مفارقات على ذمة جمعية حماية المستهلك.. ١٥% ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان.. وتجار “الكمسيون” متهمون بالأدلة القاطعة..

تشرين – غيداء حسن: 

كما درجت العادة، جنون أسعار وتغوّل تجار وقلة حيلة من المواطن، مفردات رافقت وترافق يومياتنا في رمضان، المواد متوافرة لكن من يستطيع إليها سبيلاً؟  فالقدرة الشرائية المعدومة للأغلبية أعجزتهم عن مجاراة الأسعار، وجعلتهم متفرّجين فقط، دوّامة نعيشها مع تقاذف المسؤوليات بين الأطراف، والمواطن بات بين مطرقة الغلاء وسندان تأمين مستلزمات معيشته! فأين تكمن الحلقة المفقودة؟ وما الحلول؟ ولماذا ترتفع الأسعار خلافاً لمعادلة العرض والطلب؟

الضرائب والرسوم المفروضة تعوّض من “رقبة” المستهلك

إيجاد الحلول

الأسعار ما زالت ترتفع يوماً بعد يوم وهناك فوضى عارمة  في الأسواق  واختلاف بين محل وآخر مجاور، وخلال شهر رمضان ارتفعت الأسعار أكثر من 15 %، حسب تأكيد رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي لـ” تشرين”، حيث يرى أنه حان الوقت لإعادة تشبيك المجتمع والأسرة وإيجاد الحلول والعلاقة الصحيحة بين المستهلك والتاجر والحكومة. فالحكومة تتّهم التاجر، والتاجر يتهم الحكومة ، والمستهلك يتّهمهما معاً .

هناك مشكلة الفواتير بين المستورد والتاجر وبائع المفرق

ويضيف المعقالي: الغلاء عالمي، وكنائب رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك أعرف أن الأسعار في كل الدول العربية ارتفعت، وإنما يتم تعويض المستهلك والموظف بطريقة أو أخرى.

دورنا كجمعية تكاملي مع جميع الوزارات ولدينا مجلس إدارة فيه من الخبرات ما يكفي لتصويب عمل الحكومة، ونتمنى عدم تغييب تلك الخبرات وإيجاد بيت خبرة في كل وزارة أو مؤسسة يستفاد من خبراتهم من دون التدخل في سياسات الوزارة أو المؤسسة .

علاقة خاطئة

يؤكد رئيس الجمعية أن عدد مراقبي التموين لا يكفي، وهناك مشكلة بين المستورد والتاجر وبائع المفرق، فبعض بائعي الجملة لا يعطون فاتورة لبائع المفرّق بسبب الضرائب والرسوم، وبالتالي يدخل بعض مراقبي التموين من ضعاف النفوس من هذا المدخل، وأيضاً  بعض المستوردين يتهربون من الفاتورة، فهناك علاقة خاطئة وعلى الحكومة إيجاد حلٍّ توافقي لهذا الموضوع .

من “جيب” المستهلك!

ويشير إلى أن الجهات العامة شريكة في رفع الأسعار، والقصد هنا وزارة المالية، فعندما تفرض مثلاً على محل بسيط ضريبة دخل مليون ليرة سنوياً سيعوّضها من ” جيب ” المستهلك، أيضاً صاحب المصنع والمعمل والتاجر عندما تفرض عليه مبالغ كبيرة سيعوضها بالطريقة نفسها.

خدميّ وليس ربحياً 

مؤسسة “السورية للتجارة”، برأي المعقالي، تحتاج إلى دعم،  وهي أكبر تاجر موجود حالياً في العالم لأن لديها 1400 منفذ، ويجب أن يكون دورها خدمياً في هذه الظروف الصعبة وليس ربحياً، وخاصة أن لديها أسطولاً من السيارات وتؤمن نقل المنتجات من الفلاح إلى صالاتها مباشرة، وبالتالي تكسر حلقات الوساطة.

عدم إعطاء العذر

وتمنّى المعقالي تطوير القوانين بما يتناسب مع المرحلة الحالية…فالقانون مستمدّ من العرف، لذلك يجب أن يتناسب مع حاجة المواطن ودخله. أيضاً هناك حاجة لإيجاد أسوق هال في كل مركز مدينة ووضع لوحات سعرية بارزة ومضاءة بما يخفف من حلقات الوساطة وتكاليف النقل.

حاجة لإيجاد أسوق هال في كل مركز مدينة ووضع لوحات سعرية بارزة ومضاءة

تسعيرتان

ونوه رئيس الجمعية بمشكلة تسعير المنتجات الغذائية وغير الغذائية من وزارة الصناعة، فهناك تسعيرتان، تسعيرة من  قبلها وأخرى من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهنا تكون الفوضى، لذلك يجب إيجاد تسعيرة واحدة للمنتج .

أيضاً بالنسبة للصادرات يجب عدم السماح بالتصدير إلّا للمواد الفائضة عن حاجة المستهلك.. مثلاً الأجبان والألبان يأخذها صاحب المعمل بفارق معين وقد يتفق مع المنتج لسنة ليصنعها ويصدّرها  فترتفع الأسعار، هو سيصدّر بالدولار، بينما المستهلك السوري ما وضعه؟

وبيّن أن موضوع مكافحة الغش والتدليس موضوع أساسي، وهدف الجمعية حماية المستهلك وتثقيفه بإيجاد ثقافة الشكوى، فهي تصوّب عمل الحكومة، والحل بإيجاد موظف مختص في كل وزارة ومؤسسة للردّ على الشكاوى ومتابعتها.

الحدّ من الضرائب والرسوم

وطالبَ وزارة المالية والجمارك بتخفيض ضرائبهما والنقابات بتخفيض رسومها، ففي كل الدول المجاورة لديها مستلزمات لكن أسعارها أقل والحلقة واضحة، تخفيض الرسوم والجمارك، ونفقات النقل، فهي تشكّل قيمة مضافة لأي منتج زراعي أو صناعي وكل ما يتعلق بمعيشة  المواطن، وعندما نحدّ من الضرائب تنخفض الأسعار.

كما يجب البحث عن مصادر للخزينة من غير جيوب المواطن، فجيوبه فارغة اليوم والمستهلك اليوم بين مطرقة الضرائب والرسوم وسندان حاجة أسرته وأدويته وغيرها.

أسطول النقل 

ما يحلّ مشكلة الفلاح بتسويق إنتاجه من دون خسارة، برأي المعقالي  أسطول النقل لدى المؤسسات، إذ يوضح قائلاً: نحن مع تشجيع التصدير لجلب العملة الصعبة لكن للفائض عن حاجة المستهلك، ويكون ذلك عن طريق وزارة النقل من خلال نقل المواد، وخاصة الزراعية منها، المراد تصديرها على نفقتها باعتبار أن لديها بواخر وغير ذلك، ومن دون مقابل.

ناقوس خطر

تخفيض سعر اللحوم – حسب رئيس الجمعية – يكون من خلال السماح لتجار الأعلاف باستيرادها من دون منصة ومن دون ضرائب ورسوم وبشكل خاص مؤسسة الأعلاف،  فاليوم يضطر اللحامون ومربو الأغنام والأبقار لذبحها وهي بعمر السنتين وتكون منتجة للحليب لغلاء الأعلاف والأدوية البيطرية وعدم توفر الطاقة (مازوت –كهرباء وغيرهما)، ما يعني أننا خلال خمس سنوات سنفقد هذه الثروة، وهنا يجب قرع ناقوس الخطر، وتمنّى على الحكومة اتخاذ الإجراءات المناسبة، ووضع حدّ لتهريب الثروة الغنمية الموجودة لدينا.

هناك مشكلة في تسعير المنتجات من قبل وزارة الصناعة وأخرى من وزارة التجارة الداخلية وهنا تكمن الفوضى

إيجاد بيت خبرة

وأوضح  المعقالي ضرورة إيجاد حلّ بين التاجر والمستورد والمستهلك وإيجاد بيت خبرة، ولا عيب في الاستعانة بالخبرات الموجودة لدى الاتحاد العربي للمستهلك، فهو لديه خبرات ومؤلفون وكلهم عاشوا تجاربنا، ودعوتهم من الوزارات المعنية هي للاستفادة من خبراتهم وإضافتها  إلى الخبرات الموجودة لدينا للحصول على نتيجة، والأهم دراسة الواقع وأن نكون واقعيين في طروحاتنا وعمليين في حلولنا وتطوير عقلية الموظف لدى البعض، وخاصة المفاصل الرئيسة، إذ إن البعض مازال يعمل بعقلية ما قبل الأزمة، وبالترتيب والروتين نفسيهما مع إننا أصبحنا في وضع خاص .

لجان إنجاز 

كما أشار إلى ضرورة  إيجاد “لجان إنجاز”، تستثنى من الأنظمة والقوانين ، وتأخذ القرار ولها صلاحيات كاملة، باعتبار أنه ليس لدينا الوقت الكافي لتطوير قوانيننا بهذه الظروف لإنقاذ الأسرة والتخفيف من المشكلات. كما أن هناك فجوة كبيرة بين الحكومة والمستهلك تحتاج إلى ردم من خلال قرارات صحيحة مبنية على أسس علمية والاستفادة من تجارب الدول، ويجب أن تنحو حكومتنا منحى الحكومة الزراعية، بحيث نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، فالمخرج الأساس هو الزراعة.

انخفاض في القدرة الشرائية

يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أنه لا يمكننا عدّ ما يجري ارتفاع أسعار بل عملياً هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة.

لاشك في أن رمضان يزيد الاستهلاك، وخاصة للمواد الغذائية، فيزيد الطلب على العرض، إضافة إلى أن هناك مجموعة من التجّار، بكل أسف بسبب عدم الرقابة عليهم، بطريقة أو أخرى، أو نتيجة احتكارهم للمواد الغذائية الأساسية الإستراتيجية بالنسبة للمواطن وتخزينها قبل رمضان لإعادة طرحها في رمضان  بالسعر الذي يريدونه، كل هذه العوامل تجعل الأسعار في رمضان ترتفع أكثر من غيره من  الأشهر، والمشكلة أن الأسعار في رمضان تصل إلى عتبة سعرية معينة غير عكوسة، لا تعود للوراء، وفي كل رمضان هناك هزة سعرية تزيد الأسعار ولا تنخفض بعده.

ضرورة إيجاد “لجان إنجاز”، تستثنى من الأنظمة والقوانين ،تأخذ القرار ولها صلاحيات كاملة

ارتفاع الكلف الإنتاجية 

عدم دعم حوامل الطاقة من ناحية أولى، وثانياً الإجراءات الحكومية، سواء المالية أم الجمارك وغيرها، يؤديان إلى ارتفاع الكلف الإنتاجية بطريقة أو أخرى- برأي الدكتور يوسف- لكن السبب الأساس هو ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، لأن المنتج عندما ينتج سلعة معينة سيشتري من السوق السوداء، وهذه تكاليف إضافية، سيحمّلها للمستهلك النهائي بالتالي، وهذا أحد الأسباب المهمة في ارتفاع أسعار المواد بين فترة وأخرى.

الأسعار في رمضان تصل إلى عتبة سعرية معينة غير عكوسة لا تعود للوراء

الضبط غير ممكن حاليا 

ضبط السوق ضمن المعطيات الحالية المتوفرة غير ممكن بأي شكل من الأشكال،  برأي الدكتور يوسف، لأن هناك تغوّلاً من التجار، فالتاجر أو المنتج أو الصناعي بالنهاية يريد الربح، لأنه شيء أساسي له ليستطيع الاستمرار في العمل،  ولا يقبل أن تنخفض الأرباح،  إضافة إلى قصور الإجراءات الحكومية، وأقل ما يمكن أن راتب الموظف يمكّنه من شراء أربعة صحون بيض، إضافة إلى أن المواطن وصل إلى درجة أنه من يدفع الثمن الأكبر في هذا الوضع، ولا مقترحات إلّا بأن تأخذ الحكومة دور الراعي، أي الحكومة الراعية والدور الأبوي، والأهم دعم حوامل الطاقة، ومن دون دعمها فإن الأسعار إلى مزيد من الارتفاع .

1838 ضبطاً في أسبوع!

وعن تدخل وزارة التجارة الداخلية في ضبط السوق يؤكد مدير حماية المستهلك في الوزارة حسام نصر الله أنه تم تعميم خطة العمل على مديرياتهم في شهر رمضان لإجراء سبر للأسعار لكل المواد بشكل يومي، والتأكد من توافرها وانسيابها في الأسواق بالجودة والمواصفة والسعر المحدد أصولاً وموافاة الوزارة  بأي طارئ وبشكل فوري للمعالجة في حينه، وتكثيف الدوريات لضبط الأسعار ومطابقة المواد والسلع للمواصفات المطلوبة أصولاً، والتركيز خلال النصف الأول من شهر رمضان على كل ما يتعلق بالمواد

الغذائية التي يحتاجها المواطن يومياً، والتركيز خلال النصف الثاني من الشهر على (الألبسة والأحذية بكل أنواعها – الحلويات والسكاكر – الموالح ..إلخ) وكل مستلزمات العيد، وتشديد الرقابة على وسائط نقل الركاب بين المحافظات بفترة العيد وعدم تقاضي أي زيادة على التسعيرة  كـ”عيدية “، وأيضاً تشديد الرقابة على تداول الفواتير ضمن حلقات ومراحل انتقال السلعة إلى حين وصولها إلى المستهلك والتدقيق بأسعار المواد المعروضة للبيع حفاظاً على استقرار أسعارها وضبط المخالفات بشكل فوري والمناوبة على هاتف الشكاوى ومتابعتها ومعالجتها بشكل فوري، ومتابعة عمل الدوريات واتخاذ أشد العقوبات بحق المقصرين، وتم تنظيم 1838 ضبطاً تموينياً بحق المخالفين خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان .

الأهم دعم حوامل الطاقة، ومن دون دعمها فإن الأسعار إلى مزيد من الارتفاع

عرض وطلب 

وعن تسعير منتجات الخضر والفواكه يشير مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود إلى أنها تسعّر مكانياً في كل محافظة، وهي تخضع حسب السوق لآلية العرض والطلب مع الاستئناس بالتكاليف المدروسة من وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين  للوقوف إذا كان الفلاح يخسر أو يربح لاستمرارية العمل.

ويضيف : في حال رأينا السعر منخفضاً تقوم “السورية للتجارة ” بسحب كميات من السوق بما يحقق توازناً بالسعر، والعكس صحيح عندما يرتفع السعر تقوم بطرح ما لديها من مخزون لإعادة معادلة توازن السعر، وهناك لجنة في سوق الهال تقوم بدراسة الأسعار وتحديدها في ضوء الأسعار التي يبيع بها الفلاح، تضاف إليها أجور النقل وهوامش الأرباح، مبيناً أن أغلب الفلاحين يبيعون لتجار “كمسيون “، يتقاضى تاجر سوق الهال “كمسيون”  لقاء بيع منتجات الفلاح  ثم يبيع للحلقات الأخرى (تاجر الجملة ونصف الجملة وبائع المفرق ) وهنا يكون دور لجنة التسعير الفرعية .

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟