الثقوب السوداء أروع وأغرب الأجسام في الفضاء
تشرين:
تتصدر الظاهرة المعروفة باسم «الثقوب السوداء» الأخبار مؤخراً، بعد أن رصد علماء الفلك أول دليل على دوران الثقب الأسود، ما يوفر تفاصيل غير مسبوقة عن أكثر الأجسام غرابة في الكون.
وتنشأ الثقوب السوداء، التي تنبأ بها ألبرت أينشتاين في نظرية النسبية، عندما تحتضر النجوم الضخمة وتنفجر، وعقب هذا الانفجار تسقط المخلفات في نقطة تكبر رويداً رويداً من خلال اجتذاب مخلفات جديدة، وهي تنمو أيضاً عن طريق امتصاص حتى موجات الإشعاع كالضوء وغيره.
وتشرح وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أن الثقب الأسود هو عبارة عن «مكان في الفضاء تتركز فيها سحب الجاذبية بشكل مكثف حتى الضوء لا يستطيع الابتعاد عنه أو الخروج منه».
وقال موقع «سبيس» المتخصص في شؤون الفضاء: إن الثقوب السوداء تعدّ «من أغرب الأشياء وأكثرها روعة في الفضاء، حيث لديها جاذبية قادرة على سحب الضوء إلى داخلها»، مضيفاً: من المحتمل أن تكون مجرة درب التبانة تحتوي على أكثر من 100 مليون ثقب أسود.
وكان علماء الفلك قد تمكنوا أخيراً، هذا الأسبوع، من رصد نفاثتين ضخمتين انطلقتا من الثقب الأسود «الوحش» (إم 87)، وهما تتأرجحان في دورة مدتها 11 عاماً، ما أثبت لأول مرة أن الثقوب السوداء تدور.
كما رصد علماء صورة جديدة لثقب أسود يبعد عن الأرض 54 مليون سنة ضوئية، والذي تبلغ كتلته 6.5 مليارات ضعف كتلة الشمس، وحصل العلماء على الصورة باستخدام 16 تلسكوباً من مواقع مختلفة من الأرض، التي شكلت مجتمعة رصداً لثقب أسود ضخم.
وقال العلماء: إن الصورة الجديدة تظهر «الأحداث العنيفة» التي تجري حول هذه الظواهر الكونية، والتي تنبثق منها جسيمات عالية الطاقة في الفضاء.
ويؤكد العلماء أنهم غير قادرين على رؤية الثقوب السوداء، خاصة أن جاذبيتها تسحب كل الضوء إلى المنتصف، لكن رصدها يعتمد على حركة الجاذبية التي تظهر على النجوم حول الثقب الأسود، ويعتقد العلماء أن الثقب الأسود يحصل عندما يحتضر أحد النجوم، وهو ما يولد جاذبية قوية جداً في نقطة محددة.
ولا يمكن رؤية الثقوب السوداء بالعين المجردة، إذ لا يمكن رصدها إلا من خلال التلسكوبات الفضائية المزودة بأدوات خاصة، والتي لديها القدرة على رصد «تحركات النجوم القريبة من الثقوب السوداء» ومعرفة طريقة تحركها بشكل مختلف عن النجوم الأخرى.
ورغم أن أينشتاين كان قد تنبأ بوجود الثقوب السوداء في عام 1916، لكن مصطلح «الثقب الأسود» صاغه عالم الفلك الأميركي، جون ويليز في 1967، وأول ثقب أسود تم اكتشافه على الإطلاق في مجرة درب التبانة عرف باسم «سيغنوس إكس -1» عام 1964 ، حيث تم رصد مصدر مشع بشكل لافت حسب «ناسا»، عبر صور التقطتها الأشعة السينية، لكن في عام 1971 قرر علماء الفلك أن هذا الضوء المشع يدور حول جسم غامق غريب، الذي اعتبروه ثقباً أسود.
وفي نيسان 2019، كشف فريق من العلماء عن الصورة الأولى لثقب أسود، وهو كناية عن دائرة قاتمة وسط هالة متوهجة في مجرة «إم 87» على بعد نحو 50 مليون سنة ضوئية من الأرض.
ويطلق على بعض الثقوب السوداء اسم الثقوب «النجمية»، التي قد تصل كتلتها إلى 20 ضعف كتلة الشمس، و«الثقوب الفائقة الكتلة» التي قد يزيد حجمها على ملايين أضعاف شمسنا التي نعرفها، والتي يمكن أن تتسع في بعض الأحيان على ملايين الكواكب من حجم كوكب الأرض.
ورغم قدرة الثقوب السوداء على سحب كل ما يعترض طريقها في الفضاء، إلا أن خطر سقوط الأرض في ثقب أسود لا يزال بعيداً، حيث لا يوجد ثقب أسود يكون قريباً بما يكفي من النظام الشمسي قرب الأرض.