إبداعات العقل خارج حسابات الاستثمار.!

يكاد لا يمر يوم يخلو من أحاديث إعادة الاعمار سواء على مستوى الخطاب الرسمي والخاص، بما فيها من فعاليات اقتصادية واجتماعية وهيئات مدنية تعمل بموازاة العمل الرسمي، وهذا ليس بالجديد، بل يعود لسنوات الحرب الأولى، حيث أعلنت فيها الدولة سياسة إعادة الإعمار، لكن التذكير والحديث عنها بقصد إشراك الجميع فيها تشكل حالة إيجابية لاستثمار المتوافر من إمكانات، وعدم إضاعة الفرص المتاحة..
والواقع خير دليل لما تم من استثمار وظف باتجاه إعادة الإعمار لجوانب مختلفة بعضها حمل صفة الجزئية، والآخر حمل صفة الكلية وخاصة ما يتعلق بقوة الإنتاج في القطاعين الزراعي والصناعي، وخدمات البنية التحتية المرتبطة بهذا المكون، وذلك ضمن اجراءات وقوانين، وحتى ظروف استثنائية أثمرت نتائج طيبة، لكنها لا تقارب سقف الحاجة المطلوبة لتأمين السوق المحلية، والخروج إلى الاسواق العالمية بفائض يحقق عائدية اقتصادية تذكرنا بسنوات ما قبل الازمة..
وبالتالي المهم أن الدولة باشرت بمهمة إعادة الإعمار منذ السنوات الأولى على مستوى الكل، وهذا شتت الجهود، وباعد في مقاربات النتائج، الأمر الذي يفرض إستراتيجية جديدة يتم من خلالها تحديد الأهداف بدقة، والتركيز على خطوات يسهل من خلالها تنفيذ إعادة الاعمار، وتوجيه البوصلة، نحو استثمار مقومات العلاج والتعافي المطلوب، وهذا لن يتم إلا من خلال التخطيط الصحيح، لاستثمار أهم مقومات إعادة الاعمار، والتي مازالت إلى حد كبير خارج الحسابات، وهذه تكمن في استثمار الموارد البشرية، التي تشهد أخطر حالات التشتت والقهر الوظيفي الذي يمارس على الخبرات والكفاءات العلمية واستبعادها عن مسرح العمل، ووضعها في المكاتب ودواوين يموت فيها الإبداع والتنوع، في العمل الذي يؤسس لحالة إنتاجية تغطي كل تكاليف الإعمار المطلوب ..!
وبالتالي حتى نضع إعادة الاعمار على السكة الصحيحة لابد من الانتباه إلى الحالة الأهم، والتي يقع على عاتقها كل المهام، والتي تكمن في تأهيل الموارد البشرية وتعزيز كفاءاتها، وتطوير خبراتها، وهذه ضرورة ملحة لتوفير الوقت والجهد وحسن الاستثمار وتخفيض التكاليف في ظل ظروف صعبة نحن فيها بأمس الحاجة للمكون البشري بكل أبعاده وفئاته..
لهذا علينا التفكير بمنطق الحاجة لإعادة بناء هذا المكون وفق اتجاهين الأول التنشئة الأولية “الأسرة” والثاني “إعادة التأهيل” والذي يسير بالتوازي مع الأول لتأمين الكوادر والكفاءات التي تقود عملية الاعمار بخطين الأول انتاجي يؤسس لقوة الاستثمار في العقل البشري، والثاني يقضي بتأمين البيئة التشريعية والخدمية التي تحمي هذا الاستثمار..
لكن للأسف الشديد معظم السياسات والاستراتيجيات التي حملت مضمون إعادة الاعمار مازالت بعيدة عن استثمار العقل البشري وخبراته، لهذا السبب إعادة الإعمار تمشي ببطء شديد، تضيع فيها الجهود الحكومية، من دون أن ننسى ظروف الحرب والحصار..!
Issa.sami68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
(وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية