ألم يشبعوا بعد؟!
هكذا ومن دون سابق إنذار، وكما درجت العادة، فاجأتنا الهيئة الناظمة لخدمات الاتصالات والبريد بقرار رفع أسعار خدمات الاتصالات إلى نسب وصلت إلى حد الـ35%.
طبعاً مبرراتها جاهزة في كل مرة ترفع فيها أسعار الخدمات، وبتنا نحفظها عن ظهر قلب، تبدؤها بعبارات: بهدف ضمان استمرارية توفير الخدمات الأساسية من الشركات العاملة في قطاع الاتصالات لجميع المشتركين، وإتاحة الفرصة أمام الشركات لتغطية النفقات المترتبة على تلك الخدمات، نتيجة تأثرها بشكل مباشر بالأوضاع الاقتصادية الراهنة وما شهدته الأسواق من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وسعر الصرف، وغيرها من “الأسطوانة” الدورية المعتادة بين الحين والآخر وبفترات متقاربة لا تتجاوز الأشهر القليلة!
كأنها أصبحت ” موضة” يجب تحديثها باستمرار، إذ ليست المرة الأولى التي ترفع فيها أجور خدمات الاتصالات، وتمرّر قرارات كهذه، لا تنعكس إلّا سلباً على المواطن، الذي لم تعد جيوبه خاوية، بل باتت مهترئة، بينما تنعكس إملاء لجيوب أصحاب تلك الشركات، أما الخدمات وجودتها فكالعادة تبقى تراوح في المكان، والتجارب خير دليل.
قرارٌ لم ولن يلقى إلا الانزعاج والاستغراب كيف يمر، بعد قرارات سابقة مشابهة وبالحجج نفسها، دونما أي تقدّم يذكر في الخدمة المقدّمة! من هنا يمكن التساؤل: كيف يقتنع متخذو القرار دائماً بمبررات أصحاب تلك الشركات وحججهم بأن الكلف التشغيلية والمستلزمات اللازمة لعمل تلك الشركات ارتفعت، بينما نراهم عاجزين أمام مطالبات المواطنين بخفض الأسعار وتحسين مستوى العيش، ويتغافلون عن الارتفاع الجنوني لمستلزمات وكلف المعيشة اليومية، التي باتت الأغلبية عاجزة فيها عن تأمين أدنى مقومات الحياة لقلّة حيلتها؟ تُرى هل يعيش المعنيون في كوكب آخر بعيداً عما يجري؟
من غير المقبول أن يمرّ قرار كهذا بين فترات قريبة متلاحقة، ولاسيما أن قراراً مشابهاً صدر ولم تمضِ عليه أشهر قليلة، متناسين أن الاتصالات والإنترنت ليستا رفاهية، بل هما حاجة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، فلماذا التركيز عليهما ورفع أسعارهما باستمرار مقابل خدمات لا تتغيّر، بينما هناك مطارح أكثر رفاهية يمكن البحث عنها وزيادة ضرائبها ورسومها؟ وأخيراً نتساءل: تُرى ألم يشبعوا بعد؟!