القصب شاهد
على ما يبدو لم تندمل جراحات خطوط دفع مياه الشرب في محافظة درعا بعد، فهي كلما كادت أن تلتئم خلال الشتاء تعود لتفتح و”تغور” من جديد صيفاً، والأوجاع الناجمة عنها يتجرعها المواطن معاناةً وهو يركض وراء الصهاريج لسد احتياجاته، وتكاليف باهظة لقاء شرائها.
تعد التعديات بالعشرات على خطوط دفع مياه الشرب الرئيسة، سواء القادمة من مشروع الثورة بمراحله المختلفة على سفح وادي الأشعري أو تلك المنطلقة من مشروع إرواء مدينة درعا من آبار غزالة وغيرها، وتكاد تستنزف ثلثي أو ثلاثة أرباع المياه التي يتم ضخها قبل وصولها إلى وجهتها في الأحياء السكنية، والغاية كما هو معروف للقاصي والداني إرواء المزارع مخلفةً عطش الأهالي، حيث تضطر مؤسسة المياه مرغمة لتطبيق برنامج تقنين يصل أحياناً لنحو أسبوع أو أكثر.
في الكثير من المواقع على مسار خطوط الدفع، لا يتطلب الأمر عناءً حتى يتم اكتشاف التعديات، إذ إن نبات القصب الذي ينمو ويتمدد بوجود المياه العذبة خير شاهد أو دليل على وجودها، فيما بقية المواقع في حال احتاط ضعاف النفوس من المتعدين وأزالوا القصب لتمويهها، ويمكن للفنيين أثناء السير مع المسار وتفحص المزارع المحيطة اكتشافها.
لمن لا يعلم، وصل مؤخراً سعر المتر المكعب من ماء الصهاريج الجوالة التي يلجأ إليها المواطن مرغماً إلى خمسين ألف ليرة، وهو لا يكفي يومين أو ثلاثة أيام في أحسن حالات الترشيد خلال الصيف الذي يزداد الاستهلاك فيه، بمعنى؛ إن ربّ الأسرة إذا اضطر لشراء ستة أمتار في الشهر لسد نقص الوارد من شبكة المياه العامة بسبب التعديات، سيترتب عليه مبلغٌ كبير سيقتطع من مصروف الأسرة لقاء احتياجات معيشية أساسية أخرى.
لا شك في أن تأمين احتياجات البشر إلى مياه الشرب أولوية لا يتقدم عليها شيء آخر، وهنا ينبغي للمجتمع المحلي أن يزيد من فاعلية مؤازرته للجهات المختصة والمعنية لقمع التعديات، مع المتابعة المستمرة بهذا الشأن حتى يدوم القمع ولا تعود التعديات بعد وقت قصير.