“العربجي” المنكوب بطل يعيش على أمل مواسم ال(عدس بترابو بيجي وقت حسابو)
تشرين- راوية زاهر:
(العربجي)؛ السلسلة الدرامية المشوقة للمخرج سيف سبيعي، تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي.. يبدو عملاً درامياً خارجاً من قبضة الزمان، مفتوح الهوية، لم يرتبط بحقبة تاريخية معينة، أبعدت عن مشاهده الرايات التي تلبسه ثوب الحقبة الفرنسية أو العصملية بشكلٍ مباشر، تلك التي كانت ترفع في أعمال البيئة الدمشقية، غير أنه بقي من ملامحها الإشارة إلى عصور الآغوية والطمع.. أضف للزي الذي ترتديه النسوة ليخرج العمل من عباءة الأعمال الدمشقية البحتة المنغمسة في ديكور الحارات والانتماءات، على الرغم من البقاء في جلباب الحقد والسادية والتوجه إلى قضايا الشرف والتّبلي لكسر ظهر أعتى الرجال.
(عبدو العربجي- باسم ياخور).. بطل العمل، من زرباوي (قاطع طريق) إلى رجل شهم (قبضاي) خدمت هيئته شخصية العمل شكلاً ومضموناً تمثل بدور الفنان باسم ياخور، ليضيف من إبداعه على الشخصية دون تكلف أو مبالغة.. عبدو الذي تعرض للظلم بسبب وفائه ورفضه الغدر والخيانة التي كان يحملهما (أبو حمزة النشواتي- سلوم حداد) لأخيه (أبو نوري وزوجته المتسلطة بدرية- نادين)..
ف (أبو حمزة) الرأس المدبر لسلب الحق بالباطل، ومحاولاته المتكررة هي للنيل من (العربجي) وسقوطه ذليلاً مستجدياً بين يديه بسبب غباء ابنه وتهوره وحقده فمال إلى التوجه إلى شرف العربجي لينال منه، فوضع في موقع مهين جداً .. فتقبيل قدم أبو حمزة من قبل العربجي لستر الفضيحة المدبرة مشهد استفزّ المشاهد، الذي لا يرضى المذلة للمظلوم.. فيما الست درية، تتكشف المشاهد عن صلابتها وقسوتها، وساديتها، ورغم وفاء عبدو لها ولزوجها إلا أنها كانت بيضة القبان في مآسيه.. أما (بدور الداية- ديما قندلفت)، فكانت حجر الشطرنج بيد درية، فرغبتها في الزواج من ابنها نوري- حسام الشاه، سهّل عبوديتها واستخدامها من قبل درية في فرض الشر، وجعلت بدور والعربجي في مواجهة ساخنة، مستغلة كره بدور له.. فالمشاهد التي تلتقي فيها بدور والعربجي تقوم على الحوار الساخن والتهديد بالسّحق كل منهما للآخر ويضعان المشاهد أمام تشويق وحبس للأنفاس، فكلاهما قادر.
بدور: في مشهد الإعدام، الرافع لأدرينالين المشاهد، وانتظار المخلص متمثلاً ب(حسن- ابن درية)، الشخصية المتزنة، القوية، وصاحب الكاريزما جعلت عمه أبو حمزة الكاره له يتمنى أن يكون لديه ابن مثله وهو من اشترى حياة صديقه العربجي من المتصرف والوالي، وجاء دخول الدروايش للإمعان في جلالة المشهد، فبدور في هذا المشهد بدت أنثى ضعيفة، لربما مظلومة كعبدو العربجي.. وقد دخل المشاهد معها في حالة من التعاطف.
جاءت الحبكة المتقنة التي تشعرك بعفوية الحضور، وبأن لكل شخصية دورها في “البطولة” والذي لا يمكن تجاوزه.. فقضية الدراويش أخذت حيزاً من العمل، ودخلت بشكلٍ لم نعتد عليه سابقاً في الأعمال الدرامية.
أما لازمة العمل التي يقولها عبدو لكل من ظلمه (عدس بترابو بيجي وقت حسابو). تعطيك دفعاً وثقة أن القادم أعظم.
وفيما يخص قسوة المشاهد المبالغ فيها ربما، جثة زهرة المحترقة، ورأس شومان المهروس بالحجر، تركا انطباعاً قاسياً، ولم يراع فيهما وجود مشاهدين من فئة الأطفال ربما، كان بالإمكان التخفيف من حدة وقسوة العرض، فالشرّ ما زال يتنامى، في انتظار شكل الانتقام القادم.. والسؤال الدائم عن مصائر شخصيات هل هم قاب قوسين من الهاوية كمصير (زمرد- مديحة كنيفاتي) المغيبة قسراً.؟! وما مصير حسنية بنت العربجي وزوجة حسن النشواتي؟ وما مصير دريّة بعد أن يأتي وقت حساب العدس؟؟
لننتظر ما تحمله قادمات الأيام..