امرأة متعلمة مستقبل واعد.. مفهوم القيادة السياسية من منظور تمكين المرأة السورية
تشرين – بارعة جمعة:
رؤية إستراتيجية لقضايا المرأة، وتنمية فاعلة لتمكينها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، عباراتٌ كَثُرَ الحديث عنها ومناقشتها ضمن أفق المساواة بين الرجل والمرأة، بدءاً بالحقوق والواجبات وانتهاءً بالتمثيل السياسي والدبلوماسي، الذي قلّما كانت المرأة السورية المعنية به، لا بل اختزلت بنماذج معينة في حقب زمنية مختلفة، واليوم تعود مؤسسة المرأة السورية الوطنية للتذكير بها ضمن محاضرة تفاعلية تحت عنوان “دور المرأة في حل الأزمات الاجتماعية والسياسية”، بإدارة وحوار الإعلامية ليال فلحوط، وحضور كوكبة من النساء الفاعلات في المجتمع ومن النخب الاجتماعية وجمهور مركز ثقافي أبو رمانة بدمشق.
مؤسسة أهلية
لم يكن الاهتمام بالفعاليات الثقافية والمنوعة هدف الجمعية فحسب، بل انطلقت منذ ترخيصها عام 2018 من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للتركيز على القضايا الإغاثية إلى جانب البُعد التنموي، مستهدفةً المرأة السورية عبر برامج التوعية والتمكين والتدريب، بهذه الكلمات افتتحت الدكتورة إيمان عبدالله رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة السورية الوطنية حديثها بالتعريف عن الجمعية وأهدافها، القائمة بشكل رئيس على تنمية دور المرأة الاقتصادي ومساعدتها للقيام بكافة أعمالها.
د. عبد الله: المرأة مرآة المجتمع.. وما نطمح إليه هو نشوء أنماط جديدة من الخدمات والأعمال الأنثوية
فالمرأة مرآة المجتمع، من هنا كان لابد من إطلاق برنامج المرأة القياديّة الذي تأخر وفق توصيف الدكتورة عبدالله، إلا أن هذا لا ينفي بأن دورها هو المحور الأساسي بحل النزاعات السياسية والاجتماعية، متسائلة بالوقت ذاته عن أسباب عزوف المرأة عن المشاركة بالعمل السياسي، هل هو نابع من المرأة نفسها أم من محيطها أم إن هنالك قصوراً بالقوانين؟!!
الكثير من القوانين تحوي بتقاطعاتها دوراً محورياً للمرأة، إلا أن تمثيلها ضمن مجالس الإدارة المحلية بمعدل 30 امرأة بمناصب إدارية يعد مشكلة في تمثيل المرأة قيادياً برأي الدكتورة إيمان عبدالله، هنا تبرز أهمية وجود بيئة داعمة لها، عبر طرح تساؤلات والتفكير بصوت عالٍ ومناقشة الطروحات للخروج بنتائج ومخرجات قد تكون محاور لمؤتمرات أخرى، فالندوة ليست باتجاه واحد بل باتجاهين برأي د. عبد الله، كما تسعى لتشكيل دارة مغلقة ومفاتيح لفك الشيفرات التي تدعم المرأة لأخذ دورها.
تجربة فريدة
ما نحتاجه اليوم هو خبراء لوضع تصورات عن أهمية التدريب، كما أنه لا يمكن تنمية دور المرأة بعيداً عن فكرة التنمية الشاملة للوطن، مُخرجات قدمتها الدكتورة إنصاف حمد عضو اللجنة الدستورية، كانت خُلاصة تجربتها الغنية التي وجدت من خلالها هشاشة في دور المرأة عبر التركيز على نماذج معينة كالعنف للتأثير على أنظمة بذاتها، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه لتكريس الصورة النمطية للمرأة بوصفها جسداً فقط، من دون الانتباه لوجود أمور عدة تهين كرامة الإنسان أكثر من ظاهرة العنف نفسها برأي د. حمد.
د. عبد الله: تمثيل المرأة بالمناصب الإدارية هو كميٌّ وليس نوعياً.. والندوة ليست باتجاه واحد بل باتجاهين
الكثير من النساء لجأن لاختراع قصص وهمية لجلب الاستعطاف ومن ثم الحصول على اللجوء، وهي نقطة لابد من التوقف عندها وإيقافها عبر تمكينها اقتصادياً وبالتالي حمايتها من العنف برأي د. حمد، يُضاف لذلك الاهتمام بالتعليم الذي سيفتح آفاقاً جديدة للتمكين أيضاً، لعدم تقديم صورتها كضحية، والذي يستوجب منا أيضاً النظر في تعديل بعض القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية، فمنذ السبعينيات وحتى عام 2020 لم يتقدم أي مشروع لتعديله.
في التمثيل الحزبي دائماً ما ينحصر دور المرأة بتلبية شروط الحزب، وينطبق ذلك أيضاً على قيادات الفروع والأحزاب والاتحادات، ما جعل من حضورها شكلياً وفارغاً من المضمون برأي الدكتورة إنصاف حمد، والدليل بأنه خلال العقدين الماضيين لم نجد ناشطة حقوقية تُطالب بتحسين دور المرأة.
د. حمد: لا يمكن تنمية المرأة بعيداً عن التنمية الشاملة للوطن.. والتدريب هو البداية للتمكين
وبالرغم من كل ما ذكرناه، لا تزال البيئة القانونية في سورية صديقة للمرأة، بل ومتقدمة على دول العالم على دول الغرب بالأجور والتعليم، كما أنها مُحفزة ومشجعة للمشاركة بالشأن العام برأي حمد، وتشكيل فرق دعم انطلاقاً من حق التساوي بالفرص الذي ضمنه الدستور لها.
تأطير الصلاحيات
ما نفتقده اليوم هو وجود آلية مؤسساتية رسمية تُعنى بشؤون المرأة، واختصارها بجمعيات أهلية مثل جمعية تنظيم الأسرة، التي اختصرت دورها وشوّهت مشاركتها التي باتت تعتمد على الكم لا النوع برأي عضو اللجنة الدستورية د. إنصاف حمد، عدا عن كون كافة المنظمات الأممية تخضع لأجندات خارجية وتسعى لتحويل مجتمعنا لمجتمع مساعدات بعيداً عن التنمية، وسط إمكانية استثمار قرابة 12 قراراً دولياً تنطلق من أسباب موجبة من بينها القرار 1325 الخاص بتفعيل وزيادة مشاركة المرأة.
د. حمد: ما تفتقده اليوم هو وجود آلية مؤسساتية رسمية تُعنى بشؤون المرأة..
ومن الأفضل أن نتعامل معها ضمن مساحتها
هي مشاركة من نوع مختلف، ترجمتها الدكتورة حمد عبر حضورها كممثلة عن الدولة السورية ضمن جلسات المجلس الاستشاري بين عامي 2016 و2017، وسط طيف متنوع من النساء، بهدف توضيح المفاهيم وإزالة اللبس عن قضايا الأمة غير الواضحة، وسط محاولات ناجحة بتدوير الزوايا بلغة غير مُستفزة واستخدام مهارات التفاوض واعتماد التوافق كحل نهائي لجميع الأطراف.
تمثيل سياسي
من الأفضل أن نتعامل مع المرأة ضمن مساحتها وحيّزها، كما أن لهذه التجربة التي من الممكن قياسها بتجارب أخرى للأمم المتحدة تشظت فيما بينها بسبب مكونات الجسم، الذي لم تحميه المظلة الأممية، توصيف من عمق التجربة السياسية للكاتبة ديانا جبور عضو المجلس الاستشاري النسائي، وذلك بعد فشل محاولات حضور المرأة سياسياً عام 2014 ليكون المجلس هو الفكرة البديلة بعدها، الذي سعى للتعبير عن النساء ووضع خطوط حمراء لعدم الانزلاق بفخ المُحاصصة، إلا أن الأمر لم يخلُ من بعض التنازلات التي فرضتها ضرورة الوصول لقاعدة ونتيجة رابح رابح برأي جبور.
د. جبور: تمثيلنا ضمن المجلس الاستشاري كان محاولة جديّة لتمثيل المرأة
سياسياً وهي مغامرة ناجحة من الممكن القياس عليها واستنساخها
دروسٌ عدة حملتها هذه المغامرة السياسية، كان أهمها عدم التفاوض حول كل شيء دفعة واحدة، إنما بناء توافق ومن ثم توسيع، دون استثناء من جهة معينة، وهو ما جعل من تجربة المجلس سابقة لا تتكرر ومخرجاً واعداً يعبّر عن نساء سورية كافة.
تنازلات مؤلمة عاشتها الكاتبة ديانا جبور ضمن هذه التجربة، إلا أن ما خففها هو محاولة الحفاظ على كيان سورية، فالكلية السورية النسوية أوصلت الجميع لنتيجة مفادها أن النساء صانعات سلام ومتحررات من أي إيديولوجية، وبعيداً عن الأنا الفردية والسخرية، والوصول لخلاصة مهمة وهي ضرورة ترتيب بيتنا الداخلي قبل الخارجي.