السوريون صنّاع الدهشة والإبداع.. نجوم في أماكنهم.. تسخير الأداء الدرامي في خدمة الشخصيات

تشرين- ميسون شباني:
عيون شاخصة تترقب المزيد من الشغف والإثارة من دراما شائقة صنعها السوريون بإتقان بارز مؤكدين أنهم صنّاع الدهشة والإبداع ..هكذا يقول كل فنان سوري شارك في أعمال هذا الموسم، شخصيات رسمت بطولتها المطلقة في كل مكان وجدت فيه، لتعيد المشهدية والصدارة للفن السوري، وتؤكد على حضورنا الدرامي فلا دور ثانوياً لممثل، كلهم أبطال في أماكنهم إن كان أمام الكاميرا أو خلفها..

الخروج عن المألوف
عبر كل دور تقدمه هذه الدراما نكتشف أنها تحرك عصاها كساحرة تستحضر قواها لتلقي تعويذتها، وتصنع حكاية جديدة لها، وتنسج بخيوط درامية شخصية حية تغوص فيها بسحرها الداخلي وثقتها بقدراتها وإمكاناتها، لتنقلنا في غياهب المساحة وتغرقنا بتفاصيلها باجتهاد متقن.. نادين خوري التي تفاجئنا عبر كل دور تؤديه فهي السيدة التي لا تقبل سطوة الرجال في مسلسل “العربجي”، فـ”درّية خانوم” خصم عنيد لأبي حمزة وشوكة بخاصرته وسد منيع لتحقيق مأربه، وفي منزلها هي الأم القاسية والسيدة التي لا تقبل الرفض وكلامها هو المطاع لا نقاش فيه، تراها تارة مخططة ومدبرة، وبدهاء النساء ومكرهن تكيد بالمتصيدين لها، شخصية مشغولة بسنارة تحبس الأنفاس، ومازاد في بهاء الإطلالة هو طريقة اللباس التي اعتمدتها نادين، إضافة إلى الوقار الذي أحاطت نفسها به عبر المسبحة التي ترافقها في كل مشاهد العمل وملامحها ونظرة عينيها التي تتحدث قبل أن تنطق، وعدم تنبؤ المقابل لها بمدى قوتها وسطوتها، فالكل يخشاها ويحسب ألف حساب لها حتى أولادها الذين لم يستطيعوا الخروج من عباءة سيطرتها، ولا تتوانى عن فعل أي شيء، فهي التي أشاعت موت ابنتها “زمرد” كي لا يعرف أحد بمرضها ودبرت مكيدة موتها كي لا تزوجها من ابن خصمها، وتجاوز تخطيطها محاولة تحكمها بالسوق وبمحصول القمح الذي تجمعه للإيقاع بأبي حمزة، ترى إلى أين ستأخذنا درية خانوم بمخططاتها وهل سيستطيع أحد الوقوف بوجهها؟ تساؤلات تجعلنا في انتظار الحلقات الأخيرة للعربجي..
أداء غني ومتفرد
وبخطوة جريئة قدّم الفنان محمد قنوع شخصية “شومان” في “العربجي” بأداء متزن وثقيل، ليخلع عبره ثوب النمطية في شخوص أعمال البيئة الشامية التي تلّبسها، وليعلن تحرره من الشكل المعتاد بكاركتر جديد من ناحية تسريحة الشعر المشعثة وطريقة اللباس وحتى الأداء الغني في أسلوب اللعب على الحركة والصوت والأدوات التي طوعها بإثراء واضح في خدمة الشخصية، واستطاع استحضار الحالات الدرامية لـ”شومان” بحرفية عالية رغم تقلباتها الكثيرة وإرهاصاتها المرهقة توّجها بحضور بارع في السيطرة على تمرد الشخصية وحاجاتها وضبط إيقاع سلوكياتها خلال الحلقات، ونجح في كسب الكراهية من المتلقي لهذه الشخصية وهي نقطة تسجل لصالح الفنان محمد قنوع الذي أثبت أن مازال لديه الكثير من المساحات الخاصة التي لم يُكشف عنها وتتحين شخوصاً درامية ليتلبسها.
تكنيك الأداء
وفي السياق نفسه فاجأنا الفنان عبد الرحمن قويدر.. هذا الموسم بحنكة البارع بفرد شخصيته كعنصر مؤثر في سير العمل، وكان له حضوره خلال سير الأحداث، بصمة رسمها بإتقان عبر شخصية “الشيخ كرمو” ونقلتنا إلى مزاج جديد قد يبدو مختلفاً في طريقة تناوله عبر الدراما كأحد المتصوفين الحكماء المؤثرين بـ”عبدو العربجي” فهو ملاكه الحارس بشكل ما، ويذكره دوماً بعدم الحياد عن الحق والعدل ونصرة المظلوم، شخصية قد تبدو في بنائها الحكائي بسيطة من ناحية الشكل، إلّا أن الجهد الفني كان واضحاً من ناحية التكنيك والرقصات الصوفية وخاصة في مشهد الإعدام ودخولهم إلى ساحة النشواتية وأدائهم الرقصات وغيرها من الإشارات التي قدمها “الشيخ كرمو” منذ الحلقات الأولى.
نسيج فني متكامل
كما نجح الفنان سعد مينه بالتفرد عبر شخصية “ناجي” المخيفة في مسلسل “زقاق الجن”، وقدم عبرها نسيجاً من أسطورة الرعب والخوف في “الحارة” ولعنة بساتين الجن عبرها، وحسب الحكاية تقول الخرافة إن الشيطان سكن جسد “ناجي”، وجرى تسخير ملوك الجن له، ليغدو كـ”الغول”، ولكن رغم كمية الشرور التي تحيط به إلّا أنه تمكن من جعلها مقبولة لدى المتلقي عبر الكركتر الذي قدمه بطريقة اللباس المبعثر واللعب على ملامح الشخصية، فهو”أبو عين بيضا” ويبدو مظهره المفزع كأحد المجرمين وقطاع الطرق بملابسه المهترئة، وواضح الاشتغال الكبير على الشخصية التي سبق أن قدمها من ناحية الشكل في شخصية “الهمشري” بمسلسل” بروكار” ،و”البني” في مسلسل “وردة شامية”، والمتابع لمسيرة مينه يرى كمّ الشخصيات المتعددة والمتنوعة في بنائها الدرامي والسيكولوجي بداية من انطلاقته المختلفة في شخصة “مفيد الوحش” الذي التصق به طويلاً، حتى تمكن من الإفلات منها إن كان عبر شخصية “بسام” في مسلسل “الطير” أو شخصية “عزو” في مسلسل “حمام القيشاني”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟