ماذا تعني بنوك الظل ؟.. هل التمويل المستند للسوق يحظى بالشرعية أم أنه مدعاة للريبة والقلق ؟

قد تعمد بعض الفعاليات التجارية والاقتصادية إلى إقراض بعضها البعض بشكل مباشر أو عبر اتفاقات فردية وقد تكون جماعية ..لكنها بالمجمل تكون بعيدة عن القنوات المصرفية المعتادة نتيجة شراكات اقتصادية أو تبادل مصالح وفق ما يصطلح على تسميته التمويل المستند للسوق وقد يقوم البعض بتحويل الحوالات عبر المعارف والأصدقاء والسؤال هل هذا النشاط الإقراضي أو المالي يحظى بالشرعية أم أنه مدعاة للريبة والقلق ؟
مصطلح “بنوك الظل” واحدا من أكثر المصطلحات شيوعا وانتشارا في الأدبيات الاقتصادية العالمية، لكنه شيوع وانتشار بنكهة من السلبية الممزوجة بالقلق،ويرى الخبراء الاقتصاديون أن الاسم في حد ذاته يحمل في طياته شعورا بعدم الارتياح وإحساسا بالريبة. فإذا كانت تلك البنوك شرعية فلماذا تتمسك بالبقاء في الظل، وهل في أنشطتها ما يريب ويدفعها لأن تمارس أعمالها في الظل؟
ربما هذا ما يرد إلى الذهن في اللحظة الأولى لقراءة المصطلح، وربما تحلق الأفكار بالبعض بعيدا فتأخذهم إلى عالم السينما، حيث يجلس شخص ما في غرفة شبه مظلمة مزعجة للنفس، يقوم بإقراض الآخرين مستغلا احتياجاتهم المالية الملحة، ويفرض عليهم في الوقت ذاته أسعار فائدة مرتفعة للغاية، لكن لا بديل أمامهم غير التعامل معه، لأنهم – باختصار – لا يستوفون شروط الحصول على قرض بنكي.
يرى الخبير الاقتصادي أنس نغنغ أنه حسب الدراسات والتحليلات الاقتصادية المنشورة بالطبع بنوك الظل أعقد من ذلك بكثير، والمصطلح لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالشرعية أو عدمها، إنما هي مؤسسات تعد جزءا من النظام المالي، تؤدي وظائف شبيهة بوظائف البنوك مثل الإقراض، لكن لا تطالب بالضمانات ذاتها.
وظهر المصطلح ، للإشارة إلى المؤسسات غير المصرفية التي تشارك في أنشطة مصرفية مع تدقيق أقل من جانب المنظمين، على الرغم من أن كثيرا من العاملين في هذا القطاع يفضلون مصطلح “التمويل المستند إلى السوق”، إلا أن المصطلح الأكثر انتشارا بالعالم هو بنوك الظل.
من المؤكد أن الائتمان أو الاقتراض خارج النظام المصرفي ليس من الظواهر الحديثة، إذ وجد دائما مرافقا للبنوك، حتى وإن باتت المصارف العمود الفقري للتمويل الاقتصادي، فقد أدخلت الحكومات قواعد لحماية مدخرات المواطنين، وكبح جماح البنوك والحد من المخاطرة بهدف تحقيق مزيد من الأرباح، وربما شجع ذلك مؤسسات “غير بنكية” على الدخول إلى عالم الإقراض والتمويل، مع تقديم أسعار فائدة أعلى من البنوك وشروط إقراض أيسر.
من جانبه، يقول الخبير المصرفي أنس نغنغ ، “إن بنوك الظل كأي عملة لها وجهان، وغالبا ما ينصب الانتقاد على المؤسسات المالية غير البنكية التي تقوم بعمليات إقراض، ويتم غض الطرف عن الصعوبات والقيود الموجودة في النظم المصرفية الدولية أو المحلية التي لا تساعد الشركات على الاقتراض من القنوات الرسمية”.
ويضيف “الشركات الصغيرة التي تعجز عن الوصول إلى الائتمان المصرفي جزء من المشهد، وتعد ضمن القوى التي تعزز بنوك الظل، فالبنوك عادة تطلب ودائع لمنح القروض، لكن بنوك الظل ربما لا تطلب تلك الضمانات، كما أن بنوك الظل لا تعد منبوذة من النظام المصرفي، فالعلاقة بين القطاع المصرفي المنظم وبنوك الظل قائمة عبر الاقتراض من صناديق رأس المال أو المعاملات المشتقة في صناديق التحوط، ولذلك فإن تلك العلاقة بين الطرفين لا تمثل خطرا في الظروف الاعتيادية، لكن تكون شديدة الخطورة في أوقات الأزمات”.
إحدى المشكلات التي تواجه الخبراء عند التعامل مع تلك القضية، تتعلق باتساع نطاق المؤسسات التي تدخل ضمن دائرة بنوك الظل، فهي تشمل الوسطاء وغرف المقاصة والصناديق وصناديق الاستثمار وأدوات التمويل، وعمليات الرهونات وما يعرف بالإقراض من نظير لنظير، أي أن تقرض شركة شركة أخرى، بل واتسع نطاق التعريف أخيرا ليشمل تجارة الأعمال الفنية.
وتقوم بدور في المزادات الكبرى، بإقراض عملائها ملايين الدولارات لشراء التحف الفنية لضمان استمرار ازدهار الأسواق، ورغم اتساع نطاق المؤسسات التي تقع ضمن بنوك الظل فإن للاسم قناعات غير إيجابية بحيث لم تنجح محاولة مجلس الاستقرار المالي في إعادة تسمية جميع تلك المؤسسات باسم “وسطاء ماليون غير بنكيين” بدلا من بنوك الظل.
ويبرز التحدي الأكبر في قضية بنوك الظل في أنها في الوقت الذي تساعد فيه على النمو الاقتصادي، توجد حالة من عدم الاستقرار المالي، فزيادة إجمالي رأس المال الذي يمثل وعاء يمكن للمقترضين في أي نظام اقتصادي الاقتراض منه أمر مفيد اقتصاديا، حيث يسمح بتوسيع النشاط الاقتصادي. ولا شك أن زيادة الحاجة إلى رأس المال وعدم قدرة البنوك على توفير تلك الاحتياجات كافة، يحدان من هذا التوسع الرأسمالي، وهذا يحفز نشاط المقرضين غير البنكيين.

وأوضح نغنغ الخبير المصرفي “المشكلة تبرز في أن كثيرا من هؤلاء المقرضين غير البنكيين يقومون بعملية الإقراض دون أن تكون لديهم مصادر تمويل مستقرة، كما أنهم غالبا أقل تحوطا ضد المخاطر الدولية مقارنة بالبنوك، كما أن عملية الإقراض خارج الإطر البنكية الرسمية تزيد من المعروض من رأس المال ومن ثم تسهم في رفع معدلات التضخم”.
ويعتقد نغنغ أن بنوك الظل تعاني مشكلات رئيسة عندما تتعرض الأسواق للضغط، فاغلب بنوك الظل “غير مهيكلة” والإطار التنظيمي لها يتسم بدرجة عالية من عدم التنظيم في هيكل واحد، ولذلك في فترات انخفاض السيولة وعمليات السحب المالي الكبيرة لا تستطيع مواكبة تلك التحديات وتصاب بالارتباك.
ويضيف “كما أنها لا تمتلك الخبرة في التعامل مع فترات ضعف شروط الائتمان، لأنها في الأساس ليست مؤسسات إقراض، إنما تقوم بأنشطة مالية أخرى، يضاف إلى ذلك أن قنوات تنوع الأرباح لديها لا تتمتع بالتنوع كما هو في النظم البنكية، ولذلك تصاب بخسائر كبيرة عندما تتدهور الأنشطة الرئيسة التي تتعامل فيها”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
حفرت اسمها بإزميل من الصبر.. الأديبة ميرفت علي: من حقِّ أيِّ كاتب أن يتبع أهواءَه في التجنيس الأدبي العمل الحر عبر الإنترنت يصل إلى 12% من سوق العمل العالمي ويوظف نحو 435 مليون شخص حول العالم خلال تأديته اليمين الدستورية رئيساً لولاية جديدة.. الرئيس بوتين: روسيا ستستمر في تشكيل عالم متعدد الأقطاب مجلس الشعب يبدأ أعمال دورته الـ 12.. عرنوس يقدم عرضاً حول ما نفذته الحكومة خلال الفترة الماضية.. صباغ: العمل في مجلس الشعب والحكومة متكامل كل حسب دوره اتحاد الكتاب العرب في سورية ينعى رئيس الاتحاد الأسبق الدكتور نضال الصالح حرفيو درعا يطالبون بمدينة صناعية واستكمال المناطق الصناعية المقررة وتخفيض الضرائب مجلس الوزراء يناقش مشروع صك تشريعي بمنح طلاب الدراسات العليا في كليات الطب تعويض طبيعة عمل 100 بالمئة مرسومان يقضيان بإنهاء التعيينات السابقة لأعضاء القيادة المركزية الجدد رفح وورقتها الخاسرة .. مشهد مفتوح على جميع الاحتمالات.. كيان الاحتلال يسير بمحوره على حافة الهاوية: «هذه حدود قوتنا» مشاركة سورية في بطولة اليوم الواحد لأم الألعاب