ملف «تشرين».. أغنى البلاد وأفقر العباد.. إفريقيا وثرواتها.. عبودية في سبيل رفاهية الغرب

تشرين – زينب خليل:
ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان, يعيش على أرضها ما يقارب 1.4 مليار نسمة.
من أهم العوامل التي تجعل القارة الإفريقية مؤثرة عالمياً امتلاكها احتياطات ضخمة للكثير من المعادن الأساسية, فوفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تمتلك إفريقيا ثلث ثروات العالم المعدنية، و65% من أراضيها صالحة للزراعة، وتمتلك احتياطياً كبيراً من المعادن الثمينة مثل الذهب 40% والنحاس 40% والماس 95%.. كما تنتج نحو 12% من النفط عالمياً، و 8% من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي, و18% من إجمالي اليورانيوم في العالم.. إلى جانب المعدن الأهم عالمياً وهو الكوبالت، قلب العالم التكنولوجي.
البلدان التي تقود إنتاج النفط في إفريقيا هي نيجيريا وليبيا وأنغولا والجزائر ومصر بأكثر من 8.7 ملايين برميل من النفط المنتج يومياً, وتمتلك إفريقيا وحدها ما يناهز 290 مليار برميل من احتياطي النفط أي 90% من الاحتياط العالمي، إلى جانب مخزون مهم من اليورانيوم الموجه للصناعة النووية في جنوب إفريقيا والنيجر وناميبيا، كما تملك إفريقيا وحدها ما نسبته 10 % من إجمالي الإنتاج العالمي لهذه المادة ومخزوناً احتياطياً يبلغ ثلث إجمالي احتياطات العالم.
تملك جنوب إفريقيا وحدها نصف احتياطي الذهب العالمي, لتكون القارة الإفريقية في الموقع الأبرز على خريطة الدول المنتجة للذهب، في عام 2021 وفي عزّ تداعيات جائحة كورونا، بلغ إنتاج إفريقيا من الذهب ربع الإنتاج العالمي (680 طناً من إجمالي 3 آلاف طن أُنتجت عالمياً) وفق منصة «إنرجي كابيتال أند باور» الإخبارية «Energy Capital and Power».

إفريقيا خازن المال والغذاء.. والقلب النابض لتكنولوجيا المستقبل بتصدرها الإنتاج العالمي

لمعدن «الكوبالت» وإذا ما توقفت عن إنتاجه فإنّ هذا القلب سيتوقف

في العام الماضي 2022 اقتنصت دول غرب القارة السمراء وحدها 3 مواقع من أصل 5 من أكبر الدول المنتجة للذهب في أفريقيا, بحسب المنصة، وهذه الدول تمثلت في: غانا، جنوب إفريقيا، السودان.. إلى جانب دول أخرى لا تقلّ أهمية مثل مالي وبوركينا فاسو.
توصف القارة الإفريقية بأنها القلب النابض لتكنولوجيا المستقبل بتصدرها الإنتاج العالمي لمعدن «الكوبالت» وإذا ما توقفت عن إنتاجه فإنّ هذه القلب سيتوقف.
يدخل الكوبالت في صناعة بطاريات الهواتف الذكية، وجلّ الأجهزة الإلكترونية، ومحركات السيارات الكهربائية التي تعدّ مستقبل السيارات العالمية، كما يستخدم الكوبالت في تصنيع جميع الأجهزة الإلكترونية المحمولة من هواتف ذكية وحواسب بنسبة 36.3%. وكذلك تدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية المتواجدة داخل السيارات بنسبة 23%.
يتميز الذهب الأزرق بصلابته ومقاومته للتآكل، بالإضافة إلى مقاومته لدرجة الحرارة المرتفعة، لكن الاستخدام الأهم والأكبر للكوبالت يتمثل في المُركَّبات الطليعية وكاثودات البطاريات القابلة للشحن، بنسبة 56% من إجمالي الاستهلاك العالمي لهذا المعدن.
تتصدر القارة الإفريقية إنتاج الكوبالت عالمياً بنسبة 83% ويتركز الإنتاج في الكونغو الديمقراطية «أكثر من 70% من الإنتاج العالمي» إلى جانب زامبيا، وجنوب إفريقيا، والمغرب.
وفي إفريقيا ربع الاحتياطي العالمي من «البوكسايت» وهو أنقي أنواع الألومنيوم, متواجد بصفة أساسية في غينيا, ثم توجو، والمنطقة التي تتوسطهما.
وبالنسبة للمعادن الأخرى، هناك الحديد، المتواجد بوفرة في ليبيريا ونيجيريا وموريتانيا والغابون وجنوب إفريقيا وزيمبابوي.. وبنسبة أقل في كلٍّ من مصر والجزائر والمغرب.
المنغنيز، يتواجد بكثرة في جنوب إفريقيا والغابون وغانا وبوركينا فاسو وساحل العاج والكونغو الديمقراطية والكاميرون والجزائر والمغرب، ويدخل هذا المعدن في صناعة الحديد.
التنتاليوم، معدن نادر مضاد للتآكل، يدخل في صناعة الإلكترونيات، وتمتلك إفريقيا مخزناً كبيراً منه ويتركز بشكل أساسي في الكونغو التي تمتلك أيضاً مخزوناً كبيراً من الليثيوم الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات.
هناك معدن الجيرمانيون الذي يدخل في صناعة الإلكترونيات والمصابيح والمعدات الخاصة بالأشعة تحت الحمراء، ويتركز في الكونغو وناميبيا
الزيركونيوم، وهو معدن يتميز بمقاومته الشديدة للحرارة, يتواجد بشكل كبير في إفريقيا ويتركز في كلٍّ من نيجيريا والسنغال وسيراليون وجنوب إفريقيا ومصر ومدغشقر.
أكبر الدول الإفريقية إنتاجاً للماس هي بوتسوانا, أنغولا, الكونغو, جنوب إفريقيا, ناميبيا.
18% من اليورانيوم الذي يورد عالمياً يأتي من 3 دول إفريقية، جنوب إفريقيا والنيجر وناميبيا.
تاريخياً تعرف القارة الإفريقية باسم «خازن العالم» أو سلة الغذاء العالمية لما تمتلكة من ثروات زراعية، ثلثا السكان يعملون بالزراعة التي تسهم بحوالى 61 إلى 91 % من إجمالي الناتج القومي للدول الإفريقية.

التنوع البيئي والمناخي يجعل القارة من أكبر المناطق المؤهلة للإنتاج الزراعي، ففي المناطق الاستوائية تتم زراعة القهوة والأناناس والكاكاو والنخيل. وفي مناطق السافانا يتم إنتاج البطيخ والفول السوداني والفلفل. وفي مناطق الصحراء تزرع التمور والبلح والقطن. وفي حوض البحر المتوسط تتم زراعة الطماطم والموالح والزيتون إضافة إلى الخضراوات.
تتميز إفريقيا بثروة غابية هائلة، إذ تسهم صناعة الأخشاب بـ 6 % من إجمالي الناتج الداخلي للقارة وبجودة عالية جداً، وتتركز في كل من إفريقيا الوسطى والغابون والكونغو والكاميرون، ويتم تصدير هذه الأخشاب إلى عدة دول كالاتحاد الأوروبي واليابان. أما في المجال البحري فإن الدول الإفريقية تتوفر على مخزون هائل من الثروة السمكية حيث يقدر بـ 204 ملايين طن من الأسماك في منطقة غرب إفريقيا.
رغم كل هذه الثروات الهائلة التي تختزنها الأرض الإفريقية إلا أن أهلها يكاد لايصلهم شيء من فوائدها، فكلها تذهب إلى جيوب الغرب ويتم إنفاقها على رفاهية شعوبه.. والأخطر من ذلك إنفاقها على تعزيز وتطوير أدوات ووسائل تمكين هذا الغرب كمستعمر دائم للقارة الإفريقية ومُسْتَعبِد لأهلها الذين لا يخسرون فقط هذه الثروات بل هم يخسرون حياتهم في سبيل استخراجها، فحسب منظمات حقوقية عالمية (منها منظمة العفو الدولية) فإنّ ظروف العمل القاسية جداً وغير الصحية وغير الآمنة التي يعمل فيها عمال الاستخراج، تودي بحياة المئات منهم سنوياً، خصوصاً من يعملون في مجال استخراج معدن الكوبالت، إذ إن أغلبهم يعاني أمراضاً خطرة كالسرطان وتسمم الدم وتلف الرئتين المزمن والالتهابات الجلدية.. هذا ونحن لم نتحدث بعد عن استغلال الأطفال في قطاعات الاستخراج، وتشير تقديرات لمنظمة «يونيسيف » إلى عشرات الأطفال العاملين في مناجم الاستخراج، بعضهم لا يتجاوز عمره السبع سنوات، يعملون من مناجم تحت سطح الأرض، ومنهم من لم يشاهد ضوء الشمس مدة طويلة بسبب ساعات العمل المتواصلة.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. انقلاب النيجر يهز عروش «الإمبراطورية» الفرنسية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار