الاستثمار إستراتيجية التفاؤل واغتنام الفرص.. قلعجي: كآبة الأسواق تأتي من تأزم الأوضاع الاقتصادية ولكل سوق مخرج
تشرين- يسرى المصري:
يقال: لكيلا تفشل لا تتوقف عن المحاولة، والنجاح هو الاستمرار في المحاولة، أما التميّز فهو الاستمرار عندما يتوقف الآخرون. فهل ينطبق ذلك على الاقتصاد والاستثمار ؟
يقول الخبير الاقتصادي أنس نغنغ: إن أكثر ما لفت نظري في التحليلات الاقتصادية حول العام 2022 ما جاء في أحد التقارير الإعلامية ومفاده: “إذا كان المستثمرون قد تعلموا شيئاً من تجربة 2022 الكئيبة في الأسواق، فهو كيف يكونون متفائلين “.
ذلك ليس سهلاً، يلفت الباحث الاقتصادي ربيع قلعجي خاصة مع تباين الواقع ما بين سوق وآخر على المستوى العربي أو الإقليمي أو العالمي وكآبة الأسواق بالنسبة لنا تأتي من تأزم الأوضاع الاقتصادية وهذا موجود على مستوى العالم وكل سوق له مخرج، وبالنسبة لأسواقنا فالمخرج سياسي ونحن متفائلون حسبما نسمعه من أخبار إيجابية .
ولرؤية الجوانب المشرقة نحتاج مؤشرات ودلائل على أرض الواقع ولا يمكن أن نتفاءل لمجرد الإحساس بهذا الشعور وإلّا سنكون كمن يغمض عينيه كي يتجنب الخطر والمخاوف ..
وبالتالي فإن المؤشرات هي من تلعب الدور الكبير في تفاؤل أو كآبة الأسواق.
عن تفاؤل المستثمرين في الأسواق العالمية أورد تقرير اقتصادي تحليلاً عبّر خلاله كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في بي جي أي إم فيكسد إنكوم: “كان الناس محبطين جداً لمدة عشرة أشهر. لم يستطيعوا تحمل الأمر أكثر من ذلك لذا يحاولون أن يكونوا أكثر تفاؤلاً. الأمر بتلك البساطة. إنه أمل زائف مراراً وتكراراً، فينبوع الأمل لا ينضب، لا تكونوا محبطين جداً.
ويضيف؛ من السهل بالتأكيد أن يكون الشخص حكيماً بعد فوات الأوان، لكن بعض المشاركين في الأسواق يقولون إنهم لم ينخدعوا بالأمل الزائف في المقام الأول. “باعتقادي أن طبيعة الأسواق غير متوقعة معظم الوقت”، و إنّ الحالات النادرة التي تكون فيها الأسواق متوقعة هي عندما تواجه صعوبات بما يكفي ليصبح الوقت مناسباً لاقتناص بعض الصفقات. “علينا تحديد الأوقات التي يواجه فيها الناس الصعوبات. آخر مرة حدث ذلك فيها بوضوح كانت في عام 2020″، كما يقول، عندما ارتفعت فروق الائتمان وبديل مؤشر فيكس لمستويات الضغط في الأسهم.
وقد يدور الجدال دوماً حول ما إن كنا قد رأينا لحظات من الاستسلام. كان الجواب طوال العام الماضي هو؛ لا. رأينا تحركات كبيرة في السوق لكنها لم تكن المؤشرات المهمة حقاً التي تثير الذعر.
ذلك هو الخيار الأول، انتظروا المصاعب الحقيقية. الخيار الثاني هو تحمل المصاعب، ولاسيما عندما لا يكون لديك خيار آخر فعلاً. يتفق أليكس أومانسكي، مدير محافظ في شركة بارون كابيتال للاستثمار التي تبلغ قيمتها 48 مليار دولار، مع ذلك. كان صندوق بارون جلوبال أدفانتج لأسهم التكنولوجيا أحد صناديقه الذي انخفض 50 في المئة أو نحو ذلك العام الماضي.
“لقد كنا نتوقع تراجعاً بالطبع، لكن حجمه وسرعته وحدّته كانت مفاجئة قليلاً”، كما يقول، مع بعض الاستخفاف ومن دون شفقة على النفس. يقول بصراحة، “نحن ما نحن عليه”. إنه صندوق نمو. في سوق هابطة. من المؤكد أنه مّر في فترة صعبة، لكنه يقول، بالنسبة له، كانت أكثر الفترات إثارة للرعب هي الارتفاع الضخم في 2022. “كان هناك كثير من الأموال” المقبلة لدرجة أنه كان عليه توسيع عدد الشركات في محفظته وزيادته من العدد المعتاد الذي يراوح بين 40 و50 شركة إلى أعلى رقم في مستوى الستينيات – منطقة غير مريحة.
“لم أكن أستطيع النوم في أواخر 2020 وبداية 2021، لأن المال كان يستمر بالقدوم ولا يوجد ما أشتريه بسعر جيد لذا كان علينا التضحية إما بالجودة وإما بالسعر”، كما يقول. الآن؛ على النقيض من ذلك، “كل شيء معروض للبيع، كأنك تدخل متجراً وتجد تخفيضات 50 في المئة”. أقر أن ذلك التخفيض قد يصل إلى 70 في المئة. لكن إن كنت واثقاً بطريقتك، فإن ذلك يعبّر عن بعض القيمة ويعد طريقة للصمود في وجه العاصفة.
أما الخيار الأخير فهو الاستمرار بإخبار نفسك بأنك مشارك في الأمر على المدى الطويل. يعترف جون بيلتون، رئيس الاستراتيجية متعددة الأصول لإدارة الأصول، بصراحة إن 2022 كان عاماً سيئاً، حيث انخفضت الأسهم وفشلت شبكة الأمان المعتادة للسندات. لكنه يقول، “إذا بقيت في مخبئك لوقت طويل سيفوتك وقت استقرار الأمور (…) من المهم جداً اغتنام الفرص للدخول إلى السوق”. يقول بيلتون إن ذلك قد يبدو كنصيحة لشراء سهم هبط سعره بسرعة. “لكن الحال لا يكون هكذا إلّا إذا كنا نتعامل مع أصول ضعيفة”، حسبما يقول.
محاولة تحديد وقت الدخول أو الخروج من السوق صعبة، ومن المستحيل فعلها باستمرار، لكن اغتنام الارتفاعات يساعد كثيراً. أشار فريق الاستثمار في “جيه بي مورجان” في عرض تخصيص أصول طويلة المدى إلى أن التمسك بمؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدى العقدين الماضيين كان سيحقق عوائد سنوية بـ9.76 في المئة.
لكن تفويت أفضل عشرة أيام يقلص تلك العوائد السنوية إلى 5.6 في المئة. وتفويت أفضل 30 يوماً يقلصها إلى ما يقارب الصفر.
يقول بيلتون، “نحن لا نقول احذروا من قاع السوق، بل نقول فكّروا في كيفية إعادة بناء المحافظ”. مع الأسف، لا أستطيع ضمان أن يكون 2023 مشرقاً أكثر من ذلك، لكن من المفترض أن تساعد مثل هذه الرؤية مع قليل من الحظ على الأقل.