التصحر وزحف الكثبان الرملية والاعتداءات على الغابات تشكل أكبر خطر يهدد الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي
حماة – محمد فرحة:
يشكل التصحر مترافقاً مع موجات الجفاف بحراً من الرمال الممتد في العديد من بلدان العالم، أبعد من حدود النظر، ففيه تبور الأراضي الزراعية المنتجة للغذاء، وفيه تغطى الأودية والسهول بالرمال وتغطى السماء بالغبار عند هبوب الرياح.
وبعبارة أكثر دقة، فيه تتحول الأرض إلى صحاري مجدبة، في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن مزيد من الإنتاج الزراعي لإطعام الشعوب، وهو أعلى درجة من الخطورة في ظل العجز عن مواجهته.
فقطع الغابات بشكل يصل إلى درجة الإقصاء منتهى الخطورة، وهنا وضعت جهاتنا المعنية نفسها في مأزق كبير، فقبل شح المحروقات كانت غاباتنا بألف خير ولم نكن نشهد تلك الحرائق الفظيعة والاحتطاب الجائر بهدف التدفئة، والحل ما زال متاحاً عند المعنيين، وهذا لا يتطلب سوى / ١٠٠ / ليتر من المازوت سنوياً للأسرة الواحدة في أضعف الأيمان، عندها ستتراجع عملية الاحتطاب الجائر وتخف الاعتداءات على الغابات، وتزداد الرقعة الخضراء، وبالتالي تشكل حزاماً مانعاً لزحف التصحر وكثبانه الرملية.
يشير مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير، المهتم في الشؤون الاقتصادية الزراعية، إلى أن التصحر وزحف الكثبان الرملية أكبر خطر يهدد الأراضي الزراعية المنتجة، كما يشكل تدهوراً للبيئة، وهنا غالباً ما يتم خروج مساحات زراعية كانت تنتج الغذاء والكلأ، ونحن كما كل دول العالم في عجز تام عن الحد من خطورته.
وتطرق باكير إلى دعوة البشر إلى تشكيل وزرع حزام أخضر والحفاظ على الغابات، لأن في ذلك مستقبل الأجيال القادمة، وتوفير للأمن الغذائي.
وتسأل “تشرين”: هل وصلنا لدرجة عجز الإنسان عن العيش بانسجام مع الطبيعة وتنمية مواردها باستمرار؟
فيجيب باكير: واقع الحال يشي بذلك، لكن هذا منتهى الخطورة، فلا بد من البحث عن حلول، فالتركيز على الزراعة فيه شكل من أشكال مجابهة التصحر، زد على ذلك فيه تأمين أمننا الغذائي. خذ مثالاً لو كانت ظروفنا المحلية جيدة وتوافرت لزراعتنا كل مقومات نجاحها لما كنا نقع دائماً في مأزق استيراد القمح، بل كنا سنصدره، وكان لدينا فائض منه.
ويضيف: كل تأخير في اتخاذ التدابير اللازمة والسريعة، يعني خسارة المزيد من الأراضي الزراعية وتبويرها، فالتكاليف اليوم أمست باهظة جداً إذا ما قيست مع المردود، فلا بد من العمل وفق عمليات حسابية دقيقة، تحقق هامش ربح مغرياً للمزارعين، ففي ذلك مستقبل الأجيال القادمة.
وفي رده على سؤال: هل الصحراء فقط تعني العطش؟ يؤكد مدير زراعة حماة: لا أبداً، بل رمال حارقة وجفاف مطبق وعدم زراعة الأراضي المنتجة، وبعبارة أشمل الحزامات الخضراء هي منطلق للعديد من الحضارات وإسعاد البشرية، فشتان أن تنعم البشرية بالرفاه ووجود كل مقومات حياتها من ماء وغذاء وغير ذلك، من عدمها أو العيش بشحيحها.
بالمختصر المفيد: إن قضية التصحر وتبوير الأراضي الزراعية المنتجة للغذاء، هي مرحلة على درجة عالية من الخطورة، فيكفي ما لدينا من أراضٍ غير قابلة للزراعة لنزيد عليها مساحات إضافية كانت أمس تشكل مخزناً لغذائنا وهنائنا، فلنحاول الحد من خطورة زحف التصحر عليها، وهذا يتطلب دائماً دعم المنتجين الزراعيين وتسويق منتجاتهم وعدم تعرضهم دائماً للخسائر، والتعامل بانسجام مع الموارد الطبيعية، ولنقل قف لتمدد التصحر وعدم تآكل أراضينا الزراعية.