ثمة أسئلة كثيرة تدور في فلك “تشاركية الخاص والعام” وخاصة الباحثين الاقتصاديين والمهتمين بالشأن الاقتصادي، وقضايا الاستثمار، والبحث عن فرص استثمارية مجدية ومفيدة للجميع, وحتى استفسارات كثيرة تفرض نفسها حول رأس مال وطني كبير، يدور في مضمار تشاركية سمعنا عنها الكثير منذ عقود مضت، وشهدنا ولادات كثيرة لها، لكنها لم ترق لمستوى الطموحات, بل بقيت حبيسة منافع ضيقة، وغالباً ما تكون منافع شخصية تستثمر في غايات وأهداف ظاهرها تشاركي, وباطنها منفعة محدودة لا تثمر ولا تغني عن شيء، بدليل تشاركيات الماضي التي بقي منها عناوين تحكي قصصها, لذلك كانت كل هذه الأسئلة التي تستهدف تشاركية القطاع الخاص والعام في بلدنا, وأخطرها “من ينقذ من” القطاع الخاص أم العام ..؟! في ظل ظروف صعبة يتشارك الطرفان همومها ومشاكلها..!
علماً أن لدينا الكثير منها خلال سنوات العقود الماضية، واحتلت خارطة واسعة في ميدان العمل منها إنتاجي وآخر خدمي يحكي قصص وحكايا تلبية حاجات المواطنين، في المأكل والملبس وغيرها من متطلبات المعيشة التي يستهويها رأس المال الخاص باعتبارها استثماراً سريع المردود, ومخاطره قليلة ..!
فاتجاه رأس المال الخاص في أغلبه نحو هذه المشروعات التي تنفي صفة الإستراتيجية, أو استثمارات تبني قطاعات إنتاجية بأكملها, وخير دليل عشرات المشروعات الاستثمارية التي طرحتها الحكومات المتعاقبة للتشاركية مع القطاع الخاص، وقدمت الدولة قوانين داعمة, وإجراءات ميسرة لتنفيذها , والكثير من مقومات الترجمة الفعلية ، فكم مشروعاً استثمارياً نفذ تحت مظلة التشاركية , وكم عدد الدول التي تقدمت بمقترحاتها لتنفيذ تعاون يحقق منفعة متبادلة لا تحمل الغبن لأي طرف, وهل لدينا تشاركية نفذت بصورتها ومضمونها الحقيقي على أرض الواقع..!
هذه بعض الأسئلة والإجابة عنها سهلة لا تحتاج لكثير من العناء, والشواهد كثيرة، يكفي أن نذكر مشروع “زجاج الفلوت” التابع لوزارة الصناعة, والمتعثر منذ سنوات، خسرت فيه الدولة عشرات المليارات من الليرات، ومترو دمشق الذي أعلنته محافظة دمشق ووزارة النقل منذ عشرات السنين ولم يبصر النور حتى هذه اللحظة، وغيرها كثير من المشروعات التي طالتها الطروحات الاستثمارية الحكومية، وخاصة أنه هناك شركات إنتاجية متعثرة وبعضها متوقف، يمكن للحالة التشاركية أن تنقذها وتعيدها إلى ميدان الإنتاج، ولا سيما شركات وزارة الصناعة منها الكبريت والزجاج في دمشق وحلب, وكونسرة الميادين ودرعا وإدلب , وغريواتي لصناعة البسكويت وغيرها كثير من المواقع في قطاعات مختلفة ، ما زالت تنعم في طرحها للاستثمار دون جدوى, وهي مجرد صيحات تعلو بين الحين والآخر, وخسارة بمئات المليارات سنوياً , وفقدان عائد اقتصادي كبير لو استثمر بصورته الصحيحة، لكان من أكبر المساهمين في تحسين مستوى الدخول الداعمة لخزينة الدولة والمواطن على السواء.!
علماً أنه لدينا رأس مال خاص ينسج قصصاً خيالية من النجاح في العالم الخارجي, ونحن في بلدنا بأمس الحاجة لهذه القصص التي ينسجها رأس مال وطني مبني على تشاركية واضحة يستفيد أهلها من تجارب الماضي المتعثر, ووضع رؤية واضحة وصريحة تتضمن قواعد النجاح, وقبلها تحمل المسؤولية التي تنقذ الجميع، وليس الركض خلف مصالح ضيقة تموت تحت وطأة الظروف المتغيرة, بل ترجمة فعلية لاستثمارات من شأنها إنقاذ القطاعين العام والخاص وتثبيت حالة إنتاجية تشكل الداعم الأكبر لاقتصادنا الوطني..
وما يحصل اليوم يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول تشاركية تضيع فيها أحلام اقتصادنا, وأمنيات مواطن يريد العيش براحة بال وهدوء, والأخطر أننا نشهد حالة هروب من أهل القطاعين في تحمل مسؤوليات المرحلة القادمة بحجج وأسباب يتقاذفها الجميع لتكون العصي بعجلات التنمية والتي بأساسها متعثرة ، فهل ننتظر طويلاً لنشهد تشاركية وطنية يشترك بها الجميع لإنقاذ إنتاجيتنا المتدهورة….. قادمات الأيام تحدد فترة الانتظار ..؟!
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات