زلازل عابرة للحدود ..
ضربت هزتان أرضيتان منطقة شرق المتوسط، وسجلت محطات الشبكة الوطنية السورية للرصد الزلزالي في «المركز الوطني للزلازل » وقوع هزتين بقوة 7.7 ، 6.4 درجات على مقياس ريختر _الساعة 4:17 صباح اليوم الإثنين شمال لواء اسكندرون في غازي عنتاب.
ماحدث اليوم ، يعني فيما يعني ، أن هناك خطراً من عودة النشاط الزلزالي ، وأن يحدث زلزال مدمر على صدع البحر الميت الذي يمتد من البحر الميت حتى اسكندرونة، وهذا يشمل طرطوس واللاذقية وسهل الغاب والجزء الغربي من حمص ولبنان بأكمله، وليس الخطر فقط من الزلزال بل قد تتبعه موجات تسونامي كالتي حدثت قديماً ودمرت أوغاريت.
لقد تأثرت سورية بالزلزال الذي حدث في شمال إسكندرون اليوم بشكل عام بمختلف مناطقها، في حين كان الأشد تأثراً هو المناطق القريبة من مركز الزلزال في إدلب واللاذقية وحلب.
لقد حدثت الزلزال والهزات الارتدادية ، ضمن اليابسة، ولم تحدث في البحر لذا لم يحدث «تسونامي» وعليه، فان حالة عدم الاستقرار الزلزالي ستكون مستمرة، ولكنها حسب المصادر المعنية بالرصد في سورية ، ستتبع بهزات أضعف تأثيراً، وضمن حدود الـ 5 درجات.
لقد بدأ الزلزال خفيفاً في البحر قبالة ساحل اللاذقيّة ثمّ ارتدّ في وسط تركيا ليعود جنوباً ويصل إلى أعلى قوّته بقوة 7.8 درجات في جَنُوب تركيا بالقرب من الحدود الشِّمالية لسورية ، وأعقبت الزلزال بعد 11 دقيقة هزة ارتدادية بلغت قوتها 6.7 درجات، كما أنّه وصل أذربيجان الإيرانية بقوّة 5.9 درجات .. الموقع الرئيس للزلزال يضعه على مقربة من تقاطع ثلاثي بين لوحات الأناضول والجزيرة العربية وأفريقيا.
وعادة يؤدي زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر إلى حدوث صدع يصل طوله إلى 190 كم وعرضه نحو 25 كم، والمنطقة التي وقع فيها زلزال اليوم نشطة زلزالياً
وقعت فيها ثلاثة زلازل بقوة 6 درجات أو أكبر في نطاق 250 كم من زلزال 6 شباط منذ عام 1970، وكان أكبرها، وبلغت قوته 6.7 درجات في 24 كانون الثاني 2020. وقعت كل هذه الزلازل على طول صدع شرق الأناضول.
كما شهد جَنُوب تركيا وشمال سورية زلازل كبيرة ومدمّرة في الماضي،وتعرّضت حلب للدمار عدّة مرّات بسبب الزلازل الكبيرة، إذ تعرّضت المدينة لزلزال تقدر قوته بـ 7.1 على مقياس ريختر في عام 1138 وزلزال يقدر بقوة 7.0 درجات في عام 1822. وكانت تقديرات الوفيات لزلزال عام 1822 ما بين 20 ألفاً و 60 ألفاً، كما أنّ زلزالاً كبيراً وقع في القرن السابع دمّر العديد من مدن المنطقة، وهجّر سكّانها، وهي المدن المعروفة أطلالها اليوم باسم المدن المنسيّة.
يذكر أن سورية تقع في الشمال الغربي من الصفيحة العربية (وهي إحدى الصفائح الثلاث والتي هي الإفريقية والهندية) والتي تتحرك باتجاه الشمال، وتصطدم بالصفيحة الأوراسية التي تؤدي إلى تشكيل الجبال مثل زاغروس، وهذا ما يؤدي إلى حدوث زلازل في مناطق الاصطدام كما في جنوب شرق تركيا(والوضع الزلزالي الحالي في معظم المناطق، قد يعني تراكم الطاقة الزلزالية وتشكيل زلزال كبير مدمر يحدث كل250- 300 سنة مثل زلزال حلب عام 1138ميلادية والذي يعد رابع أخطر زلزال في التاريخ .)
وتحدث الزلزال نتيجة عوامل طبيعية، ولا علاقة لسلوكيات الإنسان على سطح الأرض بهذه الظاهرة، سواء كانت سلوكيات شريرة أو خيّرة،لأن القشرة الأرضية تتكون من عدة صفائح .. هذه الصفائح هي التي تشكل القارات وتتحرك دائماً. القشرة أو الصفيحة التكتونية تبدأ من العراق وأغلب شبه الجزيرة العربية تسمى بالصفيحة العربية .. هذه الصفيحة تحدها من الأعلى والشرق الصفيحة الأوراسية ، فالخط الفاصل بين الصفيحتين يقع في تركيا وإيران، الصفيحة العربية تتحرك منذ القديم نحو الصفيحة الأوراسية ، وعندما تتحرك في بعض الأحيان (الوشاح) ترفع جزءاً من الصفيحة الأوراسية أو العكس، وهنا تحدث هزة قوية تؤدي الى الدمار.
الزلازل – وهذه حقيقة لا يمكن القفز فوقها سواء أعجبتنا أم لا – لا تعترف بالحدود ولا بالشعوب ولا بالأديان والمذاهب، وترسل رسائل للجميع، كفى عبثاً وطمعاً واستئثاراً وحروباً ، بل ترسل رسالة للجميع مفادها،إذا لم توحدكم مصالحكم المشتركة، أي مصالح العالم كله وسلامه ، فتدميركم لأنفسكم ، أكبر من كل الزلازل، التي تستطيع الإطاحة بكل شيء ، فالحروب والقصف والأسلحة الفتاكة ، هي زلازل متنقلة ، تستخدمها الدول الكبرى من دون أن تكترث لأضرارها على المدى البعيد .