مفاضلة

في الحقيبة الورقية عدة كتبٍ بعد الخروج من معرض الكتاب، أو من يد كاتب أهدى مجموعةً من مؤلفاته! العناوين مختلفة والنوع كذلك: رواية، مجموعات قصصية، دواوين شعر، وكلها بالنسبة للقارئ مادةٌ خام مغفلة التخلّق لأنه لم يطّلع عليها بعد، لكن هناك لحظة تسبق اختيارَ الكتاب الأول الذي سيُفتح للقراءة!
كيف يتم ذلك الاختيار؟ بسبب الغلاف وهو أول ما يجذب حاسة البصر؟ بسبب النوع وهو الأقرب إلى الذائقة (حب القصة القصيرة أو الميل إلى القصيدة)؟ الحجم الورقي؟ الحجم الزمني المتوقع لإنهاء القراءة؟ هناك “مفاضلة” سريعة تجري في ذهن القارئ وتدفعه إلى اختيار كتاب بذاته من “الحقيبة” الورقية ليطالعه قبل غيره، وهذه المفاضلة التي تتشكل آلياتُها بسرعة البرق، ليست بسيطة بالدرجة التي تبدو فيها، ولا ارتجالية أو عشوائية، بل تتشعب في دروب نفسية عميقة قد تبدو واضحةً وقد تختفي مع الزمن كأنها نبتة تتماهى بالتراب!
لا يفاجئنا أن نرى قارئاً محترفاً، على وسادته وقربَ مصباحه كتبٌ متنوعة بين صفحاتها قلم رصاص أو وريقة صغيرة تفصل المقروء عما لم يُقرأ بعد! وحين يحين وقت المطالعة تمتد يده إلى أحد هذه الكتب ليواصل القراءة من حيث انتهى في وقت سابق! هو نفسه يقول لك إن مزاجه تآلف الآن مع الرواية التي لم يُتمَّها أو مع البحث الذي لم ينهه، ويبقى “المزاج” هو موضوع التقصي وفهمِ كيف تهبُّ نسائمُه أو رياحه!
“المزاج” بتبسيط وصفه، هو تاريخٌ طويلٌ من الاطلاع، تراكمت فيه القدرةُ على التركيز لأن قراءة البحث ليست كقراءة الرواية وحتى قراءة الرواية تختلف من واحدة إلى أخرى في متطلباتها من العاطفة والطاقة، فما من رواية بوليسية لا تأخذ من الانتباه غير المطلوب مع الرواية الرومانسية، ومسار القارئ نفسه يتمايز ربما أكثر من تمايز الكتّاب، ويجنح إلى ابتكار طرائقه الخاصة في التعامل مع الكتب: كنتُ قد حصلت على رواية شهيرة جداً، ضخمة جداً بعدد صفحاتها، وبقيَت لابثةً في مكانها أكثر من سنة، كلما اقتربتُ منها امتنعَتْ عليّ، أو امتنعتُ عنها، وذهبتُ إلى غيرها من قديمٍ أو حديث، حتى كُتب لي سفرٌ طويل فحملتُها معي وحدها بلا رفيق أو رفيقة، وأتممتُها خلال السفر! يبدو أن السبب الحقيقي الذي فرّق بيننا هو الزمن الذي تتطلبه القراءة، وليست القيمة المبهرة التي أجمع عليها النقاد، وحين أدركتُ أن ظروف الغربة ستفتح لي الوقت على مداه اصطحبتُها معي برغبة، بعد أن تمّ فيها أحد شروط “المفاضلة”!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يؤكد لوفد اتحاد المهندسين العرب على الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمات والاتحادات العربية عقب لقائه الوزير المقداد.. أصغير خاجي: طهران تدعم مسار الحوار السياسي بين سورية وتركيا العلاقات السورية- الروسية تزدهر في عامها الـ٨٠ رئاسيات أميركا ومعيارا الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي.. ترامب أكثر اطمئناناً بانتظار البديل الديمقراطي «الضعيف».. وهاريس الأوفر حظاً لكن المفاجآت تبقى قائمة دور المرأة المقاومة في تعزيز الانتماء وتحصين الهوية الإنهاك الحراري.. خطوات سريعة لتبريد الجسم ونصائح للوقاية في حرارة الصيف المرتفعة في قراءة للمرسوم التشريعي لذوي الإعاقة.. المحامي الداية: المرسوم مهم جداً بدليل إحاطته بأدق التفاصيل اليومية لهذه الشريحة.. وسيحقق الأهداف المرجوة شريطة تطبيق العقوبات للمخالفين مهرجان كوثر السينمائي يُسدل الستار على دورته الخامسة.. وفيلم «هناس» يحصد الجائزة الكبرى علماء يحقنون قرون وحيد القرن بمواد مشعة لحمايتها من الانقراض تراجع نسبة النجاح للتعليم الأساسي في الحسكة