ملف «تشرين».. أرقام المستهدفين ما زالت خجولة والنهوض مرهون بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية الريفية حتى عام 2030.. مشروعات الريف تتماهي بين الإغاثة والاستثمار

دمشق- زهير المحمد:
تعول الحكومة على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في توفير فرص عمل لائقة للفئات الأشد فقراً في المجتمع، من خلال تطبيق السياسات الحاملة لأطر تلك المشروعات عبر الجهات المنوط بها تحمل المسؤوليات في إحلال مشروعات مولدة للدخل سواء كانت رسمية أم غير رسمية.
ورغم مضي سنوات على تحديد معايير إنشاء تلك المشروعات وآليات تمويلها، فإنها استطاعت الوصول إلى عدد خجول من المستهدفين عبر برامج عدة، وإذا كان السيناريو في نهاية المطاف هو سيناريو الكسب للفئات الأكثر احتياجاً فإن الرهان على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر كقاطرة لتوفير فرص عمل لائقة  يحتاج إلى حزمة متكاملة من الحوافز، والأهم من ذلك مظلة حماية تشجع على تأسيس تلك المشروعات والاستمرار بها، ويبقى السؤال هل استطاعت الجهات المسؤولة عن تأطير المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر أن توفر فرص عمل ذات جودة ويمكن اعتبارها لائقة، أم إن المشهد مازال ضبابياً ويحتاج إلى رؤى تواكب المتغيرات على المجتمع السوري، ولاسيما الاقتصادية منه بعد حرب دامت أكثر من عقد استنزفت أركان الاقتصاد الوطني وحوامله الأساسية؟

وحدات التصنيع

تؤكد مديرة التنمية الريفية في وزارة الزراعة الدكتورة رائدة أيوب أن الوزارة تدعم المشروعات الصغيرة ومنها المشروعات الجماعية والفردية، والمشروعات الجماعية هي وحدات التصنيع، وتعرف بأنها برنامج تأسيس وحدات إنتاجية متعددة الأغراض للتصنيع الغذائي ( مشروعات جماعية)، حيث تتولى وزارة الزراعة تأسيس وحدة تصنيع غذائي (المكان ـ المستلزمات ـ المعدات والآلات ـ رأس المال التشغيلي…..إلخ) تكون بمنزلة  حاضنة لمشروع جماعي تستفيد منه كل أسر القرية ويرافق ذلك تدريب فني ومالي عالي المستوى للأسر الريفية للإنتاج حسب المواصفات القيــاسية السورية وجودة وسلامة الغذاء مع الحفاظ على تقليدية وعراقة المنــتــج (منتج بيتي)، وتعمل الوحدة على مدار العام حسب توالي المواسم الزراعية بالقرية، حيث بلغ عددها /33/ وحدة تصنيع، يضاف إلى ذلك برنامج تسويق منتجات الأسر الريفية (صالات بيع)، وهو استكمال لحلقات سلسلة تصنيع المنتجات الزراعية بالوحدات التصنيعية (جماعي أو بشكل فردي) لمنتجات الأسر الريفية حيث تم ربط المخرجات بصالات بيع متخصصة لتعود بالنهاية كفائدة نقدية مباشرة على الأسر المنتجة، وتتوزع هذه الصالات على مستوى المناطق والمدن، وعددها حالياً /16/ صالة وتعد من أهم المنافذ التسويقية للأسر الريفية.

توثيق الصناعات الريفية

يجب ألا ننسى أيضاً البدء بتوثيق الصناعات الريفية (المؤونة المنزلية) مع مؤسسة وثيقة وطن، والكلام لأيوب، وكانت البداية مع منتج الشنكليش في محافظة حماة- منطقة السعن بهدف تثبيت أصالة المنتج الغذائي السوري في سورية والعالم، إضافة إلى تطبيق منهجية التأريخ الشفوي في توثيق كل المراحل العملية في مختلف أنواع المؤونة والطبخ والمأكولات السورية في مختلف المحافظات.

مشروعات النساء الريفيات

وعن البرنامج الوطني لتسجيل مشروعات النساء الريفيات المنزلية والمتناهية الصغر، نوهت أيوب إلى أنه يهدف إلى تكوين قاعدة بيانات تتضمن أعداد وأنواع وتوزع هذه المشروعات على امتداد الريف السوري ما يتيح وضع خطط مستقبلية بدقة ووضوح وتوفير دليل استرشادي لمعرفة أسماء صاحبات المشروعات وأماكن وجودهن ومنتجاتهن ونشاطاتهن وعناوينهن في أي مكان من سورية، وتخصص من أجل ذلك صحيفة لكل منهن تدون فيها المعلومات والبيانات كلها الخاصة بصاحبة المشروع حيث تم تسجيل /162/ مشروعاً جماعياً و/885/ مشروعاً فردياً، مشيرة إلى وجود برنامج القرى التنموية (مبادرة معاً نبني حلماً) أيضاً، ويهدف للوصول إلى قرى ذات اقتصاد زراعي متطور يقوم على الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية والبشرية، وتكون القرى قادرة على إدارة عملية التنمية والتغيير بنفسها للانتقال إلى حياة أفضل مما كانت عليه سابقاً، إذ تم إطلاق المبادرة الأولى بتاريخ 2022/4/17 في قرية قطرة الريحان في محافظة حماة منطقة الغاب وكانت النموذج الأول.

ماركة ريفية

وفيما يتعلق بالبرنامج الوطني لدعم المنتج الريفي السوري وتسويقه، أشارت أيوب إلى أنه يهدف أيضاً إلى تحسين المستوى المعيشي للأسر الريفية من خلال تطوير المنتج الريفي السوري والارتقاء به وتحقيق قيمة مضافة له وتسويقه، من خلال إطلاق نموذج متكامل لآلية تطوير المنتج الريفي (إنتاج ـ تصنيع ـ جودة ـ مواصفة ـ تعبئة ـ تغليف وترويج ـ تسعير ـ إعلان …إلخ ) وإسقاطها على كل المنتجات الريفية وبالتالي زيادة العائدات وكميات الإنتاج وفرص العمل لدى الأسر الريفية وتحسين

مستواها المعيشي، حيث تم البدء بـ5 قرى في محافظة اللاذقية و5 قرى في محافظة حماة، من أصل 82 قرية هي الهدف النهائي للمشروع  لمنتجات (الخل-  دبس الرمان- دبس الخرنوب- الزيتون وزيت الزيتون-  تصنيع العسل).

سلسلة من الأدلة التدريبية لتوفير مرجعية توضح مهام وآليات عمل المشروعات

وحسب أيوب فإنه تم أيضاً اعتماد ماركة ريفية لمنتجات الأسر الريفية وتسجيلها أصولاً لتكون ماركة تجارية لمنتجات الأسر الريفية وأي منتج يحقق شروط المواصفة القياسية السورية وسلامة وجودة الغذاء يثبت أنه منتج ريفي طبيعي يحمل هذه الماركة، وقد تم اعتماد المواد الغذائية التالية لهذه الماركة ( المربيات، المخللات، الألبان والأجبان، الحلويات، العصائر، الجزرية، دبس الرمان، دبس البندورة، دبس التمر، دبس العنب، الخشافات، الخل، الزيتون، المكدوس، المعجنات، المجففات).

مهرجانات تخصصية

ولم يتوقف الأمر، وفق أيوب، على هذه البرامج، بل هناك مهرجانات تخصصية لمشروعات النساء الريفيات هدفها التعريف والترويج لهذه المشروعات والمنتجات، كما تمت المشاركة في معرض الصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف فود إكسبو خلال أعوام 2021 و2022 و2023) بمختلف المنتجات (منتجات التفاح والتين والعنب والعسل والجوز  والزيتون، كذلك المشاركة في معرض سوق العيلة في شهر أب لعام /2021/ لمدة شهر للترويج وبيع منتجات الأسر الريفية ومنتجات وحدات التصنيع الغذائي، وأيضاً المشاركة في مهرجان (سورية تاريخ وحضارات) المقام في حاضنة دمر المركزية للفنون الحرفية خلال الفترة (17-31/3 /2022 ) بمختلف المنتجات (مربيات – مجففات خضار- مجففات فواكه- أعمال يدوية ريفية- ألبان وأجبان) والمشاركة في معرض الزهور بمجموعة من المهن الحرفية والتقليدية (صناعة القش- الفخار- الجلديات – البسط – الخزف، وأيضاً المشاركة في سوق رمضان الخيري عامي/2020-2021 / لترويج منتجات الأسر الريفية، ومعرض فود إكسبو في مدينة المعارض 2023، والمشاركة في جناح معرض الزهور خلال آب /2023 بمنتجات يدوية للنساء الريفيات.

حافز مشجع

ووفق أيوب فقد ساهمت المشروعات التنموية في تنمية المجتمع الريفي وخاصة في القرى الأكثر فقراً وتمكين الأسر الريفية اقتصادياً وزيادة دخلها، كما ساهمت في الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسر الريفية، وشكلت حافزاً مشجعاً للأسر الريفية من خلال تصنيع وتسويق منتجاتها الزراعية والحيوانية وتحسين المستوى المعيشي لها وإيجاد فرص العمل من خلال إتاحة الفرصة لتسويق الإنتاج بشكل مباشر من المنتج إلى المستهلك عن طريق صالات بيع الأسر الريفية.
ووفق البيانات التي قدمتها أيوب فقد بلغ عدد المستفيدين من مشروعات المرأة الريفية والمشروعات الأسرية الصغيرة والقروض المقدمة والتسهيلات، /449/ مستفيداً في /13/ محافظة وذلك ضمن مشروع المنح الإنتاجية لجرحى ومصابي الحرب من عام 2014  حتى عام 2016، الذي يهدف إلى إيجاد مصدر رزق دائم لهم لتحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي لهم ولأسرهم وذويهم عن طريق تأسيس مشروعات صغيرة مولدة للدخل في الريف والمدينة.
وكذلك مشروع تمكين المرأة والحد من الفقر من عام  2007 حتى عام 2012، الذي يهدف إلى تمكين المرأة اقتصادياً عن طريق قروض نقدية لتأسيس مشروعات مولدة للدخل متناهية الصغر، حيث تم استهداف /19828/ مستفيدة في /449 قرية وتوزعت المشروعات على 70% مشروعات زراعية و20% خدمية، و10% حرفية صغيرة.
وحسب أيوب أيضاً هناك المشروع الوطني للزراعات الأسرية من عام 2017  حتى 2019 الذي يهدف إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي الغذائي لهذه الأسر وتحسين مستواها الغذائي وتحقيق قيمة مضافة لإنتاج الزراعة الأسرية عن طريق التصنيع الغذائي للمنتج، إضافة إلى تشجيع الأسر على الاستقرار والحد من الهجرة حيث تم استهداف /57110/ قرى في ١١ محافظة.

الآثار الاقتصادية

وتحدثت أيوب عن بعض الآثار الاقتصادية للمشروعات المنفذة قائلة: إن تأسيس وتمويل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إحدى الأدوات الأساسية لتحقيق غايات التنمية الريفية عامة والتنمية الزراعية خاصة، حيث تحتل مشروعات الأسر الريفية أهمية بالغة في اقتصاد المجتمع الريفي لأنها تعتمد على منتجات زراعية نباتية وحيوانية منتجة من الأسر الريفية وتحقق قيمة مضافة لها، وهي أحد مصادر الدخل الرئيسة للأسرة الريفية المنتجة وتوفر فرص عمل لها لتمكينها اقتصادياً واستثمارها كقوى عاملة تساعد هذه الأسر على البقاء في قراها والاستمرار بالعملية الإنتاجية بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني .

الأكثر هشاشة

وتعد الأسر الريفية، وفق أيوب، من الفئات الأكثر هشاشة اقتصادياً بسبب انعكاسات الحرب على سورية والتي كانت سبباً رئيساً  بخسارة هذه الأسر لأصول إنتاجها الزراعي والحيواني ومصادر دخلها، ما يستوجب إعادة دمجها في الحياة الاقتصادية بغية تثبيتها في قراها واستمرارها في العملية الإنتاجية، ولكن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمكانية لهذه الأسر تحول بينها وبين الوصول إلى الموارد بمختلف أنواعها وبشكل خاص الوصول إلى التمويل والأسواق الذي يعد عصب العملية الإنتاجية.
واعتبرت أيوب أن مشروعات التنمية الريفية التي قامت بها المديرية حققت الهدف المرجو منها وهو تحقيق أمن غذائي للأسرة أو توفير مصدر دخل إضافي داعم للأسرة صاحبة المشروع وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً.

خطط ومقترحات

وفيما يتعلق بالخطط والمقترحات المقدمة للنهوض بالمشروعات الأسرية ومشروعات المرأة الريفية، أكدت أيوب أن هناك خططاً مستقبلية تتمثل بالبدء بإعداد الاستراتيجية الوطنية لتمكين الأسر الريفية، حيث شهد الريف السوري بسبب الأزمة تغييراً في كل البنى المجتمعية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الصحية الزراعية …..إلخ، التي ألقت بظلالها على الواقع المعيشي للأسرة الريفية وأدت إلى تغيير في الخريطة الاجتماعية، وكذلك تغيير في توزيع أدوار أفراد الأسرة سواء الأدوار الإنتاجية أم الأدوار الاجتمـاعية.
وفي ضوء هذا التغيير المجتمعي حسب أيوب كان لابد من التغيير في البرامج الموجهة لتنمية الأسر الريفية لتكون هذه البرامج استجابة حقيقية لاحتياج هذه الأسر الريفية، وسيتم إطلاق الاستراتيجية واعتمادها حتى عام 2030 بالاستناد للأطر التنظيمية لإعداد الاستراتيجيات.
كما عرجت أيوب على أهمية البدء بإعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية الريفية المجتمعية، حيث إن أهم التحديات بقطاع التنمية الريفية في سورية هو غياب رؤية موحدة للتنمية الريفية على المستوى الوطني وذلك بسبب عدم وجود استراتيجيات محددة للتنمية الريفية، وكذلك ضبابية الرؤية والهدف للتنمية الريفية على المستوى الوطني، وعدم وضوح السياسات الوطنية للتنمية الريفية، إلى جانب تعدد الجهات الوصائية على ملف التنمية الريفية وعدم التنسيق فيها بينها وعدم تكليف جهة واحدة تكون مسؤولة عن ذلك، الأمر الذي دعا الوزارة للبدء ولأول مرة في سورية بإعداد استراتيجية وطنية للتنمية الريفية، حيث سيتم إطلاق الإستراتيجية واعتمادها بالاستناد للأطر التنظيمية لإعداد الاستراتيجيات.

دليل القرى التنموية

يضاف إلى ما سبق، فقد تحدثت أيوب عن إعداد سلسلة من الأدلة التدريبية لتوفير مرجعية ورقية توضح المهام وآليات العمل، لذلك تم إعداد مجموعة من الأدلة التدريبية، وهي الدليل التنفيذي للعمل، ودليل الاستفادة من الأسواق، كذلك دليل الاستفادة من وحدات التصنيع، ودليل الحصول على القروض، يضاف إليها دليل برنامج دعم المنتج الريفي السوري وتسويقه، ودليل كيف تؤسس مشروعاً خاصاً بك، وأخيراً دليل الدخول إلى المجتمعات الريفية وتنميتها، ودليل تصنيع وحفظ  الفواكه و الخضار.

حققت أمناً غذائياً للأسر المستفيدة ووفرت مصدر دخل إضافياً

وبالحديث عن مشروع القرى النموذجية، وهل تم وضع دليل القرى التنموية موضع التنفيذ وكم سيسهل من العمل التوعوي والعمل لإنشاء القرى التنموية، أوضحت أيوب أنه في التنمية الريفية فإن أحد المحاور الرئيسة التي تمت معالجتها في الملتقى الزراعي الأول  الذي عقد تحت شعار (نحو اقتصاد زراعي تنموي وتنافسي) عام 2021 وصدرت عنه جملة من البرامج التي تمت ترجمتها إلى مشروعات تنفيذية، ومنها برنامج القرى التنموية الذي يعد أحد المشروعات التطبيقية التي تمخض عنها الملتقى، وتأتي أهمية هذا البرنامج تلافياً لثغرات البرامج السابقة للتنمية الريفية والتي كانت أحادية الجانب منها ما ركز على التنمية الزراعية فقط ومنها على التنمية الاجتماعية والبعض الآخر على الخدمات في المناطق الريفية مثل الصحة والتعليم ….. إلخ ، ولم تكن هناك برامج تناولت التنمية الريفية من منظور متكامل لكل الجوانب المجتمعية.
وبالنسبة للبرامج السابقة للتنمية الريفية، وفق أيوب، فقد قامت بتنفيذها جهة واحدة ولم تكن هناك شراكات مع الجهات المعنية بالتنمية سواء جهات رسمية أم اتحادات أو منظمات، إلى جانب أن البرامج السابقة للتنمية الريفية غالباً كان اقتراحها وتنفيذها وتقويمها يتم مركزياً من الجهة المنفذه لها بمعزل عن التشاركية مع أبناء المجتمع المحلي ما استوجب إطلاق اقتراح برنامج القرى التنموية الذي يقوم على التكامل بكل مكونات التنمية من جهة، والشراكة بين كل الجهات ذات الصلة بالتنمية، إضافة إلى التشاركية بالتصميم والتنفيذ والتقييم مع أبناء المجتمع المحلي، ويعتمد على منظور التنمية المتعددة الأبعاد التي تتوخى تغييراً إيجابياً كلياً في كل مناحي الحياة الريفية، ومتكاملة في عناصرها حيث تشكل مخرجات النشاط الواحد مدخلات لنشاطات أخرى تغذي بعضها بعضاً عن طريق تساندها الوظيفي وروابطها التكاملية من القرى القادرة على تنمية نفسها للتخفيف من أبعاد الفقر المتعدد فيها وتثبيت السكان في قراهم والحد من هجرتهم .
وتلخص أيوب الرؤية من البرنامج بالوصول إلى مناطق ريفية تنموية ذات اقتصاد زراعي متطور قوامه الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية والبشرية، وتكون قادرة على إدارة عملية التنمية والتغيير بنفسها للانتقال إلى حياة أفضل مما كانت عليه سابقاً، أما الأهداف من البرنامج فتتلخص بتطبيق نموذج تنموي متكامل وشامل على مستوى المناطق الريفية،

وكذلك تحسين نوعية حياة السكان الريفيين والاستمرار بذلك، إلى جانب تثبيت الأسر الريفية في قراها والحد من هجرتها، وزيادة تفعيل مشاركة السكان المحليين في التنمية الريفية، وأخيراً تعزيز الشراكة الفعالة بين كل الجهات ذات الصلة بالتنمية الريفية لتقديم مدخلات تنموية متوازنة ومتوازية.

تدريب وتأهيل

بدورها أكدت مديرة تنمية الريف بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عتاب شعبان أن المديرية تعمل عبر وحدات الصناعات الريفية البالغ عددها 105 وحدة ومراكز التنمية البالغ عددها 15 مركزاً منتشرة في جميع المحافظات على تنمية المجتمعات الريفية والحد من الفقر عن طريق تدريب وتأهيل أهالي الريف على مهنة أو حرفة وتأمين فرص عمل لهم وخاصة في ممارسة مهنة صناعة السجاد اليدوي بهدف تمكين المرأة الريفية اقتصادياً واجتماعياً ولاسيما المعيلات لأسرهن  وذلك بعد إجراء التدريب المناسب لهن على المشروعات المتناهية الصغر والأسرية وخاصة الزراعية وتربية النحل وصناعة الألبان والأجبان – زراعة الفطر المحاري – نباتات الطبية والعطرية –  إلى جانب العديد من دورات التدريب المهني على الحرف والمهن اليدوية  والحاسوب واللغات ومحو الأمية بعد دراسة احتياجات المناطق المستهدفة والاستفادة من مزايا وموارد البيئة المحلية والاجتماعية فيها.
ونوهت شعبان إلى أنه ضمن مشروعات التعاون الدولي التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع الوكالات الأممية تمت مؤخراً الموافقة على مشروع  تجهيز وتشغيل مشغل خياطة في مركز التنمية الريفية بيت ياشوط، في محافظة اللاذقية مع منظمة “هيكس ايبر” السويسرية بهدف تدريب 130 سيدة على مهنة الخياطة بحيث يتم منح المتأهلات  للمرحلة الأخيرة فرصة التدريب على ريادة الأعمال بما يؤهلهن ويمكنهن من الدخول لسوق العمل المحلي وتحقيق الدخل لهن ولأسرهن، إضافة إلى تقديم حقيبة مهنية لهن، ويتم التحضير لإقلاع مشروع في مركز التنمية الريفية في جوبة برغال مع “هكيس ايبر”  لتأهيل المنشرة بهدف توفير فرص عمل لأبناء المنطقة على مهنتي النجارة والألمنيوم.

مساع لإطلاق (حاضنات الأعمال)
ولفتت شعبان إلى أن الوزارة تسعى حالياً إلى إطلاق برنامج حاضنات الأعمال بهدف دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر  للشباب والشابات أصحاب الأفكار والمشروعات المتميزة /رواد أعمال/ من خلال تهيئة المناخ والبيئة الملائمة لاحتضان المشروع وتأمين الموارد الكافية وتقديم الدعم والمساندة والاستشارة اللازمة من خلال فترة الاحتضان بهدف رفع كفاءتها الاقتصادية إلى الشكل الذي يمكن بعده الاستمرار في السوق من دون مساعدة، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تطوير الخدمات المقدمة في مراكز التنمية الريفية ووحدات الصناعات الريفية والارتقاء بها من طور الرعاية إلى طور التنمية والتمكين عن طريق تنفيذ مشروعات تنموية وحيوية في مراكز التنمية الريفية ووحدات الصناعات الريفية لدعم المجتمع المحلي وتنمية إمكانياته بما يساهم في تحسين المستوى المعيشي وإعادة الإنتاجية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، وقد نجح عدد من المراكز في دعم وتنمية قدرات المجتمع المحلي بشكل نوعي، منها مركز “ألتون الجرد” بريف بانياس الذي أمّن فرص عمل بشكل دائم  لنحو 130 سيدة في المنطقة ضمن مشروعات صناعة السجاد والخياطة والتريكو، إضافة إلى العديد من وحدات الصناعات الريفية التي نجحت بتأمين فرص عمل للسيدات ضمن البيئة المحلية ومنها وحدة دير عطية بالشراكة مع جمعية خاتون التراثية الثقافية  لنحو 50 سيدة.

منهجية مطورة

وكذلك تم توقيع مذكرة تعاون مشترك بين الوزارة والاتحاد العربي للأسر المنتجة بهدف تعزيز دور الأسرة المنتجة والعاملين في مجال الصناعات الحرفية والتقليدية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه ضمن برنامج عمل الوزارة في  قطاع التنمية الريفية تم اعتماد المنهجية المطورة التي تهدف إلى تكريس ثقافة توليد الدخل من خلال ريادة الأعمال والمشروعات المتناهية الصغر بالاستفادة من المزايا النسبية المحلية (الزراعات والصناعات المحلية، الموارد المادية والبشرية المحلية..) ويتم استهداف  سكان الريف  في مناطق وجود المراكز والوحدات عبر توفير فرص التدريب والتشغيل بشكل مباشر وغير مباشر ولاسيما للسيدات بعد تطوير آليات العمل ومضمون البرامج لتحسين الاستفادة من مخرجاتها لتشمل أوسع شريحة من المستفيدين وبأثر مستدام، ويساهم الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية  بدعم تمويل المشروعات المتناهية الصغر من خلال تخفيض تكلفة تأسيس المشروعات عن طريق تحمل نسبة من الفائدة السنوية المترتبة على قروض تمويل تأسيسها، وفي هذا الإطار وقع الصندوق عدداً من الاتفاقيات منها مع المصرف الزراعي التعاوني لبرنامج تمكين الريف السوري، وبرنامج ودعم المسرّحين من خدمة العلم.

“فيكم الخير”

وكشفت شعبان أنه ومع حلول شهر رمضان المبارك، وفي ظل الظروف الصعبة والتحديات التي تمرُّ بها المجتمعات السورية بعد سنوات الحرب الطويلة، بادرت جمعيات ومنظمات وهيئات محلية تعمل في كل المحافظات السورية، كلٌّ حسب خبرته واختصاصه  لتبني وإطلاق  حملة وطنية تحت عنوان “فيكم الخير”،  وتعتمد الحملة مساراً جديداً للعطاء والخير وتسعى إلى الوصول لأكبر عدد ممكن من الأسر المستحقة عبر مشروعات تولد الدخل لأصحابها وتساعدهم في تجاوز التحديات بما يسهم في تمكينهم معيشياً ويحقق لهم الاستقلال الاقتصادي معتمدين على أنفسهم ما يعني أن الخير سيرافق هذه العائلات باستدامة مشروعاتها، وستتولى في هذا التحدي الخيري كل جمعية أو مؤسسة حسب نطاق عملها وطبيعة المجتمعات التي تستهدفها كفالة عدد من المشروعات التي تعين من خلالها عائلات تطمح لتغيير واقعها الصعب، منوهة إلى أن حملة (فيكم الخير) هي دعوةٌ لتبقى موائد الرحمن مفتوحة في منازل كل العائلات السورية الكريمة من خلال هذه المشروعات المستمرة إلى جانب المبادرات وموائد تقدمها الجمعيات الخيرية وهكذا نكون جميعنا شاركنا بالخير كلٌ على طريقته.

اقرأ ايضاً:

ملف «تشرين».. «الشيطان يكمن في التفاصيل».. هنا أخفقت المشروعات الصغيرة وتساؤلات حول خطط الإنعاش الوشيك

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار