغم ظروف الحرب والحصار الاقتصادي اللذين مازالا مستمرين وبأخطر من قبل!
وما نتمناه ا ألا تبقى المعارض ضمن حدودها التي حملتها نسختها الأولى، ونأمل بنسخ أخرى تحمل مفردات جديدة، وبمشاركات تحاكي جغرافيا العالم على أوسع نطاق، وهذا ما نتمناه، ويتمناه كل مواطن.
Issa.samy68@gmail.com