في سابقة من نوعها.. الإعلاميون يخوضون سباق “البرلمان” السوري.. ومراقبون يقرؤون المشهد بأبعاده المعنوية
تشرين – بارعة جمعة:
بلسان حال المواطن والشعب، ومن عمق الإحساس بالمسؤولية تجاهه، انطلق إعلاميو السلطة الرابعة لخوض غمار المنافسة في الانتخابات التشريعية لهذا العام، متسلحين بالأمل بتحقيق الأفضل وتمثيل فئة الصحفيين، من مركز المسؤولية والسلطة البرلمانية، التي تعد حقاً من حقوقهم المشروعة، في وقت يتساءل الكثير عن لجوء الصحفي البرلمان في وقت يمثل فيه سلطة عليا تمنحه الشرعية أيضاً في المطالبة بحقوق الشعب، ليبقى السؤال اليوم: ما الذي ينقص الصحافة لإيصال رسالة القائمين عليها؟ وهل الدفاع عن حقوق المواطن اليوم يتطلب حصانة برلماني؟
حق شرعي
يتمتع الفرد ضمن حدود الجغرافيا السورية بحقوق كثيرة، فيما يأتي حق الترشح للانتخابات البرلمانية نوعاً من ممارسته العملية في خدمة الشعب والوطن، كيف وإن كان صحفياً.. فهو يدرك حقوقه وواجباته، يدرس الخطأ ويبحث عن الحلول، يستقصي هنا وهناك للوصول إلى حقيقة ملموسة، بالتأكيد سيكون خير ممثل للشعب بكل فئاته، لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الجميع هو ما الذي يستطيع أن يقدمه الصحفي في المجلس أكثر مما يقدمه أثناء ممارسته العمل الإعلامي، سواء في الإعلام الرسمي أو الإعلام الخاص؟! تساؤلات طرحها الأستاذ في كلية الإعلام الدكتور محمد العمر، شارحاً ما يميز الصحفي في حال أصبح نائباً بالمجلس عن بقية زملائه النواب، لما له من رصيد وحضور اجتماعي كبير اكتسبه من خلال عمله كصحفي، يساعده حتماً في بناء علاقات ويمنحه شجاعة أكثر من بعض زملائه النواب.
د. العمر: ما الذي يستطيع أن يقدمه الصحفي في المجلس أكثر مما يقدمه أثناء ممارسته العمل الإعلامي سواء في الإعلام
ويتمتع عضو مجلس الشعب بحصانة أكبر مما يتمتع بها الصحفي، تساعده بالدفاع عمن اختاروه ومنحوه أصواتهم، وبالتالي تقديم المساعدة لهم، رغم كل ذلك لم ينكر د. العمر أن الصحفي بموجب الدستور يتمتع بالحماية والحصانة أيضاً.
ما ينقص الصحافة اليوم هو هامش أكبر من الحرية، وذلك في إطار قانون إعلام عصري، يشارك في صنعه إعلاميون مهنيون يعرفون ما لهم وما عليهم برأيه، مبرراً هذا الإقبال أيضاً من باب المكانة الاجتماعية للنواب كممثلين للشعب وعلاقتهم المباشرة مع السلطة التنفيذية، من حيث المراقبة والأداء، وبالتالي يصبحون الأقرب إلى الفريق الحكومي ومن باب الإشراف والمراقبة والتصويب أيضاً.
وبشكل عام، يعود الدكتور محمد العمر لتأكيد نظرته الإيجابية لهذه الظاهرة، المتمثلة بالكم الكبير من المرشحين لدى زملائه الإعلاميين، متمنياً لهم النجاح.
غير مسبوقة
لم يسبق لهم المضي بهذه الخطوة في تاريخ العمل الصحفي لدى الإعلامي المخضرم جمال الشيخ بكري، الذي أبدى استغرابه من الإقبال على الترشح من الاعلاميين ومن فكرة تمثيل المرشح لمطالب الناس ضمن البرلمان، فالإنسان الناجح هو مكلف بنقل معاناة الناس ومتطلباتهم بكل أمانة وصدق وطرحها أمام المجلس للمعالجة برأيه، واليوم ما يهمنا كصحفيين وجود صحفي واحد يهتم بالصحفيين والإعلاميين وينقل معاناتهم، مرجعاً الإقبال الكبير لحب الظهور ليس إلا، لكون الصحفي الحقيقي هو الذي يعايش هموم المواطنين بقلمه وصوته، والذي يفرضه عمله الصحفي الفعال، وهو الذي يسعى إلى إيجاد الحلول لأي معاناة، مؤكداً – دون مبالغة – أنه ومنذ دخوله عالم الإعلام والصحافة، يتلقى يومياً اتصالات ورسائل عبر وسائل التواصل ويقوم بالاتصال مباشرة بالمسؤول وطلب حل للمشكلة، وهو ميدان عمل الزملاء جميعهم، سواء في الصحف أو الإذاعة والتلفزيون، أما عضو مجلس الشعب – والحديث للإعلامي الشيخ بكري- ففترة وجوده في المجلس باتت معروفة، بينما يمضي الصحفي حياته المهنية بالمتابعة الحثيثة لأي موضوع يهم المواطن، لذا لا حاجة للصحفي أن يكون في المجلس، وليدع لابن المنطقة الناحية أو البلدة مهمة كشف المعاناة ونقل هموم الشعب إلى مجلس الشعب.
د. العمر: ما ينقص الصحافة اليوم هو هامش أكبر في إطار قانون إعلام عصري يشارك في صنعه إعلاميون مهنيون يعرفون ما لهم وما عليهم
هي حالةً من التوصيف الدقيق لماهية عمل الصحفي، يقدمها الإعلامي جمال الشيخ بكري من زاوية الأكثر تأثيراً، واصفاً الصحفي الحقيقي المهني ومن خلال مسيرته الإعلامية بأنه هو الأقوى من حيث إحداث الفرق، من منطلق خدمة الشعب، آخذاً من الزوايا المنشورة في الصحف اليومية مثالاً لذلك، إضافة للشكاوى التي ترد إليها وتتم معالجتها بتلقي الردود عليها، وتكشف مواطن الخلل إن وجدت، بوصول هذه الشكاوى إلى أعلى المستويات، ومعالجتها يومياً في الإذاعة والتلفزيون أيضاً في برامج الخدمات عبر الاتصال مع المسؤول مباشرة، متسائلاً: أيهما أقوى إذاً.. العمل الصحفي أم المجلس الذي وُجد لسن القوانين والتشريعات ومناقشة عمل كل وزارة؟!
الشيخ بكري: فترة عمل عضو مجلس الشعب باتت معروفة بينما يمضي الصحفي حياته المهنية بالمتابعة الحثيثة لأي موضوع يهم المواطن..
اليوم في حال كان عمل الصحفي لحظياً وآنياً في المتابعة فلا حاجة له لمنافسة أبناء المناطق مدناً وأريافاً، “فأهل مكة أدرى بشعابها”، كما أن للمجلس عمله كما للإعلامي بصمته اليومية في معالجة أي مطلب شعبي، وكلنا بالنتيجة في خدمة الأم سورية، ويضيف الشيخ بكري مؤكداً ضرورة التزام كل قطاع بعمله: ” كم هو جميل في عالمنا اليوم أن يهتم كل منا بالمكان الذي يعمل فيه بإخلاص وأمانة، ليقوى المجتمع ويصمد أمام التحديات التي تقف أمامه، فالنجاح الحقيقي لا يكون إلا بمعرفة حقوقنا وواجباتنا، وهي حقيقة الأمم الناجحة والمنتجة”.
ممارسة ديمقراطية
هي دعوة للخوض في غمار المنافسة، وحق لكل مواطن سوري يعكس صورة ديمقراطية عن المجتمع السوري، فمن حيث المبدأ يجد عضو مجلس الشعب نضال مهنا أن الإقبال الكبير هو حالة إيجابية، تنم عن رغبة بالمشاركة بصناعة الحاضر والمستقبل والنهوض بالوطن من قبل المرشحين عبر برامج ورؤى ومشروعات، كما أن الرؤية الشعبية تمتلك مهارات احترافية تواكب مسار التكنولوجيا، في وقت تعد فيه السلطة الرابعة هي المحرك الأول للرأي العام عبر بناء شبكة من المصادر التي تتفاعل فيما بينها مع قضايا الناس، وترصد الواقع بتياراته المختلفة، بامتلاكها القدرة على التحليل بمهارة واحترافية عالية، وفق رؤية مهنا.
كما ضمن الدستور حق السلطة الرابعة إلى جانب السلطات الثلاث، بينما تجاوزت حصانة عضو مجلس الشعب حصانة الصحفي من حيث الضمانات والحماية القانونية، برأي مهنا، مؤكداً بالوقت ذاته أنها ليست ميزة شخصية بل للوظيفة فقط، وممارسة حق التصويت والتعبير عن الرأي أمام اللجان من دون مساءلة قانونية داخل المجلس، الذي لا يسعى إلى اتخاذ أي إجراءات جزائية بحق أي عضو من دون جرم موثق، كما تخضع عملية رفع الحصانة لتصويت الأغلبية المطلقة وتقتصر على الفعل نفسه ولا تمتد إلى أفعال أخرى، بالمُقابل نجد أن ما يواجهه الصحفي من صعوبات لا يعود إلى غياب القوانين، برأي عضو مجلس الشعب نضال مهنا، مرجعاً السبب إلى أنماط ثقافية اجتماعية وعملية مركبة لهذه الجهة أو تلك، وهي خارج السياسة الفكرية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية.
تيناوي: الصحفيون هم أعمدة السلطة الرابعة ومن الواجب تمثيلهم في مجلس الشعب حيث سيطالبون بالتعديلات اللازمة
نعم.. العمل الصحفي لا حدود له، بل تحكمه الأخلاق الصحفية وحرية عضو مجلس الشعب قائمة بما لا يمس سيادة الدولة، وتقوم وفق نظام وهيكل وإجراءات أكثر تحصيناً، هنا يعود عضو مجلس الشعب للتأكيد مجدداً ومخاطباً اتحاد الصحفيين بضرورة حماية حقوق الصحفي وضمان عدم تعرضه للانتهاكات.
مهنا: حصانة عضو مجلس الشعب تتجاوز حصانة الصحفي من حيث الضمانات والحماية القانونية
حالة صحيّة
لم تكن الآراء المطلعة والمراقبة للحدث بالقدر ذاته من التأييد أو عدم القبول، وبينما استهجن البعض فكرة الترشح، يجد البعض الآخر الفكرة طبيعية لا بل صحية أيضاً من حيث وجود الإعلامي ضمن تفاصيل الحياة اليومية للمواطن، وهو ما جعل من رأي المرشح للدور التشريعي الرابع لمجلس الشعب محمد زهير تيناوي الأكثر تقبلاً لمبدأ الظاهرة، كيف وهم أعمدة السلطة الرابعة ومن الواجب تمثيلهم في مجلس الشعب.. فالمجلس يختص بالدرجة الأولى بسنّ القوانين والتشريعات وتعديل القوانين النافذة من خلال مشروعات تعديلات تتقدم بها الحكومة، وهو عمل مهم جداً كما يتطلب خبرات واسعة من الاختصاصيين، برأي تيناوي، سواء من رجال القانون أم الاقتصاد أو المال والأعمال، من هنا فإن المشرع أوجب أن تتمثل مختلف شرائح المجتمع تحت قبة البرلمان، ليتكامل عملها في وضع تشريعات تخدم المجتمع .
ولا شك بأن الإعلامي، من خلال ممارسته المهنية يكون على اطلاع ودراية بمعظم القوانين، كما أنه على تواصل مباشر مع المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد والوضع الاجتماعي الذي يشكو منه المواطن، لذلك بإمكانه ومن موقعه في المجلس أن يطالب بالتعديلات اللازمة عليها، وهي حالة جيدة برأي تيناوي، لكونه مؤثراً بالقرار ومشاركاً بصناعته.
اليوم مع هذا الإقبال، يمكننا القول إن المجلس يجب أن يمثله رجال المال والاقتصاديون والحقوقيون بشكل كبير، لمعرفتهم بالقوانين أكثر من غيرهم أيضاً، عدا كون التمثيل بالمجلس يشمل كل الفئات، كما أنه يعني الصحفيين والإعلاميين، لأنه حق من حقوقهم كفله الدستور لهم، ويمنحهم صلاحيات أكبر.