الزراعات العضوية نظام متكامل للحصول على منتج آمن

بينت الدكتورة غاده قطمة الباحثة في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، والمدربة في مجال الزراعة العضوية ونظام الـ GAP أن مفهوم الزراعة العضوية نظام زراعة متكامل، يُعنى بالحصول على منتج آمن وسليم مع الحفاظ على مكونات النظام البيئي للمزرعة (هواء، تربة، مياه) والتقليل ما أمكن من استخدام مدخلات من خارج المزرعة، فالفرق بينه وبين نظام الزراعة التكثيفية الذي يستند إلى استخدام الكيماويات في التسميد والمكافحة، أن هذا النوع من الزراعة يعالج أي مشكلة تواجه المزارع خلال سلسلة الإنتاج بشكل آني ومنفصل عن بقية السلسلة، على سبيل المثال في الزراعة التكثيفية يتوجه المزارع لتغذية النبات بالسماد الكيميائي بشكل كبير، لأن تركيزه على الإنتاج والربح فقط، ما يتسبب بتدهور مواصفات وخصائص التربة، بينما في نظام الزراعة العضوية فإننا نهتم بتغذية التربة والمحافظة على حيويتها، وهي بدورها تقدم كل ما يحتاجه النبات للنمو والإنتاج، وتالياً نظام الزراعة العضوية له أثر مستدام بينما التكثيفي أثره آني.
وفيما إذا كان نظام الزراعة العضوية يخضع لرقابة أكثر، ويحصل المستهلك على ضمانات أكثر في الحصول على غذاء سليم ؟ بينت المهندسة بدور منصور رئيسة دائرة الإنتاج العضوي في مديرية زراعة حلب أنّ نظام الزراعة العضوية وغيره من نظم الزراعة الحديثة كالـ GAP (الممارسات الزراعية الجيدة) يقوم على مراقبة كل سلسلة الإنتاج من الزراعة، وحتى توضيب المنتج بالشكل المطلوب في السوق، ونظم الزراعة هذه تكون مرفقة بشهادة من جهة معتمدة، توثق أن المنتج تم إنتاجه وفق شروط الزراعة العضوية وتضع هذه الجهة لوغو أو شعاراً على لصاقة تعريف المنتج ليستدل المستهلك على المنتجات العضوية المعروضة في السوق.
وأشارت د. قطمة إلى أن الزراعة العضوية ملاذ آمن لمواجهة أزمة الأمن الغذائي لكون ممارسات الزراعة العضوية (من تسميد وإدارة آفات وحراثة وغيرها) تعتمد على التقليل من استخدام مدخلات من خارج المزرعة، والتقييد الكبير لاستخدام المواد الكيمائية لذلك فإن المنتج الغذائي سيكون أكثر قيمة غذائية، والأثر المتبقي للمواد الكيميائية فيه سيكون معدوماً أو بحدوده الدنيا، وبالتالي سيكون غذاء أكثر سلامة في وقت انتشر فيه الكثير من الأمراض المزمنة والمستعصية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في ظروف التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة العربية (ارتفاع حرارة، انحباس أمطار فترة طويلة، جفاف) فإن نظم الزراعة المستدامة تقلل من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة)، كما أنها تضمن استدامة إنتاج أفضل لكون النباتات تعتمد في الزراعة العضوية على المخزون وليس على عمليات الخدمة الآنية فقط، وأنه في هذه الممارسات تقوية للنبات واختيار الصنف والنوع الملائم للزراعة والمنطقة منذ البداية وبشكل مدروس لتقليل المخاطر، لذا يُنصح بالتوجه لهذا النمط من الزراعة في مواجهة التغيرات المناخية، ولهذا السبب تركز الاهتمام في العالم في السنوات الأخيرة على إيجاد نظم زراعة مستدامة تواجه التغييرات الحاصلة في المناخ ومشكلة انخفاض الإنتاج وعدم مواكبته لازدياد عدد السكان في العالم.
وفيما إذا كانت الإمكانات متوافرة في سورية لتحقيق شروط الإنتاج العضوي في الزراعة، وأهمية ذلك لمستقبل المنتجات الزراعية؟
بينت المهندسة بدور منصور أنه في بعض المحاصيل والمنتجات الزراعية يمكن التحول بسهولة بسبب أن المزارع في كثير من الأحيان لا يضيف أي أسمدة كيميائية، ولا يكافح الإصابات الحشرية والمرضية أو يستخدم الأعداء الحيوية للمكافحة، كما في بعض الآفات التي تصبب القطن، وهنا سيكون اتباعه لنظام الزراعة العضوية أسهل ومربحاً أكثر لكون المنتجات العضوية تباع بسعر أعلى وفرصتها للتسويق والتصدير أكبر، لذا ينصح في البداية بالتحول لنظام الإنتاج العضوي في إنتاج المحاصيل الأكثر آماناً في التحول، والأقل تكلفة والتي يزداد الطلب على استهلاكها عالمياً كالزيتون والقطن وبعض الخضار الورقية ما يحقق هامش ربح أكبر وترويجاً أفضل لمنتجاتنا الزراعية في الأسواق الخارجية، وقد أثرت ظروف الحرب والحصار المفروض على سورية في تطبيق نظام الزراعة هذا والتوسع فيه إذ بقي العمل محدوداً ومقيداً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار