رجع صدى

تشرين- إدريس هاني:

– لا حاجة بعد اليوم إلى مزيد من البرهنة على جرائم الاحتلال، فلقد جاوز الجُرمُ المدى، تكفي الصورة والأنين. هم يريدون أن يجعلوا الإدانة وجهة نظر، من يملك إيقاف الشّر المطلق؟
– اليوم حتى الغرب مشرف على السقوط، لقد التحق بالاحتلال في هذا المصير، كانت المقاومة أكثر استيعاباً منهما للواقع فيما صرح به ألستر كروك، المستشار السابق لخافيير سولانا.
– لا يوجد في البنية الدولية ما يسمح لإدانة الاحتلال، لأنّه تزامن مع ميلاد النظام الدولي عشية الحرب العالمية الثانية، انتصار الحلفاء، كان الاحتلال هو الإنجاز الأكثر أهمية للغرب.
– كم هو مثير للشفقة، حين يُراهن الاحتلال على شباب ضيعة ضايعة، ويصنع منهم الحدث؟ ألا ترى الوجه الآخر لمجتمع ناقم على الإبادة؟ ما هي الرسالة التي يبلغها قادة احتلال.. أفلسوا؟ على من يراهن احتلال عقور، ويتشبّث كالغريق، بمن هبّ ودبّ، إنّه الإفلاس الكبير، وشراء الذّمم عبثاً.
– في ذروة العدوان، مجازر وإبادة موصوفة، ماذا يعني دعوى التعايش والمحبّة.. ما هذا؟ لا شكّ أن الحديث عن ضمير لا يجدي نفعاً، فالمسألة فيها «بزنس» وتجارة الأزمات، إنّهم الخواسر. عن أي وطنية نتحدث بعد كلّ هذا، فمن فقد ضميره إزاء ما يحصل في غزّة، لا يمكن أن يؤمن بوطن.
– متى كانت الكوفية مشكلة.. ما هذه المهنيّة الكئيبة.. ما هذا اللامعنى.. ما هذه الفرقشة الأكاديمية.. ما هذه المجلبة للذّلّ.. ما هذه الجريمة في حقّ هوية وثقافة وموقف نضالي؟.. عدم التوشيح في مثل هذه الحالة تشريف مُضاعف.
– عدوان كالعادة على سورية، الاحتلال يُصَدِّر أزمته، ولكنه يدرك أن خريطة المواجهة تكمن ها هنا، انظر حيث يضرب الاحتلال، فثمّة الممانعة. أشفق من أولئك الذين استهانوا بالمحور وظنّوا الظنونا، إلى متى نستوعب الحماقة؟ إلى متى نتجاهل سقوط القراءات الفاسدة؟ استهداف دمشق، يعني استهداف المعادلة الصعبة عربيّاً. أليس لدمشق بواكٍ؟
– أصاب الاحتلال العالم في مقتل، أصاب الضمير الكوني، لا أفق لهذا التمادي سوى نهاية كيان أكد بقوة على أنّه تهديد للعالم، وخطر محدق بالمصير البشري. من يا ترى لا زال يشكّ في ذلك؟
– عشرة شهور بأناتها، نار وإبادة، العالم كله، يعني بالفعل كله، مسؤول عن هذه الجرائم، ليس الاحتلال وحده، أي عالم يستحق العيش بعد كلّ هذا الانتهاك لآخر ما تبقّى من ثُمالة القيم؟.. إنّه العماء السياسي، إنّ الاحتلال بلغ ذروة اللاّمعنى، إنّه الخاووس الأعظم.
– ومع ذلك يبقى الشعب الفلسطيني، صامداً صموداً أسطوريّاً، متشبّثاً بأرضه، بمصيره، بينما الشعوب، بما فيها شعوب العالم، تقف معه في محنته وقضيته العادلة، قضية الأمة، قضية الإنسانية، لقد فقد الاحتلال كلّ عناصر البقاء الموضوعية، بلغ الباب المسدود، بينما الغرب الذي يحميه، يعيش هو الآخر على قرع طبول الانقسام ودويّ انتخابات مسلّحة.

كاتب من المغرب العربي

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار