بعد استهداف «العدوان الاسرائيلي» قلعة دمشق.. مهندسون وفنيّون وعمّال وحرّاس يرفعون الركام يدوياً لحماية الأرشيف والوثائق المهمة

تشرين:
لماذا يستهدف “العدوان الاسرائيلي” قلعة دمشق التي كانت وماتزال في الذاكرة البشرية ومثار اهتمام، نظرا لما أدته من دور تاريخي عبر مراحل الزمن المختلفة سؤال يستحق التأمل والتدبر؟
قبل بضعة أيام استهدف العدوان الإسرائيلي بعض الأحياء السكنية في مدينة دمشق وقلعتها الأثرية والمعهد التقاني للآثار والمتاحف والمعهد التقاني للفنون التطبيقية، وتسبب بارتقاء عدد من الشهداء، وبأضرار مادية كبيرة في النسيج الأثري لقلعة دمشق المسجلة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979، وهو أمر محظور لكون الاتفاقيات الدولية تمنع استهداف المواقع الثقافية، وبناءً عليه يُعد هذا الاعتداء جريمة مكتملة الأركان.
ومنذ ساعات الصباح الباكر بعد العدوان الإسرائيلي فجر الأحد الماضي شارك مجموعة من المهندسين والفنيين وعمال وحراس من المديرية العامة للآثار والمتاحف بفرز وإدارة الركام من المكان يدوياً، أملاً بالوصول إلى بعض الأجهزة أو الأدوات المهمة التي كانت تحت الركام الذي تسبب به العدوان.
واستعرض المهندس إدمون العجي المدير السابق لقلعة دمشق في تصريح اعلامي أهمية هذه الأجهزة المساحية عالية الدقة، وأجهزة التصوير والرفع الهندسي، وكذلك الأرشيف والوثائق المهمة المرتبطة بمشروع قلعة دمشق، وهي دراسات وبحوث ومخططات تم إنجازها طيلة سنوات.
وبين العجي أن كتلة المباني التي تهدمت في القلعة جراء العدوان بطول 50 متراً تقريباً وعرض 6 أمتار، تمتد جذورها من الحقبة العثمانية الأخيرة أما سطحها فجملوني يعود للحقبة الفرنسية، وإلى جوارها في الجزء الشمالي تمثل الأسوار السلجوقية الأقدم في قلعة دمشق، إضافة للأرشيف والوثائق التاريخية التي تحتويه هذه المكاتب ما يقارب مئة سنة من الأعوام التي يتم العمل عليها من نهاية القرن العشرين.
ولفت العجي إلى أن المرحلة القادمة ستكون لتقدير الأضرار ودراسة جدوى إعادة البناء بالنسبة للتكاليف العالية التي تحتاجها وتقدر بأضعاف تكاليف البناء العادي وتبيان المزايا والسلبيات لأي قرار سيتخذ فيما بعد إن كان إعادة البناء والترميم أو المحافظة على الوضع الراهن.
من جهته، اعتبر مدير المعهد التقاني للفنون التطبيقية غاندي خضر أن قلعة دمشق مكان تراثي أثري وقيمة إنسانية للبشرية جمعاء، واستهدافها بهذا الشكل الوحشي لا يمت للقيم الحضارية بأي صلة، مبيناً أن المعهد يشغل المساحة الأكبر، حيث تعرض قسم التصوير الضوئي والتلفزيوني للهدم الكامل في حين بقيت أماكن أقسام النحت والخزف والخط العربي والزخرفة على وضعها لبعدها نوعا ما عن مكان الاستهداف.
وأشار خضر إلى الجهود الحثيثة التي بذلها المعنيون في وزارة الثقافة، بالتعاون مع طلبة وأساتذة المعاهد للعمل على رفع الأنقاض وتهيئة الأماكن المتضررة قدر الإمكان، مؤكداً استئناف العملية التعليمية يوم الأحد القادم، وقال:”قدرنا في بلادنا أن نعمر ونبقى صامدين بالرغم من الحزن العميق الذي أثر بنفوسنا جميعاً، ولاسيما أننا نعمل في مجال الفنون وهذا سيطبع في ذاكرتنا ووجداننا”.
لقد كانت قلعة دمشق، بتحصيناتها الدفاعية، ودورها السكنية أو مبانيها الحكومية والبلدية , وجوامعها ومساجدها وحماماتها وكل مرافق الحياة فيها، دمشق المدينة.. دمشق العاصمة.. ولئن اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ نشأتها الأولى، فانهم يتفقون على حقيقة مهمة وهي أن قلعة دمشق هي من أقدم قلاع الدنيا.. وتاريخها هو تاريخ أعرق مدينة في العالم .وهي تحكي قصة أولئك الرجال الذين عملوا من أجل وحدة هذه الأمة وخيرها واستقلالها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار