عودة إلى الموروث للتحايل على الظروف صناعة حلويات العيد في المنزل تقليد قديم تحول إلى مهنة
تشرين – بشرى سمير:
مع اقتراب عيد الفطر بدأت أغلب الأسر بالتحضير لصناعة حلويات العيد في المنزل، وهو تقليد معروف قديماً وأعيد أحياؤه في أغلب المحافظات السورية، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الحلويات الجاهزة.
والتي وصل سعر القطعة الواحدة من بعضها ما يعادل تكلفة صناعة “كيلو” في المنزل.
لكن ليست كل النساء قادرات على صناعة حلوى لذيذة وشهية، ويمكن تقديمها للضيوف من المهنئين بقدوم العيد، وهنا ظهرت هذه الأيام مهنة صناعة الحلوى المنزلية ب”التواصي”، حيث تقوم ربات البيوت بتوصية من ذاع صيته، سواء أكان رجلاً أم سيدة ليعد حلويات العيد.
“تواصي”
مها وجدت في صناعة الحلوى المنزلية مصدراً لكسب المال ومساعدة زوجها، وقد نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً تبين فيه أنها مستعدة لإعداد الحلويات لمن ترغب، شريطة أن تقوم ربة المنزل بإحضار مستلزمات الحلوى المطلوبة كافة، وهي تنجزها خلال مدة محددة وتأخذ أجراً عن كل كيلوغرام تقوم بإعداده ما يقارب 30 ألف ليرة، مضيفة أنها تصنع المعمول بنوعيه بالجوز والتمر، إضافة إلى الغريبة و”البيتي فور” والبرازق، وبعض أنواع الحلويات الشرقية مثل الكنافة والنابلسية والمبرومة.
ضعف القدرة الشرائية
من جانبها تبين عفاف أن أغلب زبائنها من ربات البيوت الشابات، واللاتي لا يعرفن كيفية صنع الحلويات، وتتلقى في اليوم الواحد أكثر من ثلاثة طلبات، وتقوم بإعدادها حسب رغبة الزبائن، ومن ثم وضعها في علب كرتونية، وإيصالها لهن لقاء أجر مقبول يساعدها على عمل حلويات العيد لأسرتها.
وتضيف إنها بدأت بهذا العمل منذ ثلاثة أعوام، نتيجة ارتفاع الأسعار، وعدم قدرة الناس على شراء الحلويات الجاهزة، ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فإن حلويات العيد لها بهجة خاصة لذا تحرص الأسر على توفير المال لتحضير المعمول قبل العيد بأيام.
إقبال على شراء اللوازم
عدد من أصحاب المحال التجارية أكدوا أن محلات بيع لوازم الحلويات تشهد حركة نشطة في أواخر رمضان، حيث بين محمود نشواتي صاحب محل لبيع أدوات صناعة الحلويات المطبعة والقوالب، أن الإقبال هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، حيث إن أغلب الأسر عادت لتصنع الحلويات في منازلها، مشيراً إلى أن للقوالب أشكالا مختلفة مصنوعة من خشب الزان أو العظم، ورغم ارتفاع الأسعار إلى أنها تعتبر مقبولة قياساً بأسعار الحلويات الجاهزة.
من جانبه أكد صاحب محل مكسرات أن الطلب على المكسرات، وبعض أنواع الشوكولا والحلوى المجففة يتزايد خلال هذه الأيام.
وتوضح مريم (ربة منزل) أنها تصنع حلويات العيد في منزلها بمساعدة بناتها و”كناينها”، بسبب عدم قدرتها على شراء الحلويات الجاهزة، وتؤكد أن الحلويات المنزلية أطيب وأشهى وفيها بركة، وأنها تقوم بتصنيع الغريبة والمعمول في المنزل لتقديمهما للضيوف حتى أنها تساعد جاراتها في صنعها لما لأجواء التحضير من بهجة وألفة ومحبة.
السيدة فدوى اعتادت على شراء الحلويات الجاهزة، لكنها باتت غير قادرة على ذلك هذا العام ، لذلك كما تشير ل”تشرين” بدأت تعد العدة لعملها في المنزل، متذكرة أجواء رمضان قبل خمسين عاماً، وكيف كانت تسارع لمساعدة والدتها في العشرة الأخيرة من رمضان لتحضير المعمول والبرازق.
وبين صناعة الحلويات أو شرائها، يبقى السوريون مصرين على المحافظة على عاداتهم وتقاليدهم حتى البسيطة منها، وتحدي الظروف الصعبة واستعادة مظاهر حياتهم الطبيعية وأجواء الفرح.
مؤكدين أن صناعة حلويات الأعياد في المنازل تقليد قديم في المجتمع السوري، يحرصون على إحيائه، وتتفنن ربات البيوت بعمل مختلف أنواع الحلويات في طقوس ورثنها عن الأمهات والجدات، فتفوح روائحها الزكية في الأرجاء مستحضرة عراقة الماضي، والذكريات الجميلة لعادات وتقاليد تجمع بين بساطة العناصر المحلية المستخدمة، وبهجة المناسبة بالرغم من انتشار محلات الحلويات، وتعدد الأصناف والأشكال في الأسواق والتي يتنافس أصحاب المحال في عرضها لجذب الزبائن.