في الرحلة الشّامية «2».. ضيوفاً على نقابة الفنّانين
تشرين-ادريس هاني:
الفنّ، هيغليا، هو أرقى مراحل الوعي، وهو هنا في دمشق انبعاث مشهود بكلّ أجناسه، والشاهد أفواج كلية الفنون الجميلة، المسارح التي أعرفها جيّداً من الحمرا والقومي المسرح العسكري، والقباني الذي يحيلنا إلى «أبو خليل القباني» الذي قدم عروضاً في المسرح نهاية القرن التاسع عشر، تابعت أعمالاً مسرحية عالمية على خشبة مسرح القباني قبل سنوات، المسرح هنا لا يتوقّف، الفنّ، ولأنّه أرقى مراحل الوعي، لا يمكن أن يقف في منتصف الطريق، وهو كذلك حتى زمن الحرب.
ففي هذه المعركة حضر الفنّ وقاوم الخراب، فتشمخ نقابة الفنّانين، آخر عشّ يحرس المعنى والذّوق الرفيع، وعلى رأسها النقيب الفنان الصديق الحموي محسن غازي، وهو ممثل خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التمثيل، من أعماله المسلسل التلفزيوني: على موج البحر وأعمال أخرى، في لقاء واحتفاء بهيج بنقابة الفنانين، أبى الأستاذ غازي إلّا أن يستضيفنا على عشاء فاخر في قلب المدينة العتيقة، بدماثة وصلابة وحزم تجتمعان في شخص طيب الأرومة ومثقف، والفن بالشام يُقاوم وينتصر أيضاً.
نقاش داخل النقابة بحضور فنانين من الأجناس كلها، كان الحديث عن وضع الدراما السورية، ولم أنسَ استحضار ما كان قد عرضه علي ذات يوم أحد المخرجين، عن دور، يومها عرض علي دور شخصية «داعشية»، قلت له أنا ممكن أفيد جيداً في الأكشن، لكن «ما بدي دور داعشي»…. بالفعل ينتظر الدراما السورية مستقبل حافل بالإبداع، كيف تتحوّل المأساة إلى مادة إعلامية تنقل الصورة إلى الأجيال القادمة، عن أزمنة التوحش، وخراب العمران، في فصل من فصول التّآمر على بلد آمن.
وسيستقبلنا الموسيقار الأستاذ هادي بقدونس بواحدة من روائع الفنان المغربي عبد الوهاب الدكالي: مرسول الحب، ويثنّي بموطني ثم: بكتب اسمك يا بلادي.
بقدونس فنان كبير وله حضور قويّ في المشهد الموسيقي السوري والعربي، وهو قبل ذلك وبعده إنسان راقٍ، سعدت بلقائه، وطبعاً رفقة المجموعة التي أسعدني ائتلافها الرّاقي وانسجامها الفريد…..