الحديث عن المشروعات المتوسطة والصغيرة و حتى المتناهية في الصغر، لم يتوقف يوماً، لا من أصحاب الشأن والعاملين فيه, ولا من قبل الاقتصاديين والجهات الرسمية وغير ذلك من المهتمين بهذا القطاع، إيماناً بأهميته وما يشغله من مساحة واسعة في قوة الاقتصاد الوطني، والمردودية الإنتاجية التي تحقق الاستقرار للسوق المحلية، والأهم أنها المحرك الأقوى لعجلة النمو على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والعلمية وغيرها من مكونات النمو التي يبحث عنها الجميع أفراداً وحكوماتٍ..
ونحن اليوم في بلدنا بأمس الحاجة لتطوير هذا المكون الاقتصادي لاعتبارات، منها اقتصادية وأخرى اجتماعية، مرتبطة بواقع التنمية المستدامة التي تعمل الدولة بمختلف مؤسساتها على تنفيذها، وفق إستراتيجية تتناسب مع الظروف التي نمر بها، وإعادة رسم خريطة جديدة شاملة، تحدد متطلبات إعادة بناء قطاع المشروعات الصغيرة، بعد تعرضه للتخريب والتدمير من قبل العصابات الإرهابية المسلحة، إدراكاً من أهميته ودوره في استقرار الحالة الاقتصادية التي كانت تنعم بها سورية قبل سنوات الأزمة، حيث كانت نسبة مشاركة هذا القطاع من إجمالي المنشآت المنتجة في سورية 95%، وهذه النسبة ليست بالقليلة فكانت الوجهة الأولى للإرهاب لضربها لزعزعة استقرار الاقتصاد الوطني، بدليل ما يعانيه اليوم من أزمات يومية ونقص حاد في المستلزمات والمواد الأولية التي كانت تعتمد عليها..
يمكننا القول إن الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة, والمتناهية في الصغر، تشكل أهم الأدوات الهامة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكونها تمثل النشاط الاقتصادي التقليدي، وحجم مردودها الإيجابي ضمن كتلة الاقتصاد الكلي، والأهم دورها الريادي في توفير فرص العمل المتجددة، وقدرتها على تحقيق الربط بين الأنشطة الاقتصادية، وفق متطلبات متواضعة بالمقارنة مع غيرها من أنواع المشاريع التنموية, إلّا أن الرابط المهم والأساسي والمؤسس لانطلاقة اقتصادية نحقق من خلالها الاكتفاء الذاتي الوطني من كلِّ المنتجات والوصول الى حالة استقرارية يمكن من خلالها تأمين مصادر القوة للاقتصاد الوطني والتي تعتمد على شريان التصدير للفائض، لابدَّ من إعادة توجيه البوصلة نحو هذا القطاع وإعادة تفعيل كل ما ذكرناه، وخاصة بعد حالة الخلل الكبير الذي أصابها خلال السنوات الماضية..!
واليوم الفرصة أمام الجميع للتعويض، وإمكانية الاستفادة متاحة، والتي تكمن في الاستفادة من التجربة الصينية في هذا المجال وخاصة أن فرصة النجاح واسعة، بعد زيارة السيد الرئيس بشار الأسد مؤخراً إليها، والتي حملت عناوين مختلفة للتعاون أهمها في المجال الاقتصادي، وتحديداً قطاع المشروعات وكيفية الاستفادة منها وتطبيقها وفق متطلبات وطبيعة اقتصادنا الوطني، وما يتناسب مع الحالة الاجتماعية السائدة، فهل نستفيد من هذه الفرصة التاريخية في تطوير أهم القطاعات الاقتصادية المنتجة..؟
نحن بانتظار قادمات الأيام وما تحمله من استفادة..
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات