أضمومة كتبٍ في حفل توقيعٍ واحدٍ لـ«محمد مفضي سيفو»
تشرين – نصار الجرف:
جمهور الثقافة والأدب في سلمية كانوا على موعد مع حفل توقيع عشرة كتب، للمؤلف والباحث محمد مفضي سيفو، وليس كما جرت العادة حفل توقيع كتاب واحد، بل باقة من المؤلفات الفكرية والأدبية، تم توقيعها في صالة المركز الثقافي العربي في سلمية، والتي غصت بمتابعي الثقافة والفكر، عشرة من المؤلفات تنوعت بين التأليف والجمع والتوثيق، وشملت الرواية والشعر والتأريخ، كانت عناوينها: «رسائل ميرنا إلى ألبرتو- الحب الخالد، أدب الرسائل عبر العصور، زهرة العمر- رواية، المقتطف في أخبار من سلف، الإسماعيلية والقرامطة- الاتفاق والافتراق، حين غاب العمر- رواية ، الحاكم بأمر الله- الخليفة الذي ظلمه التاريخ، النقود والسكة الفاطمية، دمشق على الفلوس السفيانية والأموية، قصيدة حب ووفاء».. ونحن لن نستطيع الغوص في بحر هذه المؤلفات العشرة في هذه العجالة، ولكن استنرنا بقراءتين لأديبين حول مؤلفين من هذه المؤلفات.. الشاعر والأديب مهتدي غالب، قدم لنا قراءة حول كتاب « الحب الخالد»والذي هو تجميع وتوثيق، وفيه يقول غالب: استطاع الكاتب أن يعيد أدب الرسائل الوجدانية والإنسانية إلى عمق الساحة الثقافية والأدبية بأناقة العشق والشفافية والإبداع العفوي، الكاشف لعمق أعماقنا، فأتى الكتاب محمولاً بأجنحة عواطفنا وأرواحنا يهز مشاعرنا برؤية الحب الحضاري الإنساني الخالد.. بروح حساسة وشاعرية مبدعة، تعيش حالة الحب الخالد بفطرية وشفافية ووضوح رؤية معرفية وتوثيقية للمشاعر الإنسانية التي تنتابنا في حالات الحب الحقيقي التي يذوب فيها الروحي بالمادي، فتأتلق الكلمة، وتضيء الحروف ما لم تستطع كل الأنوار أن تقاربه، فيتفجر فجر الحب كالينابيع من أنامل الحروف ليروي قصة حياة بشكل روائي عذب وشفاف، اعتمد أسلوب الرسائل المجمعة والموثقة من أوراق عاشقين عاشا لحظات حب مصيرية مرت فيها عواصف كثيرة، وحاولت براكين أكثر أن تدمر هذا الحب الخالد الذي أبى إلا أن يكون درساً للإنسانية جمعاء، فيقول إن الحب روحه الشفافية والوضوح وجسده الصدق والمعاناة والبوح الشفيف.
الكتاب الأول من حيث النشر هو كتاب ( الحب الخالد : رسائل ميرنا إلى ألبيرتو ) ورغم أن الرسائل متبادلة بين الاسمين الرمزين ( ميرنا ) و ( البيرتو ) اللذين اختارهما الكاتب، فإن لعنونة الكتاب بأنه (رسائل ميرنا إلى ألبيرتو) سيمة دلالية مهمة معبرة عن روحية الكتاب المنبثقة من نبضات قلبه وحياته وتوقه المعرفي لنثر رؤياه الإنسانية كعطر الياسمين في قلوب المتلقي، كي يعيش كل كلمة بحالتها العفوية والفطرية، فيكون المتلقي هو الطرف الكاشف لعمق الحب في الحياة والحضارة الإنسانية، إعطاء الأولوية بعمق هذا الحب للحبيبة الإنسانة الوحي المتفرد.. صدر الكتاب بطبعته الأولى عن دار البشائر للطباعة والنشر – دمشق عام ٢٠٢١م وأصر الكاتب على جملة تعبيرية ألا وهي (تجميع وتوثيق) تعبيراً عن حقيقة أن هذه الرسائل كتبها الحب بقلم قلب كل من المحبين اللذين عاشا هذا الحب و يعيشانه حتى اللحظة.. يحتوي الكتاب على مقدمة (الحب الخالد) وافتتاح الكتاب دونته ميرنا ثم ( ١٠٢) رسالة بدأت برسالة من ( ميرنا ) بتاريخ ١٩٦٣/٢/٧م إلى الرسالة مئة واثنتين، التي خطها ألبيرتو غير مؤرخة لسرمدية مضمونها ومعانيها، ثم دون ألبيرتو (خاتمة) كما سماها، و آخر جملة فيها رائعة من نور الوفاء العظيم، إذ قال ( عسى أن يكون لقاؤنا في السماء)..
وإضافة لهذه الرسائل احتوى الكتاب فيما بينه خواطر وصل عددها إلى ( ١٩ ) خاطرة إضافة إلى بطاقات معايدة وصل عددها إلى ( ٧) بطاقات . الحقيقة نحتاج للكثير من الكتابة حتى نؤدي الكتاب حقه، في هذا العصر الذي يعاني جفافاً وجدانياً وروحياً وعاطفياً..
القراءة الثانية لأحد مؤلفات الكاتب سيفو، كانت للأديبة لينا عبود حداد، وكانت لرواية «حين غاب القمر» فتقول: في هذه الرواية ينتابنا للوهلة الأولى قبل الولوج لمحتواها خطوط لامعة المعاني الحياتية المعيشة، الواقعية بشدة بحذافير يومية ناطقة بفلسفة بالغة الأهمية، تناولها المؤلف ببساطة مدهشة وبأريحية من عطر خاص للقارئ، إذ أخذنا معه برحلة تطواف حول كرة الحياة وعجلتها.. وأظهر لنا أيضاً تبعيات كل المواقف بسردية لامعة لافتة، معنوناً كل فصل من فصولها بدقة الحدث وصدق الإحساس وبراعة قصصية لافتة بانت لنا في طياتها جمالية من نوع خاص وتفاصيل دقيقة وعبر معيشية خالدة بتأريخها فكرياً.. تسابقت ألوان حبر اليراع عبر خطوط الزمن الحرفي المنطوق والمدرج بغير العبثية.. تلاحمنا وإياها وانصهرنا بدواخلها واسترقنا النظرات إلى ما قبل وما بعد.. غير آبهين بنهاية جملة أو حدود فصل من فصولها، ويعود ذلك لقدرة المؤلف وفكره المتوقد والخلفية الثقافية الأدبية الرائدة لديه.. بدأنا بالقراءة وانتهينا إلى لا نهاية ، ووقفنا في منعطف التلاقي لروايات أخرى ومتتالية بشغف لاحتوائها بين أيدينا وزيارتها للفكر لدينا من نبع يراع المؤلف.