«الحك» المحلي..!!

لم ينتظر المستثمرون العرب والأجانب طويلاً بعد انطلاقة شرارة الحرب السوداء، حتى يشمعوا الخيط، فمصالح دول شركاتهم، التي دخلت في بازار السياسة حكمت، وأقرت الضغط من بوابة الاقتصاد، بحجة أن الرأسمال جبان، الذي طبقها أيضاً رجال أعمال حظوا بدلال مفرط على مدار عقود، لدرجة أن قرارات كانت تفصّل على مقاس مصالحهم وطلباتهم يقال لها “شبيك لبيك” من دون أن يشفع هذا العطاء غير “القويم” في رد الجميل وقت الأزمات، ليغادروا البلاد في عز نكبتها من دون التفاتة للوراء كغيرهم من الأجانب.
هذه التجربة المريرة، التي دُفع ثمنها غالياً في أشد الأوقات ضراوة، كشفت خلل السياسات الاقتصادية والخطط الاستثمارية، التي يتوجب إعادة بلورتها لتراعي مصالح البلاد العليا وتنعكس بالوقت ذاته على أحوال المواطنين والمستثمرين، على نحو يضمن استقاء الدروس وعدم إعادة أخطاء الماضي المستمرة للأسف حتى الآن، وأول خطوة بهذا الإطار التركيز على المستثمر المحلي ومنحه الإعفاءات والحوافز المشجعة، عبر تأمين بيئة استثمارية وتشريعية مستقرة، ففي ظل الحصار الخانق وإنشغال الدول الصديقة بأزماتها يغدو تطبيق المثل الشعبي ما بحك “جلدك غير ظفرك” ضرورة ملحة على أن يتخذ آلية معينة لمنع إنتاج قطاع نفعي كالسابق لا يفكر سوى بمصالحه، من خلال تعويده على العطاء وليس الأخذ فقط، بالتالي إذا تمكنا من تنفيذ هذه الخطوات وليس الاكتفاء بإصدار قرارات وقوانين للاستثمار والسير جدياً نحو دعم المستثمر المحلي فعلياً، سيسهم ذلك تدريجياً بجذب المستثمرين السوريين في الخارج وتشجيع المستثمرين العرب والأجانب على ضخ أموالهم في مشاريع اقتصادية نافعة، هذا فقط لمجرد إرسال المستثمر المحلي رسائل إيجابية تؤكد ارتياحه ورضاه وأمنه على مشاريعه وأمواله بعيداً عن البيئة الروتينية المطفشة، ويعزز هذه الرسائل الفرص الاستثمارية الدسمة عند انطلاق عجلة إعادة الإعمار بصورة أوسع.
الركون إلى الاعتماد على الغير في حل أزماتنا الاقتصادية والمعيشية، يضخم ويراكم المشكلة مع الزمن وإن عولجت وقتياً، لكن يبقى الأنفع حالياً وإستراتيجياً الاتكال على الذات وإمكاناتنا المحلية المتنوعة، عبر إقامة مشاريع اقتصادية منتجة في القطاعات التي نحتاجها كالزراعة والصناعة والحرف والعقارات، برؤوس أموال محلية تمنح كل التسهيلات والدعم المطلوب، وحالياً نلمس توجهاً يدور في هذا الفلك لكن سيره بطيء جداً بحيث تصعب رؤية نتائج منظورة على المدى القريب، وهذا مستغرب في ظل الحاجة الماسة لتسريع الخطا وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، لذا يأمل إعطاء سياسة الاعتماد على الذات اقتصادياً واستثمارياً دفعة قوية تعجل التفعيل المطلوب على نحو يحسن المعيشة ويجذب الاستثمارات المحلية والخارجية تباعاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار