الجُحْد.. صغار النفوس
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
الذين يظلمون الناس من دون ذنب، عليهم أن يحاسبوا أنفسهم على ما اقترفوه بحقّ هؤلاء الناس، وعليهم أن يتذكروا أن الظلم لا يدوم مهما كانت مناصبهم، فصوت المظلومين أعلى من جبروت حكمهم، لأن الله في عون المظلوم على الظالم.
منذ زمن وأنا أفكّر وأمعن النظر في سؤال يراودني: كيف ينحدر البعض إلى مستنقع الظلم سواء في القسوة أو الخيانة أو الغدر، أو في محاباة الظلم وعدم الانتصار للمظلوم، وقد رأى المصير الأسود لمن سبقه من الظالمين؟
ولعل هذا «البعض» قد نسي ما قاله الأولون بأن «الظلم مرتعه وخيم»، وأن «بيت الظالم خراب»، و«على الظالم تدور الدوائر».
إن من يسرق المال العام ظالم، ومن يقتلع الزيتون والنخيل والأزهار ويصحّر المدن ظالم، ومن لا يسمع شكوى المظلومين هو ظالم، ومن لا يريد أن يعرف الحق كي يعرف أهله هو ظالم، ومن خيّب ظنّ من أحسن الظن به هو ظالم، هؤلاء الظَلَمة كلهم موضع احتقار الشعب وغضبه الذي يتأجج ما لم يرعوِ هؤلاء ويحترموا إرادة شعوبهم.
هؤلاء عليهم أن يتعلموا ممن سبقهم، ففي قراءة سريعة لمصير من ظلم الناس وتعسّف بحقهم وطغى وتجبّر، وجعل من منصبه وسيلة للتعبير عن دونيته وخسّة طبعه ورداءة معدنه وانحدار مستواه الاجتماعي والثقافي من خلال التنكّر للقيم الأخلاقية والإنسانية المتعارف عليها، ونسيان من صنع له معروفاً ولو بكلمة طيبة أو موقف جميل، هؤلاء الجُحْد صغار النفوس الذين أصبح عددهم ليس بقليل.