هل نخسر زراعات سهل الغاب بضياع موارده المائية؟.. كل المؤشرات تشي بذلك

تشرين- محمد فرحة:
شهدت السنوات القليلة الماضية انخفاضاً ملحوظاً للعديد من الزراعات الهامة والاقتصادية في منطقة سهل الغاب، من جرّاء غياب السياسات الزراعية الحكيمة والخطط المبرمجة الإستراتيجية لعدة أسباب، تأتي في مقدمتها قلة الواردات المائية ثم ارتفاع التكاليف، ما أدى إلى عزوف المزارعين عن زراعات كهذه، الأمر الذي بات يهدد تغيير معالم وتركيبة هذا السهل الخصب.
في لغة الأرقام نقرأ بأن مساحة سهل الغاب تبلغ ١٤١ ألف هكتار، وينتج قمحاً بما كان يزيد على الـ١٢٠ ألف طن، وفقاً للمساحات التي كانت تزرع ضمن الخطط، وكان يعطي ٤٥ بالمئة من إجمالي الشوندر في سورية و٣٢ بالمئة من إنتاج الأسماك و١٣ بالمئة من محصول القطن وعشرة بالمئة من إنتاج اللحوم والحليب.
ليطرح السؤال نفسه اليوم: أين إنتاج سهل الغاب اليوم من تلك الحقبة؟
لاشك في أن المتغيرات المناخية والظروف الراهنة اختلفت كثيراً لجهة البيئة والمياه بعدما خرجت سدود الغاب من الخدمة، كسدّي أفاميا ( آ – ب) ومحطات الضخّ والتي يقال إنّها قيد وضعها بالخدمة، رغم أن وارداته المائية السنوية تبدأ من ٥٠٠ ملم في السنين الجافة و٨٨٠ ملم في السنين الممطرة، تستثمر الجهات المعنية منها ٣٥ بالمئة فقط، والبقية تذهب هدراً إلى البحر عبر بوابات القرقور شمال حدود سهل الغاب.
عن ذلك أوضح مدير عام هيئة تطوير الغاب، المهندس أوفى وسوف لـ”تشرين” أنّ سهل الغاب سلّة سورية الثانية، ينتج من المحاصيل الزراعية ما يشكل رفداً عظيماً ومهماً للاقتصاد الوطني من كل المحاصيل بشقّيها النباتي والحيواني. غير أن مشكلته اليوم تكمن في قلة وارداته المائية من جهة، وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي بما يفوق سعر شرائها حكومياً، الأمر الذي أوجد فجوة بين كبيرة بين سعر الشراء والتكلفة، وبالتالي فقد المزارعون الرغبة في المضي بزراعة محاصيل كهذه.
ويضيف وسوف: اليوم اختلف الوضع تماماً، حيث راح المزارعون يبحثون عن زراعات أقل تكلفة وأكثر سعراً، وإن كانت في حدّها الأدنى، ودوماً نعمل على تحفيز المزارعين على المزيد من الزراعات، لما يشكّله ذلك في تحصين وتعزيز الاقتصاد المحلي، لكن يبقى التحفيز السعري وتوفير مستلزمات الإنتاج بشكل جيد وبيسر هو المهم.
هذا في مجال القطاع الزراعي، وكلنا يدرك ما حصل خلال السنتين الماضيتين لمحصول الشوندر.
أما ما يتعلق بقطاع الثروة الحيوانية، فهي الأخرى تشكّل رافداً ومورداً مهمّاً للمزارعين، إذ يوجد في مجال الهيئة ٢٨٥ ألف رأس من الغنم و٩٧ ألفاً من الماعز الجبلي و٢٩ ألفاً من الأبقار، كلها تشكّل مصدر دخل للأهالي. لكن مع ارتفاع أسعار المادة العلفية باتت الأمور أكثر صعوبة فلولا الزراعات العلفية وبقايا المحاصيل الأخرى لما تنامى عدد هذا القطيع، رغم أن المنتج من الحليب يذهب لتجار المادة العلفية بسعر بخس.
باختصار : لا السدّات المائية التي أنشئت على قنوات المياه الرئيسة أدت الغرض المطلوب، ولا السدود عادت لتخزين المياه، لزوم سقاية المحاصيل الصيفية، برغم وجود حوالي ثلثي الحاجة المائية من ينابيع المنطقة هناك.
وأختم بما قالته سيدة عجوز يوماً لوزير زراعة، كان يتفقد سهل الغاب، وكنت شاهداً حينها: لا نريد منكم شيئاً، فقط وفّروا لنا الماء واتركوا الباقي علينا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار