مستقبل أمريكا والصراع على الموارد الاقتصادية

تسعى دول” الناتوNATO “ لتصعيد حرب النفط والغاز وبشكل ينسجم مع الحرب على الأرض الأوكرانية بين تمدد “ الناتو “ للإحاطة بروسيا ومحاصرة الصين و إيران وسورية وغيرها ، فهل بدأت حرب الموارد وخاصة النفط والغاز والمنتجات الزراعية والصناعية وغيرها ، فهل يمكن القول إننا عدنا إلى القرن التاسع عشر بخصوص “ الصراع على الموارد “ فهل الصراع على الموارد هو الكلمة السرية لما يجري حالياً على الساحة العالمية حتى بدا العالم وكأنه على صفيح ساخن ، وسيواجه العالم خلال سنة /2022/ تداعيات تذكرنا بأزمة الكساد الكبير سنة /1929/ والتي أعقبت الحرب العالمية الأولى ومهدت للحرب العالمية الثانية ، ونتجت عنها تداعيات كبيرة وعلى كل الصعد ( الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية ) وغيرها، وخاصة أننا بدأنا نتلمس بدايات ارتفاعات كبيرة في الأسعار وخاصة في حوامل الطاقة والسلع الغذائية والسلع الأخرى ولا سيما الغذائية ، فقد ارتفع سعر برميل النفط في اليوم الأول من حرب الناتو ضد روسيا إلى حدود /103/ دولارات وأول مرة يتجاوز سعر /100/ دولار منذ سنة /2014/ وحالياً تجاوز /118/ دولاراً وسيستمر بالزيادة مستقبلاً مادامت الحرب ( الناتّوية ) مستمرة ، وسترتفع الأسعار بسبب عدم تلبية الطلب من ( النفط والغاز والسلع الزراعية ) وغيرها عن الطلب الإجمالي ، وتالياً تتشكل فجوة تسويقية ستؤدي إلى ارتفاع مباشر في الأسعار ،وستنعكس على العالم وسيتأثر سلباً بها وخاصة الدول والفئات الفقيرة والمهمشة ، وهذا تأكيد لما شهده العالم بأكمله من أن دول الأطلسي هي المسببة لكل الأزمات العالمية، وبالتأكيد ستستخدم روسيا حقوقها المشروعة للدفاع عن وجودها وفي مقدمة ذلك الدفاع عن نفسها وتسخير مواردها لذلك ، وقد قدرت ( الوكالة الدولية للطاقة ) بأن حاجة السوق العالمية مثلاً من النفط هي أكثر من /101/ مليون برميل يومياً لسنة /2022/ ، أي بزيادة قدرها أكثر من /5/ ملايين طن يومياً عن سنة /2021 / ؟ ، أي إن الأسواق العالمية كلها مضطربة وهي في حالة( عدم يقين) وخاصة أن روسيا من أكبر الدول المصدرة للنفط والغاز، وبدأنا نشهد تضاعف مؤشرات التضخم مثلاً في الدول الكبرى ، فقد تضاعف معدل التضخم في أمريكا أول مرة منذ /40/ سنة أي منذ سنة /1982/ إلى الضعف حسب مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وارتفعت أسعار الغاز بشكل لم تشهده سابقاً ، والفرصة متاحة أمام روسيا للضغط على دول الناتو بأكملها ، فهي تعد من أغنى الدول في احتياطيات الغاز الطبيعي وهي الدولة الأولى في تصدير الغاز وبنسبة /24%/ من التجارة العالمية ، وتستورد أمريكا يومياً بحدود /800/ ألف برميل نفط ، كما أخفقت الدول الغربية في إيجاد بديل عن الغاز الروسي، وخاصة مع عدم قدرة دول الشمال الأوروبي ( النرويج- الدانمارك – هولندا ) و (الدول الخليجية والجزائر وأذربيجان ) وغيرها على التعويض عن النقص الناجم عن تراجع الإمدادات الروسية، ولا سيما أن روسيا تؤمن بحدود /40% / من الاحتياجات الأوروبية من الغاز وبحدود /2،3/ ملايين برميل نفط يومياً ، كما فشلت دول الناتو في الضغط على منظمة ( أوبك بلاس +) لزيادة إنتاجها وصادراتها لأسباب تتعلق بالطاقة الإنتاجية والخدمات الإنتاجية واللوجستية وتوازنات القوة العالمية ، فهل تستخدم روسيا ورقة الغاز لمضايقة أوروبا التي نكثت بكل العهود والمواثيق والاتفاقيات، وأكثر الدول المتضررة هي الدول الأوروبية بشكل عام وألمانيا بشكل خاص، وقد تجسد هذا في ارتفاع أسعار كل السلع في الدول الأوروبية وتضاعف سعر بعضها في أسواق برلين .

إن الوقائع تؤكد أن أمريكا لم تعد ( سيد العالم ) تتحكم بموارده وتهيئ المنظومة السعرية المناسبة لها ، وما يجري على الأرض الأوكرانية هو من تداعيات ما يجري على الأرض السورية منذ 15/3/2011 ، وستزداد التداعيات الاقتصادية السلبية مستقبلاً مع ازدياد بؤر التوتر العالمية ، ونحن على يقين بأن العالم لن يصل إلى حرب عالمية ثالثة ليس بسبب أخلاقية دول الناتو بل بسبب توازن( الرعب النووي ) ، ومن هنا فإننا متأكدون من أن هذا المشهد سيتكرر بعد انتهاء هذه الحرب ونقصد بذلك عندما تبدأ الصين بوضع الإجراءات لعودة ( تايوان ) إلى الصين تحت شعار ( صين واحدة ) ، كل ما يجري يؤكد أن لعلم الاقتصاد قوانينه الموضوعية والتي بموجبها يحدد المعادلات السياسية والعكس ليس صحيحاً، فالقوة الاقتصادية هي الأساس المادي لكل أنواع القوى الأخرى ، وستتراجع أوروبا عن تهديداتها، ونتلمس معالم تكون نظام عالمي جديد ومع مؤشرات تؤكد انتقال مراكز القوة من الدول الغربية إلى الشرق ، والأيام القادمة ستكون شاهداً على ذلك ، وسيكون الموقف الأمريكي من تايوان شبيهاً بموقفه من طلبات الرئيس الأوكراني بتدخل حلف الناتو ، إنها ثقافة الناتو ثقافة القتل والتوريط وزيادة بؤر التوتر العالمية واستغلالها ومن ثم الانسحاب وبما يتناسب مع موازين القوة التي تتغير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار