إنه عدوان وقح ضد دولتين مستقلتين سياديتين، وهو اعتداء على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، واستهانة بكل الأعراف الدولية، القائمة على صيانة وحفظ سيادة كل دولة، هذا ما ارتكبته الإدارة الأميركية، وهذا هو ما جرى وما وقع في سورية والعراق، عدوان أميركي وقح، عدوان موصوف وواضح مع اعتراف المعتدي.
بعد العدوان، أعلنت الإدارة الأميركية أنها أصابت الأهداف التي أرادت ضربها، والمفارقة أن من بين المواقع التي قصفت في سورية صوامع للحبوب، فهل تريد واشنطن قصف القمح الذي تأكله؟ وعندما سمع أحدهم أن هذا «خطأ بالتصويب»، ردّ بقوة، بالعكس إنه إصابة مقصودة ومعبرة، كما قال الناطق باسم الإدارة الأميركية، عن إصابة الأهداف التي أرادتها، خاصة أن أميركا لا تريد ضرب المواقع العسكرية فقط، كما لا تريد تدمير البنية التحتية وحسب، بل تريد قصف القمح المخزون، وحرق القمح في الحقول، لأن هدفها النهائي ليس القتل والتدمير فقط، بل التجويع ومنع أي إمكانية للعيش.
أميركا مستمرة باستراتيجيتها لنشر الفوضى في المنطقة، وتجذب لعملها كل ما يساهم في تحقيق هدفها بالترغيب أو الترهيب، أو بدفع الآخرين إلى سلوك المسار الذي يفضي إلى هذه الفوضى، وأهم هدف ترى فيه واشنطن محركاً يؤدي إلى الفوضى، هو إضعاف وتفكيك الدول، وهذا ما فعلته عبر تأجيج مع سمي «الربيع العربي»، وعبر إنشاء مجموعات متطرفة ودينية متشددة، بعضها يقاتل الدولة باسم المعارضة، وبعضها يزيح سلطة الدولة ويحلّ محلها في هذه المنطقة أو تلك، وهكذا فإن الحرب الإرهابية التي نتجت ونمت مع ما يسمى «الربيع العربي»، وما تسببت بإنتاجه من تشكيلات متطرفة، كلها عاملة وتعمل على تفكيك دول المنطقة العربية، مهما كان ادعاؤها عن أفعالها، وتأتي واشنطن لتكمل كل ذلك، وتستغل أو تفتعل أي ذريعة لتقصف وتدمر وتقتل، وتكمل كل ذلك بحصار اقتصادي يجوّع الناس ويخنق المعيشة، ويقطع أنفاس البشر في تحصيلهم للقمة العيش.
«تفكيك الدول» استراتيجية أميركية مستمرة بالإرهاب، بالفوضى، بالقصف، بالتدمير، بالفساد.. إنه العدوان المستمر والمعلن بوقاحة.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات