النحات علي فخور: حمل لنا الرخام الكثير من الحضارات السابقة والتي نستلهمها اليوم في أعمالنا
تشرين – نصار الجرف:
ربما كان النحت من أقدم الفنون التشكيلية، والذي هو أحد أشكال الفنون البصرية (المرئية)، الذي يقوم على تشكيل قطع فنية ثلاثية الأبعاد، ويمارس فن النحت على الصخور والمعادن والخشب والخزف ومواد أخرى.
والفنان علي عطية فخور، من فناني النحت البارعين، متخصص في النحت على الرخام، من مواليد سلمية، وقد شارك في (٦٧) معرضاً جماعياً وستة معارض فردية ومثلها خارج سورية، حائز عدة جوائز وشهادات تقديرية عن مشاركات خارجية.
التقته (تشرين) وكان هذا الحوار:
* سؤال تقليدي في البدء ،كيف كانت بداياتك مع الفن؟
بدأت موهبتي في الرسم منذ الصغر ، في المرحلة الابتدائية، وفي الصف الخامس شاركت بأول معرض رسم ونحت، المنحوتة من الجبس، ورسومات بقلم الرصاص، وجدت تشجيعاً من المدرسين، فكانت لي حافزاً لمتابعة هوايتي بالنحت.. بعد ذلك عملت عدة أعمال من المادة نفسها، لأنها سهلة التشكيل بالنسبة لي كهاوٍ وكطفلٍ، ثم عملت على تطوير نفسي بنفسي، معتمداً على موهبتي في الرسم، بعدها شاركت في عدة معارض جماعية في المدارس.. وفي مرحلة الشباب تحولت من العمل بمادة الجبس و الطين، إلى الرخام، وكانت هذه نقلة نوعية، بسبب أن الرخام مادة خالدة أولاً، ومادة مبهرة للمتلقي، وهناك طلب عليها أكثر من المواد الأخرى.
* هل من الضرورة أن يكون النحات فناناً تشكيلياً رساماً؟
طبعاً من الضروري جداً أن يكون الفنان رساماً وتشكيلياً، لأن النحت بالطين، على سبيل المثال، والنحت الصرف يختلف عن التشكيل، لأن النحت يبدأ بالكتلة من الخارج إلى الداخل، أما التشكيل فيبدأ من الداخل إلى الخارج.. إذاً من الضرورة أن يكون كل نحات رساماً، لأن كل عمل يحتاج إلى (سكيتش) رسمة، بفكرة العمل دون الدخول في التفاصيل.
* أهم أعمالك الرخامية التي كانت سبباً في شهرتك؟
من الأعمال التي كانت سبباً في شهرتي عمل “العاصفة” وبعد ذلك تم إنجاز عدد كبير من الأعمال الرخامية، التي توازي بقوتها “العاصفة” وربما أفضل، لاقت التشجيع والنقد من كبار الفنانين التشكيليين على مستوى سورية والعالم العربي.. وقد تم إجراء قراءة تحليلية وأطروحة جمالية في كلية الفنون الجميلة بجامعة البصرة عن أعمالي، وقرأت هذه الأطروحة في مؤتمر فني في ماليزيا.. بعد ذلك في العام ٢٠١٨، تم اختياري لأشارك في مهرجان الفنون العالمي الأول ، الذي أقيم في لشبونة في البرتغال وحقق عملي “العرش” المركز الأول، وعلى إثر ذلك تم اختياري للمشاركة في العديد من المهرجانات والمعارض العالمية، حيث شاركت في مهرجان “لاندوف” الدولي في كوبنهاجن بالدانمارك، لدورتين متتاليتين، وقد حصلت على شهادة دولية وكتالوغ صادر عن وزارة الثقافة الدانماركية، يحتوي على صفحة خاصة بي و بمسيرتي الفنية.. كما شاركت أيضاً بمعرض هاتاي الدولي في تركيا، وبعدها شاركت في مهرجان “إيزيس” في دار الأوبرا بالقاهرة، ولدي مشاركة ثانية قريباً شهر تشرين الأول، كما شاركت بعمل فني اسمه” “hand of god ” يد الله
في صالة “skills” مهارات، إلى جانب قميص مارادونا، لأن مارادونا عندما سجل هدفا بيده، قال “يد الله”.. وتمت دعوتي للمشاركة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى كاليفورنيا في غالوري jar- جار، وقد انطلق المعرض الأول بتاريخ ٩/٣ الماضي، وسيتم افتتاح المعرضين الثاني والثالث في الأيام المقبلة من خلال ثلاثة أعمال، لكل معرض عمل مختلف، الأول بعمل” إيكو” الثاني” هيلين” والثالث” قلب أمي”.. وقد وصلت أعمالي بسلام إلى هناك.
* من أين تستمد مواضيع أعمالك؟
الموهبة بالنسبة لي هي عبارة عن وصل الإنسان بالقوى الخفية واستلهام ما توحي إليه هذه القوى، ما يعني بالمفهوم الدارج “الصوفية في العمل الفني” لذلك معظم أعمالي تأخذ هذا المنحى، بالإضافة إلى القراءة بشكلٍ عام والتي أعتمد عليها في سرد المواضيع والقصص التي أحاكي الواقع بأعمالي، فمثلاً عملي “هيلين” يتحدث عن حرب طروادة، التي حصلت بسبب خطف الأميرة هيلين، وأيضاً عملي “أم سعد” شاركت فيه بالدانمارك، ونال جائزة، يحاكي الرواية الشهيرة “أم سعد” للكاتب غسان كنفاني، وعمل “إيكو” الذي أشارك فيه في أمريكا يحاكي اسطورة “إيكو” الإغريقية، وكذلك كل أعمالي على هذا المنوال، حيث جميعها تحاكي قصصاً وأحداثاً واقعية وأساطير سابقة، وهذه رسالة وأسلوب فني أعتمده في كل أعمالي، أعتمد على إظهار مايجسده هذا العمل مع اختيار تقنية فنية صعبة، لإظهار براعة في النحت، وهذا ليس عيباً، اقتبستها من الفنان العالمي الكبير مايكل أنجلو، عندما أجاب على سؤال يتعلق بشال السيدة العذراء وصعوبة نحته فأجاب قائلاً: “أنا أظهر براعتي في النحت” وأنا أختار التفاصيل الأصعب لإظهار هذه البراعة.
* لماذا اخترت الرخام دون غيره من المواد الأخرى؟
الرخام مادة خالدة، حملت لنا الكثير من الحضارات السابقة، عرّفت من خلالها معلومات عن هذه الحضارات، بالإضافة إلى أنها تلفت انتباه متابعي الفن والنحت وتفتح شهية النقاد والفنانين التشكيليين وهي باهرة للناظرين.
* برأيك من يقيم العمل النحتي” المنحوتة” هل هو الأكاديمي أم المتلقي؟
**هناك معلومة من زمن الرومان، حيث كانوا لايسمحون أن يقيم الشاعر شاعراً آخر، أو الفنان فناناً آخر، حيث كانت توكل هذه المهمة للفلاسفة.. أما اليوم فتوكل مهمة التقييم إلى الأكاديميين، وأعتقد أن العراق قد سبق معظم الدول العربية بإنشائه كلية تسمى “فلسفة الفن” وقد أوكلت مهمة النقد الفني إلى هؤلاء “الفلاسفة” الخريجين.. أما عني شخصياً فأعتبر أن المتلقي هو أساس كل هذه النظريات ولاننكر هنا الفضل الأكاديمي في النقد.
* ماهي الجوائز وشهادات التقدير التي نلتها عن أعمالك؟
نلت شهادة دولية من إدارة مهرجان الفنون العالمي الأول في لشبونة بالبرتغال، وشهادة دولية صادرة عن وزارة الثقافة الدانماركية وجائزة عن عملي الذي شاركت به في الدانمارك في مهرجان “لاندوف” الدولي في الكاتالوغ السنوي الذي يصدر عن وزارة الثقافة هناك، متضمناً صفحة خاصة بي وبمسيرتي الفنية، وحاصل على شهادة تكريم من جمعية “لوحات بلا حدود” وأخرى من مشاركتي في دار الأوبرا المصرية.
* ماهي عقبات ومصاعب الفن النحتي؟
** من أهم المصاعب التي يواجهها الفنان هي غلاء المادة والتي تتضمن الكتلة الرخامية وأدوات النحت من الأزاميل والمطارق ونظارات وواقيات حماية للوجه من الشظايا والغبار ، وأجهزة كهربائية وغيرها، حيث بلغت أسعار الرخام أرقاماً خيالية، ناهيك عن مادة الماس التي تستخدم في النحت.