يرى أن الفن بلا جنسية .. الفنان اللبناني علي منيمنة: الخلاف المزعوم بين الممثل السوري ونظيره اللبناني تضييع للوقت وصناعة خلافات سخيفة
تشرين- يارا سلامة:
لم يكن طريقه الفني مكللاً بالورود ولم يحصل على نجوميته على طبقٍ من ذهب، صادق بإقناعه، وهذا جعله يعطي أدواره أكثر مما يأخذ منها، لم يهاب يوماً تجسيد أدوار مركبة، بل كان مقتنعاً بأنها تتيح له اللعب بشكلٍ يساعده ليستخرج أعماق ما يملك من أدوات، يرى الفنان اللبناني علي منيمنة أنه من الجيد الجلوس في المقهى ومشاهدة الناس بجميع مستوياتهم لًكونهم يشكلون مخزوناً معرفياً من الممكن أن يحتاجه يوماً ما ليبدع الفنان في تجسيد أدواره.. يحبُّ سورية وشعبها كثيراً بعيداً عن أي حسابات.. مع الفنان علي منيمنة الذي خصّ (تشرين) بهذا الحوار:
الفنان والمؤسسات
* بدايةً أريد أن أعزيك بوفاة صديقك الفنان فادي ابراهيم، وأسألك: كيف تعاملت نقابة الفنانين مع المشكلة الصحية التي تعرّض لها؟
في ظل الظروف الراهنة التي يعانيها لبنان بشكلٍ عام، والقطاع الطبي بشكلٍ خاص لم تقصّر النقابة بالتعاون مع مستشار وزارة الصحة بتقديم كلّ ما يستطيعون من أجل علاج الراحل فادي وهنا أتحدث كنقابة لبنانية.
* ما هو واجب حكومات الدول تجاه مبدعيها، وهل ذلك محقق في لبنان؟
لا يوجد دول من دون مبدعين، فالدول تبقى بمبدعيها.. هناك دول عظمى تُقدّر وتعي قيمة الأشخاص الذين يقدمون قدرات فنية وإبداعية، فتقوم بتأمين كلّ ما يلزمهم للاستمرار بالعطاء.
الفنان والنهايات
* هل تخاف الموت؟
عايشت فوق التسع حروب أهلية وخارجية، وكان الموت رفيقي الدائم الذي لم يغب يوماً عن أيامي، ولكن خوفي دائماً ليس من فكرة الموت، بل خوفي أن أرحل عن هذه الحياة من دون تحقيق ما لدي من أحلام وآمال.
* لمن تكتب وصيتك؟
لا أحد.. وهذا الجواب نابع من إنسان يحاول التصالح مع نفسه.
* ماذا أخذ منك موت أشخاص مقربين لك؟
والداي متوفيان، وعندما يفقد الإنسان أشخاصاً يعنون له الكثير، فوحده الإيمان من يجعلك تتحلين بالصبر والثبات..لا ننكر أنه مع رحيل كلِّ غالٍ نفقد شيئاً جوهرياً من أنفسنا، لكن الموت حق، ولا أحد يستطيع مواجهة هذه الحقيقة المؤلمة.
* متى آخر مرة بكيت فيها؟
في جنازة صديقي فادي إبراهيم، كنت محتاج أن أبكي، فهو شخص يستحق أن نبكي عليه، ورحيله خسارة على الصعيدين الشخصي والفني.. ودعنا بابتسامة سخرية من الحياة وهذا كان الأكثر ألماً.
الفنان والدراسة
* الدراسة الأكاديمية تخصص في السياحة والسفر، ولكن بعد ذلك دخلت التمثيل عبر مؤسسة تعليمية.. هل شعرت أن عدم دراستك سيقلل من فرصك؟
نوعاً ما.. هناك خريجون يأخذون فرصاً متاحة لهم، ولا يستغلونها بشكلٍ صحيح، فلا تتوج بالنجاح، لكن عندما يكون الإنسان موهوباً تأتي الدراسة الأكاديمية لتصقل ما لديه من موهبة.
* توقفت عن التمثيل سنينَ طويلة.. أنت تقول بسبب الطموح.. ألم يكن الأجدر أن تعمل وتقدم أكثر بدلاً من الانقطاع، أم إنه مرت لحظات شعرت أنّ المكان ليس مكانك بسبب الخذلان أو سوء الحظ؟
طموحي كان أقوى من كلِّ شيء، ولكن عندما شعرت أنّ الفن في ذلك الوقت لن يلبي متطلباتي توقفت عن ذلك بالإضافة إلى تراجع الدراما اللبنانية في وقتها ووجود المنافسة غير الشريفة التي ما زالت تسيطر على وسطنا الفني والإبداعي.
* ما رأيك بالشللية؟
الوسط اللبناني الفني مثله مثل أي وسط فني في العالم، فموضوع الشللية موجود، وهذا أمر طبيعي لكون المخرج يختار أشخاصاً سبق له التعامل معهم، ويعلم ما يملكون من أدوات تخدم عمله، لكن ما ينقصنا اليوم هو (الكاستينغ) المنصف، فهناك أعمال لا نعلم بها إلّا عند عرضها عبر الشاشات، وبالنسبة لموضوع شركات الإنتاج، فليس لدي أي خلاف مع أي شركة في العالم، ولكن لا أنتمي لأي واحدة منهم.
الفنان والإعلام
* إعلامياً.. هل الإعلام اليوم يسلط الضوء على القضايا المهمة أم أصبح يهدف إلى تسخيف العقول؟
يجب أن نعي أننا في عصر الانحطاط على جميع الصعد، ولكنْ هناك أشخاص عددهم قليل مازالوا يحاولون في ظلّ عصر التسخيف أن يقدموا صحافة محترمة تليق بنا كشعوب وتحترم إنسانيتنا، فليس من المعقول أن يأتي صحفي من أجل إجراء لقاءات صحفية في حضرة الموت، أما على الصعيد العام، فلدي لوم تجاه من يعملون في هذا الحقل لكونهم عندما يفكرون في إجراء حوار مع أي شخصية ينسفون تاريخه الفني، ويتجهون نحو حياته الشخصية، ويجب ألا ننكر أنّ هناك ممثلاً مجتهداً يقدم محتوى هادفاً وراقياً لا أحد يتكلم عنه عبر (السوشيال ميديا)، في المقابل هناك أشخاص لا ينتمون للمصلحة يصبح اسمهم (تريند) بسبب خيانة زوجية مثلاً.
* هل كان التمثيل من ضمن أحلام الطفولة أم إنه بمحض المصادفة؟
نشأت في بيئةٍ ثقافية بلورت موهبتي وحضرت العديد من الأفلام في سينما تقع تحت منزلي بالإضافة إلى عمل والدي في مجال إدارة السينما، جميع هذه الأمور ساعدتني في اكتشاف ميولي وموهبتي.
* هل ندمت لأنك دخلت هذا المجال؟
نوعاً ما.. لكن ما زال لدي الأمل أننا نستطيع الوصول إلى مكان يليق بنا في الدراما العربية.
* عربية أم لبنانية؟
لا يوجد دراما اسمها دراما لبنانية، و”الخلاف” المزعوم بين الممثل السوري ونظيره اللبناني هي تضييع وقت وصناعة خلافات سخيفة، ورأي أن الفن في حدِّ ذاته ليس له جنسية، وأنا قلت رأيي بشكلٍ صريح، وهذا ما جعل الكثيرين لا يتواصلون معي (بيوفرو)
* صرحت بأنك تحب العمل مع النجم عبد المنعم عمايري هل يعلم هو بذلك؟
صحيح وإلى هذا الوقت لم يجمعنا عمل، وتعرفت إليه ولم أقل له ذلك؟
* من هو المخرج السوري الذي تحبّ أن تعمل معه؟
هناك الكثيرون.. أتمنى العمل على سبيل المثال مع المخرج نجدت أنزور لكونه مدرسة في الفن، وكذلك مع المخرج رامي حنا وما يملك من نظرة إبداعية، والمخرج باسل الخطيب لكونه من المخرجين المبدعين.. وكم تمنيت العمل مع الراحل حاتم علي.
* عملت في سداسية صرخة روح (ليلة حمراء) دور زوج، لكن كالعادة تحقق لك كما أردت، ولم تكن ذلك الزوج الرومانسي، بل كنت ذلك الصديق سيئ الحظ.. في حياتك الواقعية أنت مخلص لأصدقائك؟
* ربما أكون مقصراً بإخلاصي، لكن لا أغدر بمن منحني ثقته، وتجارب الحياة جعلتني أخاف الإخلاص لصديق أو فكرة أو بلد، ومن ثمّ أصاب بالخذلان .
* برأيك اليوم هل المخرجون يختارون الممثل الذي لديه نسبة متابعة عالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أم إنه مازال المعيار الأساسي هو الموهبة، وهل هذا يؤثر في مستوى العمل؟
ما يهم المخرج أن يكون الممثل جيداً، ويعطي الدور حقه، وكذلك المنتج يعنيه ما يملك الممثل من نسبة متابعة عبر مواقع التواصل لكونه يسهم في تسويق العمل بشكلٍ أكبر، وهذا أمر مشروع، لكن أتمنى من المخرجين اليوم إعطاء مساحة أكبر للممثل اللبناني ليثبت نفسه عربياً.
* لمن المساحة اليوم؟
للأفضل.
*البعض يقول إن الساحة للممثل السوري؟
لنفترض أننا اليوم اكتشفنا أنّ الفنان عابد فهد مسقط رأسه من جبل لبنان، هل هذا يعني أنه ليس فناناً مبدعاً، وهل ذلك ينقص من نجوميته .. الفن لا توجد فيه جنسيات كما ذكرت .
الفنان والتك توك
* ما رأيك في دخول بعض النجوم عالم التيك توك، هل ذلك ينقص من قيمتهم فنياً؟
هناك الكثير من الأمور تحصل في عالمنا العربي تنقص من قدر وقيمة كلّ ما حولنا، ولم تقف الحكاية على تلك البرامج، وما يحصل عبرها لكوننا في عصر الانحطاط، ولكن لا نستطيع تعميم هذا الشيء، فهناك أشخاص يقدمون محتوى راقياً ومحترماً، لكن بالنسبة لي لا أفكر على الإطلاق بدخول عالم التيك توك وما شابه ذلك.
قرأت في أحد المواقع أنك كنت في طور كتابة نص درامي مع وليد عرقجي.. أين وصل النص؟
قريباً سيبصر النور عبر شركة إنتاج لبنانية .
* كثيرٌ من النجوم يقولون إنّ الجوائز والتكريمات لا تعنينا ما هي الجوائز التي تعنيك عربياً؟
لم أتلقَ دعوة من أحد، فليست لدي علاقات ولدينا جوائز الموركس اللبنانية وبالرغم من أنني ممثل لبناني لأكثر من عشر سنوات لم أُدعَ ولا مرة لأجلس مع الجمهور، ولا أعتقد أن ذلك يؤثر فيما أقدمه من فن، فمن يصنع الممثل الجيد هي الأعمال التي لم يقدمها، وكذلك في موضوع التكريمات، فهناك جوائز نقول الشكر لله إننا لم نكرم بها.
* هل موضوع انفصال والديك، شكّل لديك هاجس الخوف من فكرة الزواج؟
لم أعش عقدة الانفصال.. ووالدتي توفيت وأنا بعمرٍ صغير، أنا لست ضد فكرة الزواج، لكن أنا مع بناء عائلة سليمة.. هل ترين الوضع العام ملائماً لهذه الفكرة في مجتمع ليست لديه القدرة على احتضان أطفال؟! لست قادراً على إنجاب طفل عندما أذهب لتسجيله في الدولة يكون لديه دين عام بالملايين .
* هل تعيش علاقة حب؟
** لا.. ربما غداً!!!