لافروف في بكين.. تعزيز العلاقات والتعاون على الساحة الدولية في مواجهة المحور الأميركي- الغربي
تشرين:
في خضم التطورات الدولية الحاصلة والتنافس القائم بين الدول الكبيرة والذي برز بشكل واضح خلال العقد الأخير ولاسيما في العديد من الملفات الدولية في السياسة والاقتصاد، تجد الصين وروسيا أن تعزيز العلاقات وتعميقها أمر لا بد منه خاصة أنهما يشكلان طرفي محور في مواجهة المحور الأميركي- الغربي مع اتساع هذه المواجهة لتكون أقرب إلى المباشرة مع بداية الأزمة الأوكرانية، من هنا تحرص كل من بكين وموسكو على تعميق الثقة السياسية المتبادلة، وتعزيز التنسيق الاستراتيجي، وتحقيق نتائج جديدة في التعاون المتبادل المنفعة، إذ تعد العلاقات بين الجانبين التي تجاوزت مستوى الثنائية ذات أهمية حيوية للنظام العالمي الحديث، أضف إلى ذلك أن العلاقة مع روسيا خيار استراتيجي، كما يصفها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
لذلك تأتي زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الصين- التي وصل إليها اليوم- في سياق تعزيز العلاقات مع بكين، الشريك الدبلوماسي والاقتصادي الرئيسي لموسكو كما تصفها روسيا.
وسيلتقي لافروف في زيارته التي تستمر حتى غداً الثلاثاء، نظيره الصيني وانغ يي، وسيبحث الجانبان مجموعة من قضايا التعاون الثنائي، وكذلك التعاون على الساحة الدولية، حسب ما أعلنت الخارجية الروسية، التي أضافت إنه من المقرر خلال الزيارة إجراء تبادل معمق لوجهات النظر حول عدد من الموضوعات الساخنة، ومنها الأزمة الأوكرانية والوضع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
اللافت أن زيارة الوزير الروسي تأتي بالتزامن مع زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع ترقب زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في إشارة واضحة إلى حدة التنافس ووضوح التموضع، ومن المتوقع أن تكون الأزمة الأوكرانية في صميم ما يتم بحثه من الطرفين مع الجانب الروسي كل على حدة، وإن كانت واشنطن تأمل باستمالة صينية إلى جانبها سياسياً واقتصادياً على اعتبار أن المسؤولَيَن الأميركيَينْ يمثلان السياسة والاقتصاد فإن بكين كانت واضحة منذ بداية الأزمة الأوكرانية في تأييدها لروسيا وهو ما ألّب الغرب عليها، كما تدعم روسيا الصين في قضية تايوان وبحر الصين الجنوبي وتعارض التوجهات الأميركية المستفزة للصين في تلك المنطقة.
من أجل ذلك فإن تعزيز العلاقات الصينية – الروسية بات ضرورة للطرفين، وتطويرها خلال ثلاثة أرباع القرن الماضي أثبت أن مواصلة توطيد وتطوير العلاقات الثنائية التي تتسم بالصداقة وحسن الجوار والتنسيق الاستراتيجي الشامل والتعاون المتبادل المنفعة، تخدم المصالح الأساسية للبلدين وشعبيهما، وتلبي توقعات المجتمع الدولي، وتتماشى مع اتجاه العصر، كما قال الرئيس الصيني في وقت سابق.
وتشهد العلاقات بين روسيا والصين تطوراً لافتاً، خاصة على الصعيد الاقتصادي، بما يشمل التعاون في مجالات الطاقة والطائرات وبناء المحطات الفضائية الدولية وقطاع الفضاء، وغيرها من أوجه التعاون الاستراتيجية، وتلك المرتبطة منها بخط قوة سيبيريا الذي يمد الصين بالغاز الروسي.
وتتشارك الدولتان بدور رئيسي في منظمات إقليمية مثل «بريكس» و«شنغهاي للتعاون»، التي قد تحل مستقبلاً بدل منظمات أنتجتها الظروف السابقة، كما يتجه كلا البلدين نحو مواصلة عملية التبادل التجاري بالعملة الوطنية، الشيء الذي يمثل خطوة مهمة في زيادة تطوير العلاقات الاقتصادية، ولاسيما أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين وصل إلى ٢٠٠ مليار دولار أميركي خلال العام الجاري، ونهاية العام الماضي أبرمت الشركات الصينية وشركاؤها التجاريون الروس 55 صفقة، بقيمة 13.6 مليار يوان «1.91 مليار دولار»، وذلك خلال مؤتمر التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني – الروسي الذي عقد في مدينة شنيانغ شمال شرق الصين، وتغطي الصفقات العديد من القطاعات ومنها تخزين سلسلة التبريد، والخدمات المالية، والواردات والصادرات.
وزار الرئيس الصيني شي جين بينغ، موسكو في آذار 2023، حيث أعاد التأكيد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على الصداقة التي لا حدود لها بين بلديهما اللذين يدينان الهيمنة الغربية على الساحة الدولية.
وفي تشرين الأول من العام نفسه، اجتمع الرئيس الروسي مع نظيره الصيني على هامش منتدى “طرق الحرير الجديدة” في بكين، إذ تحدث (شي) عن ثقة سياسية متبادلة متنامية بين الصين وروسيا.
ومن المقرر أن يعقد البلدان عامي الثقافة في 2024 و2025. كما سيحتفل البلدان بالذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، التي يرى فيها الرئيس الصيني فرصة لتوجه البلدين من أجل تعزيز الثقة المتبادلة، وتوسيع التعاون، والمضي قدماً بالصداقة من أجل ضمان أن تسير العلاقات الصينية- الروسية بثبات على الطريق الصحيح.