انفتاح بمفردات الأرض والطبيعة.. خبراء متفائلون يرسمون خريطة طريق التكامل الزراعي بين سورية وجوارها العربي

تشرين- رشا عيسى:
يفتتح الإعلان عن الاتفاق الزراعي الرباعي بين دول الجوار (سورية لبنان والعراق والأردن) مرحلة جديدة في مسار الانفتاح بين دول المنطقة عبر البوابة الزراعية، على أمل أن تتقوى خلال الفترات المقبلة، وأن تمنح مذكرة التفاهم الجديدة التي وقعت بين الأطراف الأربعة في دمشق زخماً لعملية كسر الجليد في العديد من القضايا الزراعية والاقتصادية وغيرها، بهدف التشارك لحماية الأمن الغذائي والوصول إلى نوع من الاستقرار الغذائي عبر إيجاد حلقات وصل إضافية بين هذه البلدان.
الاتفاقية الوليدة في دمشق تضع حجر الأساس للانطلاق نحو تبادل تجاري زراعي بين أطراف الاتفاقية لتحقيق التكامل الزراعي فيما بينها.

فالمنتجات الزراعية السورية تتمتع بالجودة العالية بشهادة أهل الخبرة، وتمتلك القدرة على المنافسة في الأسواق العربية لكونها منتجات زراعية عضوية وتعد مطلباً ملحاً ويتمتع بالأهمية التسويقية، حيث تعد الأسواق المجاورة منفذاً تجارياً رئيساً ومهماً لقطاعنا الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.

التعاون الإقليمي
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش وجد أن الفائدة المرجوة من هذا التعاون المثمر سنجنيها شعوب هذه البلدان في الدرجة الأولى وعلى مختلف الصعد، ما يمثل جزءاً من مسار التنمية الزراعية والاجتماعية المستدامة التي نطمح لتحقيقها في القريب العاجل.

درويش: منتجاتنا الزراعية عضوية وجودتها عالية

ووصف في حديث لـ(تشرين) مذكرة التفاهم بأنها بادرة لتفعيل مسار التعاون العربي إقليمياً ولو في المجال الزراعي، وتأتي في ظل الظروف الصعبة التي تتعرض لها المنطقة مناخياً، من جفاف وندرة في الموارد المائية المتاحة وغيرها من تأثيرات مناخية أرخت ظلالها الثقيل في واقعنا الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، المترافقة مع الظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها بلدنا ولاسيما في ظل الإجراءات القسرية اللاشرعية المفروضة علينا، فضلاً عن الصعوبات الكثيرة التي يعانيها القطاع الزراعي من تردٍ في الإنتاجية وخروج مساحات لا بأس بها من الأراضي سواء الصالحة للزراعة أو المزروعة، من الحلقة الإنتاجية بفعل الكوارث الطبيعية، ومنها الجفاف والتملح والسيول والحرائق، إضافة إلى تردي حالة الغابات الطبيعية وسوء إدارتها.

حضور قوي
ويرى درويش أن المنتجات الزراعية المحلية ذات سمعة طيبة وتمتلك القدرة على المنافسة لجودتها. وقال: كما هو معروف عن المنتج السوري الزراعي الذي قد لا يضاهيه من حيث الجودة سوى بعض منتجات الأسواق الأوروبية، وما يجب التركيز عليه والذي برزت أهميته في الآونة الأخيرة هي المنتجات الزراعية العضوية التي تعد مطلباً ملحاً بأهمية تسويقية عالية ليس فقط إقليميا بل عالمياً، وهو ما يتجه لتحقيقه العديد من مزارعينا حالياً.
منفذ تجاري رئيسي

الأسواق المجاورة منفذ تجاري رئيسي لمنتجات الزيتون والحمضيات والتفاح واللوزيات والخضار المتنوعة وغيرها

وتعد الأسواق في البلدان المجاورة منفذاً تجارياً رئيساً ومهماً لقطاعنا الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، فكثيراً من السلع الزراعية سواء الخام منها أم المصنع بحاجة لأسواق تصريف خارجية تؤمن ريعية مناسبة تمكن المزارعين من الاستمرار في العملية الإنتاجية ومنها النباتية: كمنتجات محصول الزيتون (ثمارا وزيتاً)، محصول الحمضيات وبعض أنواع الفاكهة من تفاح ولوزيات، والخضار بأشكالها المختلفة كما يبين درويش .
ويوضح أنه في السنوات التي سبقت الحرب الإرهابية على بلدنا كان محصول القمح يلعب دوراً رائداً في هذا المجال، كما يمكن الاعتماد على بعض المحاصيل الصناعية ومنتجاتها ومنها التبغ والقطن، من دون أن ننسى أهمية الاستثمار في مجال النباتات الطبية والعطرية وتصنيع وتسويق منتجاتها، وأيضاً المنتجات الحيوانية والدواجن ولاسيما منتجات الحليب واللحوم.

تبادل الخبرات
وتبرز أهمية تبادل الخبرات العلمية الزراعية بين هذه الدول عبر تنفيذ البحوث الزراعية المشتركة، وتبادل البعثات والزيارات العلمية، وإقامة المؤتمرات الدورية بما يسهم في تعميق وتوثيق أواصر التعاون الإقليمي ويساعد في تطوير الواقع الزراعي المحلي لكل بلد، أو حتى الاستفادة من خبرات وتجارب هذه البلدان في مجال استخدام التقانات الزراعية الحديثة والمتطورة سواء في مجال الإنتاج النباتي، ولاسيما استخدام التقانات الحديثة في الري وإكثار البذار أو الحيواني وتأمين مستلزماته ومنها إنتاج الأعلاف وتصنيعها، وفي مجال هندسة الحدائق وتصميمها والعناية بالغابات، حيث نواجه تقلبات مناخية لا مثيل لها في الأعوام التي خلت.

تكامل منشود
المهندسة الزراعية ندى مصطفى تشرح الفائدة المشتركة من التعاون بين الدول الأربع، حيث تتمكن كل دولة من سد نقص معين ببعض المواد تعانيه، وبعضها يغطي حاجة أسواقه من المواد الزراعية، وبعضها يتمكن من تصريف إنتاجه الفائض، كما أن وجود أسواق قريبة للأراضي المنتجة يعني تصريفاً أسهل للمنتجات وأرخص من ناحية النفقات، وأيضاً تؤمن هذه الأسواق استيراد كل ما تحتاجه أي دولة، في حين يفرض العمل الإفرادي نفقات كبيرة ونقصاً في الموارد.

المذكرة نقطة بداية نحو مشروع اقتصادي- زراعي بين البلدان الأربعة

وتوضح مصطفى أن لبنان بحاجة للتعاون مع سورية، لكونها بوابة العبور البرية المركزية للمنتجات اللبنانية إلى الدول الأخرى، بينما الأردن لديه تجربة مهمة في تطبيق التكنولوجيا الزراعية ومن الممكن عبر الاتفاقية نقل هذه الخبرات للدول المجاورة، بينما المنتجات السورية جاهزة من حيث الجودة والمواصفات للتواجد في الأسواق العربية وكذلك العراق، يغطي حاجة أسواقها من النقص ببعض المنتجات الزراعية.
وتوضح مصطفى أن المذكرة تعد نقطة بداية نحو مشروع اقتصادي زراعي بين البلدان الأربعة، ما يحقق دعماً لعجلة الاقتصاد في هذه الدول، وخاصة أن المذكرة تنص على تنسيق المواقف والمشاريع المنفذة مع مراكز البحوث العربية والدولية والمنظمات العربية والدولية في المجالات المتفق عليها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار