حديث الحرب لا يكاد يتوقف، بل هو يزداد سخونة يوماً بعد يوم، الجميع متشائم، الدول تنصح رعاياها بعدم السفر إلى لبنان أو مغادرته. جبهة الشمال/ جنوب لبنان، تشهد تصعيداً متبادلاً عالي المخاطر وإن كانت الغلبة فيه للمقاومة اللبنانية – حزب الله، الأربعاء الماضي عاد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت من واشنطن بعد زيارة استمرت عدة أيام، ويبدو أنه حصل على مزيد من الدعم الأميركي سواء للحرب على غزة، أو لهجوم شامل محتمل يهدد به الكيان الإسرائيلي الجميع «وليس لبنان فقط».
على أن الخوف الشامل، ليس من اشتعال الجبهة بين الكيان ولبنان، بل مما هو بعدها، إذ لا يمكن بأي حال ضبط تطوراتها، أو وقف ما يسمى «دومينو» الحرب، حيث ستدخل دول المنطقة تباعاً فيها، وستجر إليها، بلا شك، أطرافاً دولية، وعندها لن يكون بمقدور أحد وقف «حرب الجميع ضد الجميع» كما يحذر المراقبون.. رغم أن الجميع يتحدثون عن رغبتهم ومساعيهم لتجنب الوصول إلى هذه النقطة.. ولكن عندما يصل الحديث إلى الكيان وإلى متزعم حكومته بنيامين نتنياهو فعندها يعود الجميع إلى مخاوفهم وتشاؤمهم، معتبرين أن الكيان المحاصر بالهزائم لن يجد أمامه مهرباً إلا إشعال حرب في الشمال، إلا إذا حققت عملية التفاوض على جبهة غزة اختراقاً من نوع ما، عندها يمكن الحديث عن إمكانية تنفس الصعداء، ولو لبعض الوقت.
ومن نافل القول هنا، عندما يتعلق الأمر بالكيان، فإن الولايات المتحدة الأميركية وحدها القادرة على ممارسة ضغوط فاعلة على حكومة نتنياهو للجنوح باتجاه إنجاح التفاوض على جبهة غزة، ولكنها لا تفعل، علماً أن إدارة بايدن تتحدث باستمرار عما تمارسه من ضغوط على الكيان لقبول التهدئة وإنهاء الحرب، وعن نصائحها لنتنياهو بأن الحرب تضر كثيراً بالكيان وتجعله أضعف، مع ذلك فإن السؤال الذي يبرز دائماً مع كل حديث أميركي عن هذه الضغوط والنصائح، هو: لماذا لا يستجيب الكيان وهو الذي لا يستطيع أن يبدأ حرباً أو يُنهيها إلا بوجود الدعم الأميركي وعلى كل المستويات؟
أمس كان هناك حديث عن «لغة جديدة» تقدمت بها واشنطن، تركز- حسب موقع «اكسيوس» الأميركي- على المادة 8 من مقترح بايدن، المتعلقة بالمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ بين الكيان وحركة حماس أثناء تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح، من أجل تحديد الشروط الدقيقة للمرحلة الثانية والتي تشمل التوصل إلى «تهدئة مستدامة» في غزة.
وحتى يتم الكشف عن تفاصيل هذه اللغة الجديدة، فإنه لا تفاؤل كبيراً بالدور الأميركي، وهناك من يتحدث عن أن كل ما يصدر عن واشنطن هو من قبيل الاستهلاك الإعلامي، وأن الولايات المتحدة لا تزال غير جادة في ضغوطها على الكيان الإسرائيلي.
الخطير هنا ليس في مسألة الاستهلاك الإعلامي أو عدم جدية واشنطن، بل قد يكون في مسألة تقطيع الوقت، من قبل الكيان، وصولاً إلى نهاية ولاية بايدن، وانتظاراً لـ«فوز مضمون» لدونالد ترامب.. عندها فإن الحرب المحتملة لن تكون مجرد تهديدات وتسخين جبهات.
مها سلطان
57 المشاركات