حلب تحتفي بـ«نزار قباني» على طريقتها… شعراء صغار يحيون ذكراه بالنهل من أشعاره الغزليّة والسياسيّة
تشرين- رحاب الإبراهيم:
أبت مدينة حلب «أمّ القدود» أن تمر الذكرى المئوية لولادة الشاعر الكبير نزار قباني دون الاحتفاء به على طريقتها المحبة للفنون والثقافة، إذ اختارت الإضاءة على نتاجه الأدبي الزاخر بتخصيص ثلاثة أيام، سعى القائمون على تنظيم (ملتقى نزار قباني بحلب) واستحضاره عبر قراءة أشعاره الغزلية والسياسية من قبل محبيه من الشعراء الكبار والصغار، الذين كانوا الحدث الأهم، ليكون هذا الملتقى خطوة على طريق تنمية مهاراتهم الإبداعية والأخذ بيدهم إلى عالم الشعر الذي يعد نزار قباني ملكه من دون منازع.
تضمن (ملتقى نزار قباني) الذي أقامته مديرية الثقافة في حلب، إذ تحتفي وزارة الثقافة ومديرياتها بالشاعر الكبير في جميع المحافظات منذ أول هذه السنة، معرضاً يوثق أشعاره الرومانسية والسياسية بخط عربي جميل من إنتاج طلاب (معهد فتحي محمد للفنون التشكيلية)..
ويذكر مدير ثقافة حلب جابر الساجور الذي أكد أن إقامة ملتقى نزار قباني يأتي للتذكير بأهمية هذا الشاعر العظيم الذي أعطى للأدب والثقافة العربية الكثير، وأغنى المكتبة العربية بأشعاره، فكان سفيراً للكلمة والدبلوماسية، مبيناً أن الصغار كما الكبار احتفوا بنزار قباني، عبر إلقاء بعض من قصائده، وهذه خطوة مهمة تحدث للمرة الأولى بغية تحفيز مهاراتهم الإبداعية وتشجعيهم على متابعة القراءة والنهل من النتاج الفني والأدبي للشاعر الكبير.
بالنظر إلى تزامن إقامة ملتقى نزار قباني مع «طوفان الأقصى» وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، بيّن الساجور تضمين المعرض والأشعار الملقاة قصائد تتحدث عن القدس وفلسطين التي كان لها حيزً في قصائد نزار قباني، فقد حضر الجانب السياسي بمساحة كبيرة عنده، لكن على الأغلب جيل الشباب يركّز على القصائد الغزلية والرومانسية، وهذا غير مستغرب فكلنا تربينا على ذلك كما يشير مدير ثقافة حلب.
حوار منولوجي
«تشرين» التقت عدداً من المشاركين في ملتقى نزار قباني، ومنهم هيفين محمد دكتوراه في اللغات السامية التي حضرت رسالة لنزار قباني أشبه بحوار منولوجي معه عبر محاولتها استحضاره بقصائده الصالحة لكل زمان ومكان، فأرادت من ذلك إخباره عن حال البلد وظروفه الصعبة، معتبرة أن هذه الرسالة ليست رسالتها فقط وإنما رسالة كل سوري.
وكادت دموع د.هيفين محمد تنهمر عند سؤالها عن مضمون رسالتها إلى نزار قباني لترد بالقول: هذه الأرض الكريمة الطيبة وأهلها لا يستحقون ما حصل لهم…فنحن أبناء الحب والحياة ولا نريد لهذا الواقع الصعب أن يستمر ، ولو كان نزار موجوداً لما تحمل ما حصل لبلده وأبنائه.
شعراء صغار
د.فايز الداية دكتور في كلية الآداب ورئيس تحرير مجلة المعرفة بدمشق، أكد أنه بصدد إعداد خاص بنزار قباني كنوع من الاحتفاء بالشاعر الكبير، فالمحافظات اليوم كلها تحتفي به، وحلب تشارك في هذا الحدث المهم حسب أسلوبها المحب للأدب والثقافة، إذ احتفى الكبار والصغار بإبداعه ونتاجه الأدبي الضخم، علماً أن مشاركة الأطفال في إلقاء قصائده عُدَّت عملاً نوعياً لكونها تحصل أول مرة، كما أن إعداد دراسة حول ديوانه المسموع، والإشارة إلى بعض القضايا اللغوية التي يتضمنه هذا الديوان، يعد عملاً جديداً عولج بطريقة علمية تليق بعظمة شاعر سورية الكبير.
وعن أهمية احتفاء حلب بالشاعر الدمشقي الكبير، أكدّ الداية أن اللقاء لقاء حب وعشق لنزار قباني، فأهل حلب أهل موسيقا ونزار شعره موسيقا، مبيناً أن حلب كانت لها مكانة خاصة في قلب نزار قباني، لذا يمكن القول إن أواصر المحبة كانت قائمة بينهما، لذا نعمل اليوم ،والكلام لـ د.الداية، على تمتينها بأكثر من طريقة، فلولا الظروف العامة مثلاً كان سيقام حفل موسيقي للاحتفاء به، لكن اليوم سورية تعيش حالة حداد، لذا أجل الموعد إلى زمن معين، ولم يلغ قطعاً، إذ يرغب محبوه برد الجميل له عبر إعطائه جزءاً مما أعطاهم إياه من جرعات الحب والأمل وتذوق الأدب الجميل والممتع والهادف، فهو إن رحل جسداً سيبقى بين محبيه من خلال إرثه الأدبي الغني، وهذا سر التفاعل المتواصل بينه وبينهم رغم رحيله منذ فترة طويلة.