هشاشة الوكيل تستقدم الأصيل بحاملات طائراته
تشرين – راتب شاهين:
كشفت عملية المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الجاري عن هشاشة الكيان الإسرائيلي وضعفه، ما استدعى على الفور من الغرب أوروبا والولايات المتحدة الأميركية الحضور السريع بالدعم السياسي وثم بالدعم العسكري إلى المنطقة، فحضرت حاملات الطائرات الغربية تباعاً إلى البحر المتوسط.
إن العلاقة بين الغرب الاستعماري- الاستغلالي والكيان الإسرائيلي، ليست علاقة تبعية خالصة، فمنْ يتبع الآخر حقيقة غير واضحة المعالم، ولا يمكن التكهن بها إلا في حال فصل المواقف وتبسيطها أحياناً، أي من خلال المصالح المشتركة، أي إنها علاقة استثمارية متبادلة بين الغرب «وإسرائيل»، فكلاهما يأخذ دور الوكيل والأصيل تبعاً للموقف.
العلاقة لا تختصر بالمقولة البريطانية سيئة الذكر: «تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين»، الهدف الأساسي الذي أراده الغرب من دعم اليهود، بل تختصر النتيجة التي خلص إليها الغرب، وهي التخلص من اليهود لغايتين: أولاهما دورهم في القبض على اقتصاديات الغرب، وثانيتهما لأسباب دينية عقائدية، لكن هذه الأسباب والحاجة التي استجدت فيما بعد، أي المصلحة المشتركة بينهم متنت تلك العلاقة، فالكيان بحاجة لدعم الغرب المستمر للبقاء، والغرب بحاجة للكيان للهيمنة والسيطرة واستغلال ثروات شعوب المنطقة، إذاً هي علاقة بدأت تبعية بالشكل، لكنها انتهت إلى علاقة استثمار متبادل، كل منهما بحاجة للآخر.
وجود الكيان الإسرائيلي في منطقة بالغة الأهمية هو فائدة استعمارية ضمنت للغرب السيطرة واستغلال كامل الثروات في المنطقة وفي الجنوب العالمي، فهذه العصا الغليظة تمكنت من دورها المنوط بها في فصل وتشتيت قوى المنطقة لضمان السيطرة والهيمنة الغربية.
إن الغرب وبعد انتقال راية الهيمنة من أوروبا الى أميركا وكذلك انتقال ارتباط الكيان الإسرائيلي إلى الحماية الأميركية، سار خلف واشنطن وتبنى مواقفها في ملفات الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة تنبأت بأهمية حاملة الطائرات البرية هذه، أما «إسرائيل» فقدمت لها الدعم غير المشروط، والكيان الإسرائيلي أكثر من يجيد استغلال الفرص ويعلم أهميته للغرب بفرض سيطرته.
لقد استطاع الكيان الاسرائيلي استغلال نقاط ضعف الغرب وحاجته لاقتصاد المستعمرات المباشرة وغير المباشرة في الشرق لتحقيق نمو معين ورفاهية للشعوب التي يحكمها، فضمنَ دعم الغرب له بالسلاح الذي يتم فيه قتل وتدمير كل أشكال الحياة في فلسطين، إضافة إلى صمته وقلب الحقائق وتبرير مجازره وانتهاكاته الشنيعة بحق الإنسانية وإسكات وسائل الإعلام التي لا تروق له، ودعم تلك التي تتبنى رؤية الغرب لمجريات الأحداث في غزة.
أميركا بحاجة للكيان الإسرائيلي في فرض هيمنتها على المنطقة التي هي أساسية في أحاديتها وفي صراعها مع الصين والاتحاد الروسي، فعندما كشف مدى هشاشة هذا الكيان أمام مد المقاومة، أرسلت واشنطن حاملة الطائرات «يو إس إس دوايت آيزنهاور» إلى شرق المتوسط لتنضم إلى «جيرالد فورد» خوفاً على «إسرائيل» من حرب شاملة في المنطقة تخسر بموجبها واشنطن أحد أهم عناصر هيمنتها العالمية وهو ووجودها بقواعدها في المنطقة، فحضر الأصيل لدعم الوكيل الإسرائيلي في المنطقة.
أما شعوب المنطقة التي تختصر بالشعوب المقاومة، سواء أكانت من الحكومات أم الحركات أو الجماهير وصولاً إلى كل فرد يقاوم الاحتلال، فمنذ البداية تعلم أنها تقارع الغرب بأكمله وليس فقط حربته التي زرعها في خاصرة الأمة العربية- فلسطين، وقد أعدت لحربها الشاملة ما استطاعت من قوة.