“مملكة الأحلام” والمسرح المؤفلم على طرفي نقيض من ثقافة المجتمع
فكرةٌ عميقة أبطالها أطفالٌ حقيقيون وموجّهة للكبار، جمعت بين التربية والفن على مسرح الطفل، ما جعل من لعبة الإبهار البصري والمؤثرات السمعية والغرافيك وسيلة للاحتفاظ بانتباه الطفل وجذبه إلى حيث ينتهي به المطاف بالعبرة أو الدرس، وكغيرها من التجارب التي تحتمل النجاح أو الفشل مضى مؤلف ومخرج فيلم “مملكة الأحلام” في مشروعه الأول ضمن مسيرة أفلام الأطفال محققاً علامة فارقة، عدّها البعض غير مكتملة الشروط والأركان، بينما تناول البعض الآخر ما يدور ضمن أحداث العمل بأسلوب إثارة الجدل والنقد غير البنَّاء برأي المؤلف.
رعايةٌ إعلامية
والغريب ما يدور في أذهان الكثير ممن تناسوا الدور الرئيس للشركات المحلية في رفد الأعمال الفنية بالترويج والدعم المستمر برأي المخرج “طلال لبابيدي” مستنكراً ما تمّ تداوله عن استخدام الفيلم للترويج لإحدى الشركات التي كانت بمثابة الراعي الإعلامي والمسؤول عن تغطية الفيلم على مدار السنة والتي تعد تكاليف باهظة، ومن حقها الطبيعي أن تتلقى الشكر من القائمين على العمل كوزير التربية “دارم طباع” راعي الاحتفال الذي دعا من خلال كلمته كل الشركات لدعم أي مشروع تربوي لكونه واجباً وطنياً.
في حين أن لمثل هذه التجربة الفريدة من نوعها صفة الخصوصية لا الجماهيرية برأي “لبابيدي” الذي فرض على القائمين على العمل اختصار الحضور في حفل الافتتاح على دعوة أهالي الفنيين والأطفال المشاركين الذين شكلوا (١٠٠) طفل، إضافة لتغطية العديد من الصحفيين، الأمر الذي يؤكده المؤتمر الصحفي الذي لحق العرض.
رسائلٌ تربويّة
وإذا نظرنا إلى فحوى العمل القائم على توجيه العديد من الرسائل للطفل من خلال شخصيات العمل التي أكدت أهمية البعد عن سلوكيات سلبية مثل الكسل والاتكالية وإدمان بعض التصرفات المنتشرة بين الأطفال مثل تناول الأطعمة الجاهزة “كالشيبس” بكميات كبيرة، فإن من البدهي في رأي المخرج “لبابيدي” اللجوء لمعالجة مثل هذا الفعل بطريقة الخدعة التي تمت باستخدام فكرة الشيبس لإثبات ضرره الكبير على صحة الطفل، بناءً على طلب صاحب الشركة نفسها، للقيام بدوره في إيصال هذه الفكرة عبر الفيلم، وفي الوقت ذاته أكد “لبابيدي” ل”تشرين ” أن حضور هذه الشخصية هو من ضمن الفيلم أياً يكن الراعي.
كما أن لحضور شخصية “كابوس” ضمن العمل نوعاً من الفكاهة، وليس الرعب، كما عدّ البعض، لظهور “كابوس” بموقف الضعيف والمهزوز والمثير للضحك أيضاً.
نمطٌ مختلف
تعدّ هذه التجربة الخجولة والأولى من نوعها في سورية مثيرة للجدل لسببين في رأي مؤلف ومخرج العمل “طلال لبابيدي” لكونها تتوجّه للكبار عادة باستثناء بعض التجارب القليلة في العالم، ولإضافة المخرج لمساته الإخراجية على العمل باستخدام “الكروما” أو الشاشة الخضراء، مسوّغاً ذلك بحاجة الطفل إلى عنصر الإبهار البصري، إذ إن الكروما حققت هذه المعادلة بطريقة أو أخرى على حد تعبيره.
كما وصف المخرج “لبابيدي” هذه التجربة بالمغامرة التي تستحق المحاولة، مرجعاً الفائدة الأولى والأخيرة منها لجهة القيم التربوية والأخلاقية المنبعثة من الفيلم، إذ إن لأي شيء في العالم سواء كان مسرحاً أو سينما تجربة أولى، لكن الغريب اليوم في رأي “لبابيدي” هو الهجوم غير المسوّغ والنقد غير البناء اللذان يعودان إلى عدم الاطلاع وضعف الثقافة بهذا الفن، مبيناً أنه بإمكان أي شخص البحث في الإنترنت عن مصطلح “المسرح المؤفلم” ومعرفة شروطه وطرق العمل به، وما يسوّغ هذا الفعل في رأي المخرج هو: إما رغبة بعض الشركات المنافسة في العمل بمثل هذا الأسلوب مستقبلاً، وإما الحصول على “التريند” لدى الجمهور وهو أمر موجود، وفي الحالتين يمثل ظاهرةً سلبية لأصحابها