بدأت القصة قبل أيام عندما نشرت على شبكة الإنترنت وعلى موقع (ديسكورد) وثائق استخبارات أمريكية غاية في السرية والخطورة. ثم اتصل مجهول بجريدة نيويورك تايمز ولفت نظرها للأمر. مباشرة اشتعلت وسائل الإعلام بأخبار تسريب وثائق استخبارية أميركية سرية غاية في الخطورة ..
كشفت الوثائق الكثير من عمل أجهزة الاستخبارات الأمريكية. فقد تضمنت الصفحات الخمس التي استعرضتها صحيفة واشنطن بوست كل ركن من أركان أجهزة الاستخبارات الأمريكية تقريباً. وقدمت الوثائق وصفاً للأنشطة الاستخباراتية في وكالة الأمن القومي و وكالة المخابرات المركزية و وكالة استخبارات الدفاع و وكالة إنفاذ القانون و مكتب الاستطلاع الوطني الذي يعدّ جهاز الاستخبارات الأكثر سرية في أمريكا والمسؤول عن مجموعة من أقمار التجسس البالغة الدقة. وفضحت الوثائق لأول مرة مجموعة أقمار (لابيس) وهي نظام متقدم للتجسس، يسمح بتصوير أفضل للأجسام على الأرض، و بهذه الكشوفات التي قدمتها الوثائق بات في متناول اليد الروسية الوصول إلى وسيلة تشويش على هذه التقنية في التجسس الأمريكي وشلها وإبطال الكثير من فعالياتها..
عرّت الوثائق أيضاً التعاون الاستخباراتي بين مجموعة دول (العيون الخمس) أمريكا وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا. وهكذا فإن تداعيات تسريب هذه الوثائق ستصيب هذه الدول كلها، إضافة إلى أن الوثائق كشفت أن أمريكا كانت تقدم معلومات مسبقة عن تحركات الجيش الروسي، والأهداف التي ينوي قصفها في أوكرانيا إلى حكومة كييف. كشفت الوثائق أيضاً عن قيام تركيا ببيع أسلحة متطورة إلى إحدى التشكيلات العسكرية المعادية لأمريكا. أي إن دولة أطلسية (تركية) تبيع أسلحة لأعداء الحلف الأطلسي الذي تنتمي له. كما كشفت عن تحضيرات عسكرية أميركية للاعتداء على روسيا أو استفزازها تجاه أوكرانيا. وهذه مجرد عناوين لما احتوت هذه الوثائق. ومن الواضح مدى خطورتها ومدى فضحها لهشاشة نظام حفظ السرية الأمريكية، حيث تأكد أن مسرِّب الوثائق هو شخص يملك صلاحية عالية جداً في الدخول إلى الأسرار العسكرية و التجسسية ..
أهم الفضائح التي حوتها الوثائق قيام الوكالات الأمريكية بالتجسس ليس على الخصوم والأعداء فقط بل على الحلفاء أيضاً وعلى الأصدقاء كذلك. وهذا ما يكشف طبيعة التعامل الأمريكي النذل في التعاطي مع الجميع كأعداء مهما كانوا مقرّبين أو حلفاء أو أصدقاء …..وهذه نذالة واضحة !!
و لكن من بين الوثائق الأمريكية المسربة، وثيقة تتهم الموساد الإسرائيلي بتشجيع المظاهرات الجارية ضد حكومة نتنياهو. وهذا الكشف يدعم مزاعم حكومة اليمين المجنونة في اتهاماتها ضد منظمي المظاهرات من اليسار الإسرائيلي وتصويرهم بأنهم أجهزة استخبارات تعمل ضدها. وهذا ما شجع البعض لاعتبار التسريب عملية أمريكي هوليوودية تهدف للعبث بأفكار، والترويج لأفكار أخرى، وخلط لأوراق وتشتيت لأوراق أخرى. وهذا أيضاً جزء من أعمال دولة العصابات الأميركية العميقة التي تعدّ نهجاً أمريكياً من الكونغرس إلى البيت الأبيض.. فكيف بالاستخبارات……
هي نذالة عصابات واضحة !!