آلاف المشروعات الصغيرة تفتقر إلى «نفحة الريادة».. تنظيم جديد لقطاع «الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي» والنتائج رهن الهمم الرسمية

تشرين- باسم المحمد:
تنحصر أفكار شبابنا الذين قرروا الابتعاد عن الوظائف الحكومية والخاصة في مشروعات صغيرة قد تكون مجدية في توقيت معين تؤمن لهم دخلاً لفترة من الزمن ثم تنخفض عائدية المشروع لأسباب عديدة كإشباع السوق لتوجه الآخرين إلى تقليد فكرة المشروع أو بروز إحدى العقبات في بيئة العمل والتي لم يحسب لها حساب، أو عدم اعتماد تطوير المشروع للتكيف مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة في عصر العولمة.
هذا كله يمكن رده إلى غياب المفهوم الواضح لريادة الأعمال لدى كل من فئة الشباب، والجهات التي يمكن أن يكون لها دور مهم في تنمية نزعة ريادة الأعمال واحتضانها وجعلها أحد الحلول الكبرى لمشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية..

إستراتيجية وطنية
حسب التصريحات والأرقام الرسمية تتابع الحكومة باهتمام قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحرص على التوسع فيها كمّاً ونوعاً ونشرها على مستوى كامل الجغرافيا الوطنية.
بلغ العدد الإجمالي للمشروعات ما يقارب /778/ ألف مشروع، يتجاوز عدد المشروعات العاملة منها /460/ ألفاً، وتم توجيه المصارف العاملة لمنح الأولوية في منح التسهيلات الائتمانية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة الإنتاجية، حيث بلغت القروض والسلف الممنوحة عبر مصارف التمويل الأصغر خلال هذا العام /13.3/ مليار ل.س، بالإضافة لتنفيذ مجموعة من البرامج التدريبية لنشر ثقافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة منها: برنامج التدريب من أجل التشغيل المضمون- برنامج طالبي العمل- برنامج ريادة الأعمال- برنامج تعزيز قدرات المرأة- برنامج حاضنات الأعمال.

التحضير لإعداد إستراتيجية وطنية لتنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.

وبلغ عدد المستفيدين من هذه البرامج /5158/ مستفيداً، بالإضافة لتنفيذ حوالي /90/ معرضاً ومهرجاناً وبازاراً للتعريف بالمنتج المحلي، وتسويقه داخلياً وخارجياً.
كما قامت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بجهود كبيرة خلال الأشهر الماضية بالتعاون مع بقية الوزارات لمناقشة مسودة دليل تصنيف المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وموضوع قاعدة البيانات التي يتم العمل عليها لتنظيم قطاع المشروعات، والنهوض بهذا القطاع، وسبل تذليل الصعوبات التي تعترض تصنيف المشروعات، ومعايير اختيارها بطريقة علمية وواقعية بالتشارك مع جميع الجهات المعنية بقطاع المشروعات ليصار لاحقاً إلى الاستفادة من آلية التصنيف في بناء الخطط والبرامج.

يقارب العدد الإجمالي للمشروعات /778/ ألف مشروع، يعمل منها أكثر من /460/ ألفاً.

وترى وزارة الاقتصاد ضرورة وجود تصنيف موحد لهذا القطاع والاعتماد على قاعدة بيانات تعتمد على التصنيف الدولي للأنشطة الاقتصادية، بما يتيح إعداد إستراتيجية وطنية لتنمية المشروعات استناداً إلى بيانات ومعلومات دقيقة وواضحة وفقاً لتعريف محدد ومعتمد على المستوى الوطني، حيث تم إعداد مسودة دليل تعريف المشروعات بشكل تشاركي بين الجهات الأكثر صلة بقطاع المشروعات من الفريق المعني بإعداد الإستراتيجية الوطنية لتنمية المشروعات، ومن خلال مناقشات و ورشات عمل طرحت رؤية كل وزارة، والجهة المشاركة بعمل هذا القطاع والمشكلات والصعوبات التي تعترضه ومناقشة الحلول اللازمة بالاستفادة من دليل تصنيف المشروعات لتطوير آليات العمل.

ريادة الأعمال تكمن في القدرة على تحويل الأفكار إلى عمل أو مهنة أو خدمة مرغوبة في السوق.

كما تم التوصل إلى مؤشر خاص بتصنيف المشروعات بما يسهم في إغناء العمل الذي يجري تنفيذه تحضيراً لإعداد الإستراتيجية الوطنية لتنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
مفهوم الريادة
الخبير الإداري الدكتور إياس الحمدان بيّن أن مفهوم ريادة الأعمال واسع النطاق وزاد الحديث عنه خلال العقدين الماضيين بسبب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الدولية، وهو عملية يمكن أن يقوم بها شخص أو ربما عدة أشخاص، قد لا يمتلكون ما يكفي من الموارد، لكن لديهم فكرة يمكن تحويلها إلى عمل تجاري بمعنى تحويل الأقوال إلى أفعال.
وعندما نقول فكرة ليس من الضروري أن تكون جديدة لمنتج أو خدمة معينة، فقد تكون تقديمَ حلٍّ لمنتج أو خدمة موجودة في السوق، أو إكمالاً لها، وتالياً سد فجوة ما يكتشفها رائد الأعمال، ومما لا شك فيه أن جميعنا لديه أفكار، لكن تحويلها إلى عمل أو مهنة أو خدمة مرغوبة في السوق هو ما يحقق ريادة الأعمال.
وبرأي الحمدان فإن رائد الأعمال يجب أن تتوافر فيه بعض الصفات كأن يمتلك الشغف، والاستعداد لتحمل المخاطر، وأن يكون لديه روح الإبداع والابتكار لوضع أفكاره في السوق، كما يجب أن يمتلك رؤية مستقبلية لفكرته على أنها بالنهاية حاجة لسد فجوة موجودة على أرض الواقع.

تؤمن فرص عمل،واقتصاداً صحياً ، وتنشر روح الإبداع والابتكار، وتحسن استغلال الموارد المتاحة

ويضيف الحمدان: رائد الأعمال يمتلك عامل المرونة أكثر من الشركات التي تكون لديها أفكار معينة ونظام داخلي محدد ومستثمرون يعملون وفق أيديولوجيا معينة، قد تمنعهم من اعتماد التغيير ربما خوفاً من التكاليف، ويقتصر تفكيرهم على تطوير منتجاتهم أو البحث عن أسواق لتصريفها، أما رائد الأعمال فيكتشف ثغرة ما في شركة أو منتج ويضيف بعض التحسينات أو التغييرات لسد النقص في السوق، وربما يلاقي رواجاً كبيراً.
اقتناص الفرصة
تؤدي التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف مجالات الحياة إلى حصول تغيرات في عادات المستهلكين وسلوكهم الشرائي والخدمي والاستهلاكي، ما ينجم عنه -حسب الحمدان- ثغرات في السوق تخلق فرصاً لرواد الأعمال، الذين يقتنصون الفكرة لما يتصفون به من جرأة وخبرة وإبداع ويحولونها إلى مشروع ناجح، وهنا يمكن ذكر مؤسس شركة “أوبر” الذي كان يحضر مؤتمراً في فرنسا وعند خروجه وجد صعوبة في تأمين وسيلة نقل “تكسي” تقله إلى المطار، فنشأت لديه فكرة تأسيس شركته التي تقوم على مفهوم الاقتصاد التشاركي، حيث تشارك عدة أشخاص لديهم الوجهة نفسها للسيارة ذاتها، لذلك يمكن القول إن التغيرات الاقتصادية وظهور الاقتصاد التشاركي على يد بعض رواد الأعمال بعدة أنماط، أدى إلى البدء في تطبيق الاقتصاد التشاركي، ونشر بعض السلع والخدمات التي قد يتشاركها عدد من المستهلكين.

حل للأزمات
وفي رأي الحمدان فإن أهمية ريادة الأعمال تبرز في الدول التي تعاني مشكلات واختناقات، لأنها تطور خدمات من لا شيء برأسمال متواضع قد يقتصر على وسيلة اتصال، وربما تجذب الفكرة الجديدة الشركات الكبرى لتتسابق على شرائها أو الاستحواذ عليها.
لذلك يمكن القول: إن الريادة تؤمن فرص عمل لخريجي الجامعات والمعاهد، وللشباب الذين تعصف الأزمات الاقتصادية ببلدانهم، كما أنها تنشر روح الإبداع والابتكار في المجتمع، فوجود رائد أعمال في منطقة أو دولة ما سيولِّد المنافسة ما ينشر الإبداع والابتكار، وهذا ما يحقق اقتصاداً صحياً يقدم سلعاً وخدمات فريدة من نوعها، وهذا ما يريده المستهلك بالنهاية، ما يخفض الأسعار للسلع والخدمات بسبب المنافسة وزيادة العرض، فتزيد الرفاهية المجتمعية، ويتحسن استغلال الموارد المتاحة على مستوى الأفراد والشركات والمجتمع والدولة، وهو أمر يطمح إليه الجميع.
احتضان الرواد
وبناء على كل ما سبق ذكره طالب الحمدان الجهات الحكومية باحتضان رواد الأعمال بهدف تشجيع الشباب وتحفيزهم على العمل، وذلك من خلال حاضنات للأعمال تساعدهم في إنشاء المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، عن طريق تأمين التمويل بتسهيلات كبيرة، وتزويدهم بأبحاث وإحصاءات ودراسات، وإقامة دورات تدريبية ليس لتقديم المعرفة بل لتعزيز المهارات، فاقتصادنا الآن بحاجة إلى المهارات وليس المعرفة فقط، ولدينا حالياً معارف كثيرة وخريجون في مجالات وقطاعات متنوعة لكن ما نحتاجه تعزيز وتنمية مهاراتهم، ويمكن توفير بعض مستلزماتهم بأسعار تشجيعية، ويمكن تقديم الوعود بتبني الأفكار والمشروعات الناجحة كما تفعل العديد من الدول.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار