كلام في الحبّ
ليس أكثر مما يُنقل عن جلال الدّين الرومي، غير أنه لو كان على قيد الحياة وقرأ تلك “المنقولات”، فلا أظن إنه سيتبرأ منها، فجلّ ذلك الكلام المنقول، سواء قاله حقّاً أم لم يقله، يدخل معظمه في إطار المحبة الخالصة.. ومما يُنسب إليه: “الحبُّ في كلِّ الأديان، لكنّ الحبّ لا دين له”.. ونُضيف أي معنى لدينٍ لا يدعو للحبّ، أو لا يكون جوهره الحب؟!..
وطالما نحن في شباط، وفي إطار مهرجان الأقوال عن الحب، فيروى عن ديستويفسكي قوله: “أتعرف ما هو الجحيم؟ هو ألا تستطيع أن تحب”.. أما مواطنه تشيخوف فيذكر بما يُشبه اليقين إنه: “مهما كانت الحياة قاسية فهي تحلو مع من نحب”.. ويرى ألبير كامو إنه: “عارٌ على البشرية، أن ينتحر أحدهم، وقد كان في حاجةٍ إلى عناق طويل.”، ولبول إيلوار بدوره بلاغته العاطفية العالية، فيقول لمن أحب: “كنتُ قريباً جداً منكِ، لدرجة أني أشعرُ بالبرد بالقرب من الآخرين”..
وفيما يُنسب إلى جلال الدين الرومي أيضاً: “دون حب كلُّ الموسيقا ضجيج, وكلُّ الرقص جنون”، ولا يملّ الشاعر المصري أحمد الشّهاوي يُردد: ” الحبُّ الذي أعرفُ وأومنُ هو أن تكون أبداً لمن تُحبُّ، أو على الأقل قطعةً كبيرة من ذلك الأبد.”.. ربما من هنا نتفهّم جواب الشاعر محمود درويش عندما سُئل عن لون عيني زوجته رنا قباني، حيث أجاب: “لا أدري.. ففي كلِّ مرةٍ أتأملُ عينيها أفقدُ الذاكرة.”.. كما يُروى عمن أضحك الملايين في هذا العالم، وأقصد به الفنان “شارلي شابلن”؛ إنه التقى بحبِّ حياته، وكان في عمر الـ(53)، بفتاة تُدعى “أونا أونيل”، وهي بعمر الـ(17)، وحينها رفض والدها هذه الزيجة حتى تكمل الفتاة عمر الـ(18)، حيث تزوجها في عيد ميلادها التالي، وعاشا معاً حوالي (34) سنة، ويُحكى إنه كان زواجاً ناجحاً، غير أنّ الرواية المفعمة و في هذه الحكاية العاطفية؛ إنه حين قرر شابلن الزواج من أونا التي تصغره بـ(30) سنة، قال لها: “تزوجيني لأعلمكِ كيف تعيشين، ولتعلميني كيف أموت”، فكان جوابها: “سأتزوجك لتعلمني كيف النضوج، وأعلمك كيف تبقى شابّاً حتى النهاية”.. ذلك الجواب الذي جعله يُنجب منها ثمانية أولاد، ويعيش (88) سنة..
وفي رسائل الأدباء والشعراء لحبيباتهم – الغريب لا يوجد العكس إلا قليلاً – ما يجعل من الصحارى حقولَ أزهار، وبساتين لو أمطرت عليها، فها هو دوستويفسكي يواسي حبيبته بقوله: “أحبكِ نيابةً عن كُل الذين رأوكِ ومضوا”.. ومما يُروى عن عشّاق الأديبة مي زيادة، إنّ عبّاس محمود العقّاد، وهو المعروف بجديته وسخريته اللاذعة؛ كان يكتب لها “أنتي بالياء، وعندما استغربت مي ذلك.. أجابها: “يعزُّ عليَّ كسـرك حتى في اللغة”.. أما جبران خليل جبران فيكتب لها: ” لكنّك ارتضيت لي الأذى، وأنا الذي كنتُ أحسبك، أرقّ على قلبي مني”.
وأختم بأجمل ما قاله الكاتب ناظم حكمت في الغزل: “أنتِ قطعة السُكَّر التي غادرتْ البحرَ فأصبح مالحاً”.
– يتبع حتى نهاية شباط –