عودة محمودة

ما من أحد نختلف معه حول حجم التأثيرات السلبية التي مني بها اقتصادنا الوطني خلال سنوات الأزمة الحالية , وقبلها أزمات اقتصادية عالمية متعددة الأوجه , وما فعلته بالإنتاجية العامة الداعمة للاقتصاد الوطني وخاصة قطاع المشروعات الصغيرة والحرف المنظم منها أو المنتشر في المدن والأرياف والحارات الشعبية بصورة مخالفة, أي ما يسمى (اقتصاد الظل) والذي كان يشكل نسبة كبيرة في تأمين حاجة السوق المحلية, وغالباً ما يحظى قسم كبير منه بحصة تصديرية ترسم معالم المقدرة على التصدير..!
لكن السياسات الحكومية آنذاك عينها على القطاعات الإنتاجية الكبيرة في القطاعين العام والخاص, متجاهلة اقتصاداً داعماً ومهماً يشكل ركيزة أساسية يمكن البناء عليها لتحقيق استقرار أوسع، ونتجنب فيه (خضات السوق) كما يحدث حالياً، مرافقاً لها عدم القدرة على السيطرة على الأسواق واشتعال السوق السوداء على كافة جبهات المعيشة وليس الأسواق فحسب, وما يحدث اليوم من ترهل في الأداء الإنتاجي والتسويقي وخاصة على مستوى أداء القطاعات الإنتاجية وخاصة قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر هي نتيجة مباشرة وانعكاس سلبي لتجاهل الحكومات المتعاقبة وفشل سياساتها في وضع رؤى يمكن تسميتها إنقاذية للتخفيف من آثار الأزمات وإطلاق العنان للقطاعات المنسية, إلى جانب تنظيم المخالف منها, وإيجاد بيئة عمل مناسبة لها لتكون العنصر الأساس والفاعل في استقرار السوق المحلية, ولو فعلتها السياسات السابقة , وكان جلّ اهتمامها (حكوماتها) في تنشيط هذا القطاع لما شهدنا هذا الكمّ الكبير في نقص المواد , وتذبذب الأسعار، وعدم استقرار وضبابية كبيرة في الرقابة وأدوات التنفيذ , وصولاً إلى حالة الشلل في آلية تسعير المواد الأساسية المطروحة في الأسواق والتي تباع السلعة الواحدة بعشرات الأسعار في الحي الواحد , وهذه مسألة في غاية الخطورة تركت تبعات سلبية على الواقع ،أظهرت عدم قدرة الجهات الحكومية على الضبط وقمع حالات التعدي, إلى جانب النقص الشديد في أساسيات المواد , التي كان من الممكن أن يؤمنها القطاع المنسي..!
وهنا لا نريد أن نحمل المسؤولية للسياسات السابقة وحدها, من دون مراعاة للظروف والأزمات وخاصة الأزمة الحالية , والحرب الكونية والاستهداف الممنهج من العصابات الإر*ها*بية المسلحة و(داعميها) لقطاع المشروعات الصغيرة , والتي كانت العنوان الأبرز في التدمير والحرق والنهب وخاصة في التجمعات السكانية وفي بعض تجمعات المدن في المناطق الحرفية والصناعية فكانت النتيجة آلاف الورشات والمهن المدمرة , إدراكاً منهم لأهميتها في استقرار السوق وتأمين حاجات الناس ..!
واستفاقة الحكومة في سياساتها, والاهتمام الكبير في قطاع المشروعات, وإيجاد بيئة عمل تنظم هذا القطاع وتأهيل ما خرب منه , تأكيد واضح لما يشغله من أهمية اقتصادية كانت تجهلها الحكومات السابقة سواء بقصد أو من دونه, والأهم أن الجهات المعنية في الوقت الراهن تبذل قصارى جهدها لإنعاش هذا القطاع ومن ورائه انعاش الأسرة السورية وتحسين مستوى معيشتها ..!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار