عادات وتقاليد تكافح لأجل البقاء.. الظروف المادية تُضيق الخناق على طقوس رمضان
تشرين – عمار الصبح:
فرضت الظروف الاقتصادية الصعبة نفسها على طقوس رمضان هذا الموسم، حتى وصلت إلى العديد من التقاليد الرمضانية التي تحمل في طياتها معاني الألفة وصلة الأرحام والتكافل الاجتماعي وغيرها من الالتزامات الاجتماعية، التي تكافح للاستمرار ولو في حدودها الدنيا في ظل ما باتت تتطلبه هذه العادات من التزامات مادية باتت مرهقة للكثيرين.
وتأتي صلة الأرحام في قائمة العادات الواجبة في الشهر الفضيل، فعلاوة على كونها شعيرة دينية واجبة وموروثاً اجتماعياً موجوداً أصلاً، تكتسي صلة الأرحام في رمضان طابعاً ذا قدسية أكثر، لكنه وبالرغم من قدسية هذا الواجب إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار القياسي ضيق الخناق على هذا الواجب.
وحسب رأي بعض من التقتهم “تشرين” فإن تأثيرات الارتفاع القياسي للأسعار وضعف القدرة الشرائية، طالت كثيراً من الطقوس والعادات الرمضانية في محافظة درعا، والتي تعد واجباً دينياً واجتماعياً خلال الشهر الفضيل وفي مقدمتها صلة الأقارب والأرحام، الذين تشكل صلتهم من قبل الآباء والأخوة بل والأعمام والأخوال أنموذجاً في التواصل والبر.
وأشار البعض إلى أن الظروف الحالية حالت دون قدرة الكثيرين على الوفاء بهذا الواجب على الوجه الأكمل، وإنما اقتصاره على الحدود الدنيا، وتقليص ما كان متبعاً في مواسم سابقة، سواء أكانت هذه الصلة تتعلق بتوزيع مساعدات مادية أو وجبات للإفطار أو ولائم تخصص للأقارب، وهي عادات ظلت طقساً بطعم الألفة والمودة لا يكتمل الشهر دونه.
وتختلف أشكال صلة الرحم في الشهر الفضيل من شخص لآخر وذلك باختلاف الحالة المادية، وحسب قول الخبيرة الاجتماعية نسرين عمران فإن كثيرين من أصحاب الدخل المحدود وخصوصاً فئة الموظفين، باتوا يكتفون بدعوة الأخوات للإفطار مرة واحدة في الشهر وعلى مآدب متواضعة، وذلك من باب الالتزام بهذا الطقس الذي يعد واجباً، وأيضاً من باب الحرص على عدم تركه مهما كلف الأمر حتى لو اضطر البعض للاستدانة للوفاء به.
وتلفت إلى أن الأمر يبدو مختلفاً لدى فئة أخرى من الميسورين مادياً و التي ما زالت تحرص على الالتزام بهذا الواجب على الوجه الأكمل وتوزيع دائرته عبر أشكال متعددة من البذل كالمساعدات المالية وولائم الإفطار والوجبات التي تقدم بشكل شبه يومي، خصوصاً إذا كان الأب أو الأخ مقتدراً فعندها يجب أن يكون البذل مضاعفاً بل ويسمو لدرجة الواجب في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تفرض أشكالاً مضاعفة من التكامل الاجتماعي.
ومن العادات المتوارثة خلال الشهر المبارك، تعد “سكبة” الجار واحدة من أهم عادات رمضان
التي تدل على التكافل الاجتماعي والإحسان إلى الجار، حيث اعتاد الجيران تبادل الأطباق الرمضانية التي يتم إعدادها وهي من العادات المحببة ولها دلالات اجتماعية عميقة خصوصاً أن من الجيران من هم من أصحاب الدخل المحدود.
ورغم استمرار هذه العادة المحببة ومحافظتها على خصوصيتها، إلا أنها باتت خجولة بعض الشيء بفعل عدم قدرة البعض على إعداد وجبات بكميات أكبر فائضة عن الحاجة.
التأثيرات وصلت حتى السهرات الرمضانية ولمة الأصدقاء، والتي تراجعت بعض الشيء وكادت تخلو من مستلزماتها الرئيسة كأطباق الحلويات الرمضانية التي تشتهر بها المحافظة والتي تتصدرها القطايف والكنافة “عقال الشايب” ومما جادت ربات المنزل بتحضيره من عصائر وأطباق حلويات محلية الصنع.