التاجر السوري “دراسات عليا” في جذب الزبون.. والمواطن “دواؤه في دائه”
تشرين – حلا محمد:
رغم كثرة شكوى المواطنين من غلاء الأسعار وظلم التجار, لم يشهد السوق السوري أي توقف, , فالواقع المعيش يحتم على التاجر إتقان فن التعامل مع الزبون وكيفية كسبه, في ظل الزحام بالمحال التجارية والمنافسة بينها, ما ساهم نسبياً في الحفاظ على حركة ونشاط عمليات البيع والشراء, وساعد على تقبل الشارع السوري لأصحاب المحال التجارية, رغم السمعة التي طالت التجار في الآونة الأخيرة.
التجارة “إلها ناسها”
يغيب عن أذهان البعض أن التجارة ليست بالأمر السهل, وهي مهارة يجب على التاجر التفنن بها قبل البدء بمشروعه, فالأمر بات في الكثير من الأحيان “شغلة يلي ما ألو شغلة “, حيث يقوم شخص لديه رأس مال بفتح مشروع تجاري, وهو لا يحسن التعامل مع الزبون, وغالباً ما يخسر في تجارته لعدم قدرته على كسب العميل, وتكوين سمعة له في السوق, وفي المقابل نرى تجاراً لا تخلو محالهم من الزبائن.
وفي هذا الصدد أكدت “أمل ” أنها زبونة دائمة لمحال تجارية معينة نتيجة الترحيب الدائم بها وشعورها بالراحة عند التعامل مع أصحاب هذه المحال, على الرغم من أنها لا تشتري في كل مرة تذهب بها إلى محالها المفضلة, إلّا أنها تدخر بشكل دائم لتحافظ على كونها “زبونة المحل”.
أما ” هناء ” فاشتكت من سوء معاملة بعض التجار وقالت ” كرهت التسوق لأن البعض ينظر إلي بطريقة محرجة عند خروجي من المحل من دون شراء أي شيء وكأنه يعبر عن” إزعاجي له ” بهذا النظرات والتي غالباً ما ترافقك منذ دخولك باب محله، ما جعلني أتردد من فكرة معاودة الدخول بعض المحال التجارية لهذا السبب.
ويبين لنا “أحمد” صاحب محل تجاري لبيع الأحذية الرياضية في دمشق أحد أسباب نجاحه, ويقول “دائماً ما أقابل الزبون بالوجه البشوش و”الكلام الطيب”, وأساعده على انتقاء ما يريد والخروج بالرضا التام, حتى وإن لم يشترِ شيئاً, دائماً ما أردد له ” كسبنا شوفتك “, لأشعره بالراحة والتقبل, لأن الزبون هو “سفير علامتي التجارية” ورضا العميل سيزيد من فرصة عودته, وتحسين سمعتي في السوق.
فن الاستغلال
يدرك التاجر أن أهم عوامل نجاح تجارته هو الزبون وعليه “كسب ولائه”, بالرغم من أن هناك بعض السلوكيات “المستفزة “من بعض الزبائن, والتي تحتاج مهارة حتى يمكن ضبطها والتعامل معها, لكنه يعرف كيف يستغل هذه السلوكيات ويحولها إلى وسيلة ليصبح العميل “زبوناً دائماً”, ويدرك أيضاً كيف يستغل “ولاء العميل” بشكل احترافي فالبعض بات لا يقصد إلّا محال تجارية معينة ويشتري مهما كان السعر من دون التفكير بالسؤال عن مشترياته في مكان آخر.
وأكدت “مريم”ما سبق حيث قالت ” لا أفكر بالشراء إلّا من مكان واحد فأنا “زبونة المحل” ولا أريد خسارة كوني هكذا, صحيح أنني أجد ذات الأشياء بسعر أرخص في أماكن أخرى, ولكن “الكوليتي” مو نفسها أبداً, لأن فارق السعر كبير, وصاحب المحل دائماً ما يؤكد أنه لا يتعامل إلّا مع الماركات, والأمر واضح من فرق السعر, عدا عن معاملته “الحلوة” وترحيبه الدائم بي.
التجارة “علم ومهارة”
في حديث لنا مع خبير في التسويق فضل عدم الإفصاح عن اسمه, يقول: ” التجارة ليست مجرد رأس مال نقوم من خلاله بإنشاء مشروع تجاري, بل هي علم قائم في حد ذاته وتتداخل مع علوم أخرى كعلم النفس والاقتصاد وغيرها لذلك على التاجر أن يكون متمكناً من هذا العلم, ويجب أن يدرس جمهوره المستهدف دراسة عميقة يفهم من خلالها احتياجاته وكيفية إشباعها ولا يتجاهل قدرته الشرائية.
وأضاف ” حتى تقوم بمشروع تجاري ع الأقل يجب أن تمتلك بالإضافة ” لرأس المال” مهارات التعامل مع الزبون كاللباقة في التعامل والترحيب بالعميل بصدر رحب, والإصغاء إليه , واحترامه, فالاهتمام ومراعاة “الجانب النفسي” للعميل هي أهم قاعدة في نجاح تجارتك التي تتطلب تعاملاً مباشراً مع العملاء المستهدفين, حيث يجهل البعض أن فكرة التجارة لا تقوم على عملية البيع فقط بل “ما يسبقها”, ولو أنها عملية بيع فقط, لما كان هناك “منافسة” في السوق وتكمن في قدرتك على جذب الزبائن “لك أنت دون غيرك” هذا ما يسمى بـ “فن التعامل مع الزبون “, ولا يمكنني الإنكار أن مهارات وفنون التجارة متوفرة عند نسبة كبيرة من التجار والتي أتت نتيجة “الخبرة المتوارثة”.
وختم” أنا أعترف بإعجابي الصريح لما يمتلكه التاجر السوري من مهارات مصقولة في ميدان التجارة وكسب الزبون, ولكن البعض يستخدمها اليوم بشكل استغلالي ومزعج, لا داعي لكسب أرباح تفوق استحقاقك بمراحل على حساب “ولاء العميل” وثقته بك, “كن إنساناً”.