دعا إلى هجر الطريقة الاستعجالية.. خبير اقتصادي يبشر بفرص على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية
تشرين- نور ملحم:
تحولات بينوية هامة في معظم الأنشطة الاقتصادية في العالم نتيجة عولمة أنظمة الإنتاج وسرعة التجديد وقصر حياة المنتج ما أدى وفقاً للدكتور زياد أيوب عربش إلى إنتاج التكتلات الإقليمية وتحدياتها على الدول المنضوية ضمنها وتحول مركز ثقل العالم من الغرب إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب، فالتغيير هو السمة الأساسية للعملية الإنتاجية (سواء كان سلعاً أو خدمات أو خدمات إنتاجية).
وخلال محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي بـ”أبو رمانة” بعنوان مسار العلاقات الاقتصادية الدولية وانعكاساتها على سورية أشار عربش إلى تأثر سورية بالوضع الدولي الجديد إضافة إلى وجود تراكم وتنوع وتوسع ضمن التحديات الاقتصادية السورية التي تزداد تعقيداً مع ضيق هامش الحركة لمواجهة المسائل الجوهرية بفكر تجديدي وإبداعي يفعّل كامل طاقات المجتمع.
علماً أن كل ملف جوهري أصبح اليوم شائكاً مع غلبة الحلول الآنية خاصة مع بروز شبه يومي لمعطيات جديدة، تحدُّ من قدرة التدخل السلس وتنفيذ مكونات برنامج سورية فيما بعد الحرب والإطار الوطني للتخطيط الإقليمي.
المحاضر لفت إلى أن ما اتخذ ويتخذ هنا أو هناك وعلى مستويات حكومية متعددة قد يكون بمعظمه بنية صادقة وإيجابية، لكن مع التنفيذ نرى أن النتائج لا تتوافق مع التحديات الاقتصادية والمجتمعية (التي بدورها تأخذ مناحيَ يصعب السيطرة عليها في ظل تكالب القوى المتغطرسة على سورية والتي ليس أقلها المحتلان الأمريكي والتركي لمنابع تكوين الاقتصاد الوطني)، بالمقابل لا تصح مقولات عديدة منها: غداً سيكون أفضل (طمأنينة مرحلية) لواسيما أن أي قرار قد يتخذ له سلبياته وإيجابياته.
عربش: التحوط النقدي والمالي الذي اتخذته الحكومة مؤخراً وإزالة العوائق أمام انسياب السلع سيخفف وطأة ارتدادات الأزمة والصعوبات ستكون فرصاً في المستقبل
عربش بيّن أن التحوط النقدي والمالي الذي اتخذته الحكومة مؤخراً وإزالة العوائق أمام انسياب السلع سيخفف إلى حدٍّ ملموس وطأة ارتدادات الأزمة ولاسيما تسريع التخليص الجمركي للبضائع والسماح للأفراد باستلام حوالاتهم بالعملة الصعبة، لكن ذلك يتطلب متابعة التنفيذ لهذه القرارات واتخاذ المزيد منها كاستباق وتحوط لمجريات الأحداث بما في ذلك إدارة العرض والطلب وتقليل الهدر وإعادة تبويب الأولويات بما يضمن استقرار الأسواق وتأمين الحاجات المعيشية، حيث لا يوجد تبرير لحالات التخوف.
مشيراً إلى أنه مقابل هذه الصعوبات ستبرز لاحقاً فرصٌ على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية إضافة إلى الفرص الكامنة التي لا بدّ من استغلالها نتيجة التنافس الدولي المحتدم.
وعن وضع الطاقة على الصعيد الدولي أضاف الدكتور عربش أن هناك بالأساس مشكلات جوهرية وبنيوية بتباينات وتمايزات مختلفة بين الدول وذلك حتى قبل جائحة كورونا لتضاف إليها أزمة أوكرانيا وهي “معركة كسر عظم” بين الغرب وروسيا الاتحادية، حيث بدأت أسعار النفط الخام والغاز بالارتفاع منذ نهاية العام الماضي واستمرت لتأخذ منحى تصاعدياً في الأيام الأخيرة ولن تهدأ الأسواق العالمية قريباً حتى لو انتهت الأزمة في الأسابيع المقبلة.
وعن الحلول التي يجب العمل عليها أكد دكتور الاقتصاد أهمية التفعيل الإيجابي للفعاليات المجتمعية من خلال هجر الطريقة الاستعجالية أو إعادة فتح ملف من دون اتخاذ قرارات متناغمة وبدراية علمية مسبقة، والرجوع إلى العمل المؤسساتي الأصيل، أي الجهد الجماعي أكبر من المجموع الجبري الفردي، إضافة لإعادة تفعيل منصب النائب الاقتصادي وتتبع التراتبية المؤسساتية داخل هرم السلطة التنفيذية، فلا بديل عن مايسترو لحوكمة الملفات الاقتصادية والخدمية كما يجب اللجوء إلى مفهوم مكاتب التدخل السريع (لجان تنفيذية لمعالجة القضايا اليومية والطارئة كاستعجال ومزودة بصلاحيات مع مرجعيات مرنة، والتدقيق بنتائج أعمالها) ليصبح دور هذه المكاتب “كلاعبين ليبرو”: تحضيراً وتنفيذاً ومعالجة الطوارئ، وذلك بدل استنزاف جهد الوزراء في حلِّ شرابيك في غنى عنها وتحيدهم (على الأقل لجهة إتاحية الوقت) عن تنفيذ خططهم حتى اليومية، كما يجب العمل على كيفية زج الشباب في المشاريع بالاعتماد على اقتصادات المكان وتنمية المحليات وسبل تفعيل دور ممثلي المجتمع بصنع القرار والحوكمة المجتمعية..