تحدّثوا عن أثرها في الحركة الأدبيّة والفنيّة… المترجمون السوريّون يجتمعون في يوم الترجمة العالمي

تشرين- لمى بدران:
احتضنت مكتبة الأسد وسط دمشق الندوة السنويّة للترجمة التي تنظّمها وزارة الثقافة السورية بالتعاون مع جامعة دمشق ومجمّع اللغة العربية واتحاد الكتّاب العرب واتحاد الناشرين السوريين، والمتزامنة مع اليوم العالمي للترجمة، ليكون عنوانها في هذا العام «أثر الترجمة في الحركة الأدبية والفنية في العصر الحديث» واستمرت فعاليات الجلسة على مدى يومين من تقديم أوراق العمل من قبل الباحثين والناقدين والمترجمين وبحضور مدير الهيئة السورية للكتاب د.نايف ياسين الذي يرى أن التفاعل بين الحضارات المختلفة أمر مهم، خصوصاً في هذه المرحلة التي يمر فيها عالمنا العربي إجمالاً بنوع من الفقر في الإنتاج الفكري، وهذا بدوره يستدعي ضرورة أكبر لترجمة ما ينتجه الآخرون من فكر وأدب وفن في الخارج، ودعا خلال تصريحه لـ(تشرين) إلى عدم الاطلاع على فكر الآخرين فحسب، بل التركيز على الأعمال التي تدعو للانفتاح وتقبّلها نقديّاً، وذكر لنا أنه يجب على الأكاديميين السوريين الاطلاع بشأن النقد للترجمة في سورية لتصبح أكثر منهجية لدينا.
طَرَحتْ المشاركات في اليوم الأول قضايا من صلب العمل في الترجمة، ومنها مشاركة مدير التأليف في الهيئة العامة للكتاب د.غسان السيد الذي استهل مشاركته بسؤال يثير الفضول، وهو«لماذا نترجم» موجّهاً خلالها رسائل لمن يَدْعونَ إلى التوقف عن الترجمة، فنحن في رأيه عندما ننقل الفكر والمعرفة من ثقافة لأخرى لا نصنع عيباً بأنفسنا، بل نحن في أمس الحاجة إليها من جميع اللغات، والتوقف عنها يعني التوقف عن التفكير، وذكر لنا أن عدد المترجمين السوريين قليل جداً، ولا يتجاوز الـ٢٠ مترجماً، وأعاد ذلك إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الجميع.
ومن أبرز المشاركات خلال الندوة في اليوم الثاني كانت مشاركة عميد كلية الآداب في جامعة قاسيون د.عدنان عزوز الذي تحدّث فيها عن منتصف القرن التاسع عشر وكيف أرسل محمد باشا عدداً من المترجمين إلى إيطاليا وفرنسا ليساهم مؤسس مدرسة الألسن رفاعة الطهطاوي عبر نقل الحضارة الفرنسية ذلك الحين في تغيير المجتمع المصري والعربي ككل، وأجاب «تشرين» عن أولويات العمل في الترجمة في الوضع الراهن بأهمية الالتفات نحو الذكاء الصناعي والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي وثورة المعلومات ومواكبة أنماط العمل الجديدة وتحسين أداء الترجمة بموجبها.
أما الكاتب المسرحي والناقد جوان جان، فشارك بورقة تحت عنوان «قبسات من حركة الترجمة في المسرح السوري» ركّز خلالها على دور الترجمة في نهضة المسرح السوري في عقد الستينيات والسبعينيات، وكيف تنافس المخرجون المسرحيون السوريون آنذاك على تقديم منتخبات الأدب المسرحي العالمي، واستذكر كيف كانت الأعمال المعتمدة على نصوص مترجمة تنال استحسان الجمهور خاصة نصوص كتبها كبار كتّاب المسرح في العالم كشكسبير وموليير، ويعتقد حسبما قال لـ(تشرين) أن للمسرح دوراً توعوياً مهماً جداً لدى الجمهور نحتاجه خصوصاً في المرحلة الحالية، إذ نحن أحوج ما نكون اليوم إلى الفكر المنفتح الذي يستوعب جميع الثقافات، ويضيف إليها، ويغنيها.
وَجَدَ عميد المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية د.فؤاد الخوري الذي كان مديراً للجلسة في اليوم الأول أن المداخلات خلال الندوة كانت قيّمة، ويجب في رأيه أن على المترجمين الأفراد وعلى الجهات العامة أيضاً أن يعطوا اهتماماً أكبر للترجمة كي لا تتراجع أبداً، ووجّه عبر «تشرين» رسالة لخريجي معهده قائلاً: نحن أحياناً نضطر أن نخرّج طلاباً بمستوى لسنا راضين عنه لأسباب إنسانية نشعر من خلالها بالطالب الذي يعارك الظروف الصعبة، لكني أقول لهم «اتعبوا على حالكم حتى لو بعد التخرج».
توقّعت المترجمة السورية كنينة دياب، وهي من الحضور أن تكون الندوة أعمق من ذلك، لكنّها أكملت لنا: من الممكن أنه تم تلخيصها اختصاراً للوقت، ولخّصت لنا تجربتها في الترجمة بأنها مصادفات ومغامرات واختيار لما يضيف لها ويثقّفها، وفي رأيها أن الحياة الصعبة جعلت الكثير من المثقفين في التأليف والكتابة والترجمة يتراجعون، وفي رسالة منها للمترجمين في يوم الترجمة العالمي أوصت المترجمين بالبحث عن الكتاب الثمين فعلاً، والذي يستحق العناء ويضيف للآخرين، وأيضاً الاهتمام بترجمة الكتب العلمية تحديداً، لأن في رأيها أن العالم تطوّر بشكل كبير قياساً بنا.
رافق الندوة معرض كتاب للكتب المترجمة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتّاب، وأشير ختاماً إلى أن جميع المشاركات غنيّة وقيّمة، وكل مشارك ومترجم/ة كان في الندوة هو شخص نبيل يحارب للاستمرار، ويحمل رسائل السلام التي من خلالها يستطيع إحياء التراث وإحداث تغييرات مجتمعية كبيرة نحتاجها في ظل الوضع الراهن، وجميعنا ننتظر العام القادم في هذه الندوة، لعلّ الترجمة السورية تصبح في مستوى جديدٍ يثلج صدورنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
(وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية